يتكرر مسلسل حصار وتهجير السكان المدنيين في قرى بلاد الوافي، غرب محافظة تعز، وسط اليمن، بسبب اتساع المواجهات المسلحة.. موجة نزوح غير مسبوقة شهدتها قرية تبيشعة وما جاورها، بعد عملية تفجير المنازل، وإنذار المليشيات الانقلابية للسكان بإخلاء المساكن وطلب الرحيل. تقول الحاجة أم عبد القوي:"بيتنا تعرّض لإطلاق النار، فخرجنا منه فوراً ولم أتمكن من إخراج سوى علبة مليئة بحاجياتي المهمة فقط". ويعد سكان قرية تبيشعة من بين السكان الأكثر معاناة في قرى المنطقة الإحدى عشر البالغ عددهم ثلاثة آلاف وخمسمائة إنسان تقريباً.. ويكشف تقرير حقوقي حديث عن انتهاكات مارستها جماعة الحوثي وقوات المخلوع صالح بحق المدنيين من أهالي قرى عزلة بلاد الوافي جبل حبشي. بعد أن أطبقت حصاراً محكماً على قرى ضمن تجمع المنطقة، بعد قطعها طريق الرمادة التي تربطها بمدينة تعز وقرى هجدة المجاورة. التقرير الحقوقي أشار إلى أن أغلب ضحايا الانتهاكات التي مارستها مليشيا الانقلاب خلال الفترة 17 فبراير إلى 2 مارس2017م بحق أهالي القرى تلك هم من النساء والأطفال. وأوضح التقرير- حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه- أن هذه الانتهاكات حدثت في الحرب التي شنها الحوثيون وقوات الحرس الجمهوري التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح على بحق تلك القرى. انتهاكات متنوعة التقرير الصادر عن التكتل الوطني للتنمية في محافظة تعز أكد أن أكثر من (1410) انتهاك بحق المدنيين غالبيتهم من النساء والأطفال ضمن الانتهاكات التي ارتكبها الحوثيون وقوات الحرس الجمهوري التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح خلال 15 يوم. فيما لاتزال الانتهاكات مستمرة في قرية تبيشعة وبقية القرى المجاورة لها في عزلة بلاد الوافي مديرية جبل حبشي محافظة تعز. وتوزعت الانتهاكات، وفقاً للتقرير، بين تهجير ونزوح، وتوقف وحرمان الطلاب من الدراسة في المدارس، وتفجير وتضرر منازل، وسرقة ونهب ممتلكات، وتلف محاصيل زراعية. نزوح وتشريد ورصد التقرير نزوح 450 أسرة من قرية تبيشعه والقرى المجاورة، "مكائر- وهر- دمه" من عزلة بلاد الوافي مديرية جبل حبشي. منها 287 أسرة من قرية تبيشعة، و73 أسرة من القرى المجاورة، جميعها نزحت إلى داخل مدينة تعز، فيما نزحت 90 أسرة إلى عدة محافظات أخرى خلال 15يوم. وأوضح التقرير أن عدد أفراد الأسر النازحة ل360 أسرة متواجدة في المدينة بلغ 1410 منهم 718ذكور 692 إناث. كما تشير اللجنة الفرعية للإغاثة التابعة لائتلاف الإغاثة الإنساني في تعز، إلى إنّ عدد الأسر النازحة التي وصلت إلى مدينة تعز بلغ 450 أسرة. من بينها 200 أسرة وصلت إلى منطقة الدحي، و55 أسرة وصلت إلى منطقة عقاقة، و50 أسرة إلى بير باشا، وتوزعت الأسر الأخرى على بقية مناطق المدينة. تفجير وإجهاض وإتلاف وبين التقرير تفجير 3 منازل وتضرر 7 أخرى بسبب تفجير المنازل الثلاثة، وإغلاق مدرسة في قرية تبيشعة، وتوقف مدارس أخرى في المنطقة. التقرير أشار إلى حرمان 818 طالب وطالبة من التعليم في المرحلتين الأساسية والثانوية، منهم 343 طالب و308 طالبة في المرحلة الأساسية، و106 طالب و61 طالبة في المرحلة الثانوية. وأفاد باستيعاب 224 منهم في مدرسة اليرموك الواقعة في حي الدحي مدينة تعز. وسجل التقرير حالة إجهاض واحدة، وحالة وفاة لأحد الموطنين بجلطة دماغية، نتيجة تفجير منزل أحد أقاربه. وفيما أشارت التحقيقات الأولية مع المرحلين إلى تلف 24 مزرعة طماطم. كشف التقرير عن نهب 3 منازل و4 دراجات نارية وسيارة واحدة وكسر 2 سيارة. وختم التقرير أنه منذ ترحيل ونزوح سكان القرية وحتى اليوم لا يستطيع أحد الدخول للقرية، بما فيها المنظمات الحقوقية، وأنه لا يعرف أحداً ما الذي تمارسه المليشيات في منازل وممتلكات الأهالي. الصراع على المنطقة ويعد سكان قرية تبيشعة في المنطقة من بين السكان الأكثر معاناة البالغ عددهم ثلاثة آلاف وخمسمائة شخص تقريباً. فهؤلاء وقعوا في قلب المواجهات المسلحة، فتعرضوا لنيرانها، وفجّرت بيوت كثيرين منهم. لتضطر 100 أسرة تقريباً تضم أكثر من 400 فرد نصفهم من الأطفال إلى النزوح خارج القرية تحت تهديد السلاح. وتبرز أهمية بلاد الوافي كونها تتحكم بالطريق الرابط بين محافظة عدن ومدينة تعز التي تسيطر عليها المقاومة الشعبية. وقد فشل الانقلابيون في اقتحامها من تلك الجهة التي تمثل ثالث وآخر منافذ المدينة. كذلك، فإنّ هذه البلاد على مقربة من مناطق عسكرية هامة، وفقاً لما ذكره موقع العربي الجديد، في تقرير له عن المنطقة. سوء الأوضاع بعد أكثر من شهرين من حصار قرى بلاد الوافي، غربي تعز، أقدمت مليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية على اقتحام قرية تبيشعة إحدى قرى بلاد الوافي، وقامت بتفجير 7 منازل. كما قامت بتهجير الأهالي من القرية بقوة السلاح، فنزحت بعض الأسر إلى القرى المجاورة، فيما نزحت عائلات أخرى إلى مدينة تعز واستقرت في مدرستي اليرموك و26 سبتمبر، غرب مدينة تعز، اللتين تحولتا إلى مراكز إيواء. يفيد المواطن علي الوافي أن تاريخ الصراع في هذه المنطقة بدأ منذ عام بعد هزيمة جماعة الحوثي في حربها في جبهة المسراخ الملاصقة لمنفذ مدينة تعز الجنوبي الغربي وعجزها عن اختراقها بشكل متكرر العام الماضي، لتبدأ التحرك في مناطقهم. ويشير إلى أنّ مليشيا الحوثي لجأت إلى ضرب حصار على قراهم بعد معارضة بعض السكان المتضررين عسكرة المنطقة وتعريضها لخطر امتداد الحرب إليها. وظل يعاني سكان بلاد الوافي، التي تضم 20 ألف نسمة، من انحسار شبه تام للخدمات منذ سنوات، ومنها الخدمات الصحية. وقد ساءت أوضاع المنطقة أكثر جراء زيادة الاحتياجات والضغوط على الموارد المحلية المحدودة لنحو 400 أسرة نازحة من مدينة تعز إليها. يقول المواطن عبده عباس من قرية تبيشعة ل"العربي الجديد": "استهدفتني المليشيات مع أفراد أسرتي بشكل مباشر بالرصاص أثناء خروجنا من دارنا". بحسب التقارير الحقوقية تعاني عزلة بلاد الوافي من وضع صحي كارثي، إذ لا يوجد فيها أي مرفق صحي. ما يزيد من معاناة السكان الذين يضطرون لإسعاف المرضى والجرحى عن طريق حمالات ونقلهم عبر الطرق الجبلية الوعرة للوصول إلى مدينة تعز. وسبق لناشطين وحقوقيين مناشدة المنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التحرك من أجل إنقاذ سكان بلاد الوافي من الوضع الذي ظلوا يعيشونه تحت الحصار لمدة ثلاثة أشهر. تهريب الحياة بعد أكثر من شهرين من تشديد مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح الحصار على المنطقة ومنع وصول المواد الغذائية إلى المنطقة، زادت معانات أهالي قرى بلاد الوافي مع الحرب بفعل ذلك الحصار. لم يجد أبناء تلك القرى، حينها، خياراً لفك الحصار عن عزلتهم، إلا شق طرق جديدة في الجبال الوعرة باستخدام وسائل تقليدية. ولجأ السكان لنقل المواد الغذائية عبر الحمير باستخدام طرق جبلية وعرة جداً ومتباعدة. أكثر من 30 ألف مواطن في 11 قرية تتكوّن منها عزلة بلاد الوافي التابعة لمديرية جبل حبشي، اضطروا لاستحداث طرق وعرة في الجبال لنقل المواد الغذائية على ظهور الحيوانات وأكتاف الرجال. عبروا أكثر من 20 كيلومتراً في جبال شاهقة ووعرة من أجل الوصول إلى منطقة بني عيسى في المديرية نفسها التي تتصل بمنطقة الضباب، جنوبي غرب مدينة تعز، والتي تسيطر عليها الشرعية وتُعتبر المنفذ الوحيد الذي يمدهم بالمواد الغذائية. وكانت المليشيات الإنقلابية قد أغلقت المنافذ الرئيسية التي تربط قرى عزلة بني الوافي بمنطقة هجدة الواقعة على الخط الغربي الرابط بين محافظتي تعز والحديدة بشكل نهائي، وبدأت بفرض الحصار على القرى، ما جعل المواطنين يلجأون إلى استحداث طرق فرعية في الجبال لا تخلو من الخطورة.