شهدت العلاقات الدبلوماسية الموريتانية القطرية نهضة وتقدما كبيرين بعيد وصول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز للسلطة في انقلاب عسكري يوم الثامن من يونيو 2008، حيث تقرب الرجل كثيرا في نظر المراقبين من القادة القطريين، وقام بطرد السفير الإسرائيلي حينها من نواكشوط تلبية لطلب قطري، بهدف لفت انتباه الرأي العام العربي إلى رغبة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في تلك الفترة للضغط على الإسرائيليين إبان حرب غرة وظلت العلاقات بين (موريتانياقطر)، تتطور وتنمو لتصل إلى مفترق طرق حين ما أدركت موريتانيا الدور الريادي للقطريين في تحريك الشارع العربي وتأليبه على الحكام عبر قناة الجزيرة وبالشراكة مع منظمات أهلية تتلقى تمويلا قطريا وتدريبات أميركية على الحرب الناعمة. بداية التوتر...
بدأت أولى بوارد التوتر الدبلوماسي بين موريتانياوقطر إبان اندلاع الثورات العربية، وخاصة أيام الحرب الليبية التي أظهرت رغبة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، رئيس وفد الوساطة الإفريقي في الحل السلمي وعودة أطراف الأزمة إلى طاولة المفاوضات، بينما كانت قطر تقود زعامة الحرب من الناحية اللوجستيكية والإعلامية، وهو ما جعل القطريين يوصلون رسائل مشفرة لموريتانيا عبر قنوات متعددة ليبلغوها بانزعاجهم من القرار، غير أن القيادة الموريتانية واصلت جهودها لحل الأزمة الليبية بشكل سلمي، لكن علاقاتها بقطر ساءت وتعقدت ثم انهارت في الأخير.
ولم ينته توتر علاقات البلدين عند هذا الحد بل، تزايدت وتيرته وتعددت أساليب عدم التعاطي بين موريتانياوقطر، حتى وصلت حسب محللين إلى مرحلة الانسداد لتكون زيارة الأمير القطري حمد بن خليفة آل ثاني خاتمة لمرحلة من العلاقات بين البلدين.
انهيار مفاجئ..
لم تكن وسائل الإعلام على دراية واسعة بأن علاقات موريتانيا بالدوحة ستنهار بشكل مفاجئ مع وصول الأمير القطري حمد بن خليفة آل ثاني للعاصمة نواكشوط، لتبث وسائل الإعلام المحلية والدولية، دخول الطرفين مشادة بسبب تدخل الأمير القطري في الشؤون الداخلية لموريتانيا، ودعوته إلى إحداث إصلاحات ديمقراطية في موريتانيا، والتقرب أكثر من التيار الإسلامي.
أثار الموقف حفيظة الرئيس الموريتاني الذي رد منفعلا، لأن الشأن الداخلي لموريتانيا ينبغي أن يبقى بعيدا عن الآخرين ولا علاقة لهم به، منهيا بذلك الزيارة التي بدأت بالحفاوة وانتهت بتوديع باهت وعلى عجل.
انفعال على أمير قطر بالهجوم على قطر والتعبير عن التضامن مع بشار الأسد قائلا إن الشعوب لا تعرف ما تريد
مخاوف من تصدير الثورة يرى مراقبون أن التوتر الحاصل بين موريتانياوقطر له عدة أسباب وجيه بالنسبة للموريتانيين في أولها مخاوفهم من كموح القطريين، إلى تصدير الثورة لموريتانيا، وتوجيه قناة الجزيرة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في موريتانيا، وخاصة بعد انزعاج قطر من موقف موريتانيا تجاه نظام الأسد ورفضها لطلب الأمير بالمساعدة في الضغط عليه وحمله على التنازل.
ونشرت الصحافة آنذاك أن نصائح تلقاها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز من جهات أمنية في دولة عربية تربطها علاقات أمنية وثيقة بالأمن الموريتاني هي التي هيأت الأرضية لعدم تقبل الرئيس الموريتاني نصائح الأمير القطري المتعلقة بالانفتاح الديمقراطي على القوى السياسية الموريتانية بما فيها التيار الإسلامي.
وحذرت تلك الجهات الأمنية موريتانيا من خطورة الدور القطري في الدفع باتجاه التغيير، وجر موريتانيا إلى مربع الثورات التي يرعاها القطريون في المنطقة العربية.
وقال الصحفي الموريتاني سيدي ولد عبد المالك، إن التوتر بين موريتانياوقطر يرجعه العديد من المراقبون إلى الدور الذي لعبته قطر في صنع الثورات العربية و إسقاط أنظمة حليفة ومقربة من نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز كنظام العقيد الراحل معمر القذافي في ليبيا.
وأضاف ولد عبد المالك في تصريح لمراسل "عربي برس"، إن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، لديه مخاوف كبيرة أن تجتاحه رياح التغيير، خاصة في ظل تصعيد المعارضة السياسية لخطابها الذي أصبح يدعوا صراحة لقلب نظام الحكم من جهة، ومن جهة أخرى فشل الحوار السياسي الذي دعا له ولد عبد العزيز مع أطراف سياسية من المعارضة في خلق مناخ سياسي هادئ و مطمئن للنظام.