المحرر السياسي : لكل زمان دولة ورجال.. هذا مايقوله بصراحة لسان حال الواقع .. حيث بدأ الحوثيون يظهرون كقوة فكرية وسياسية وشعبية يمنية جديدة آخذة بالتصاعد والتوسع والانتشار في شمال وجنوب اليمن على حساب قوى قبلية ودينية (تقليدية) ظلت لعقود من الزمن هي المسيطرة على البلاد وعلى الحكم والثروة وساعدتها على مد نفوذها النظام اليمني السابق - حكم علي عبدالله صالح - الذي دعمها على التوسع على حساب قوى الحداثة والمدنية الوطنية والقومية ونقصد بها هنا احزاب البعث والناصري والاشتراكي والتيارات المحسوبة على ال حميد الدين التي عمل على ضربها وتدميرها من خلال تفريخها الى عدة كنتونات وكيانات هزيلة لافساح المجال لهذه القوى (الاخوان المسلمين وقبيلة حاشد) التي ينتسب لها صالح . ومثلت احداث او ازمة او ماتعرف بحركة التغيير 11فبراير 2011م الممتدة من رياح الشمالية الغربية (تونس) لتضع حدا لنظام صالح ومعه تلك القوى التقليدية التي للاسف ركبت (موجة11فبراير) لتضع لها موطئ قدم في يمن مابعد الرئيس علي عبدالله صالح .. ولكنها لم تصمد امام قوى سياسية جديدة صاعدة وهم (الحوثيون) وحدهم هم من وضعوا حدا لهذه القوى وبدؤا محاصرتها .. وكسروا شوكتها في عقر دارها في حوث معقل راس القبيلة (حاشد) .. وحققوا معادلة وخارطة سياسية جديدة في الساحة بالقوة , وكسبوا تعاطفاشعبيا كبيرا ليس ايمانا بمعتقدهم وفكرهم وانما نكالا بآل الاحمر وبتلك القوى التقليدية (الاخوان) .. ورفضا للاستعلاء والتكبر والظلم الذي مارسته وذاق مرارته الشعب اليمني طويلا .. وحبا في التغيير . والحوثيون اليوم مطالبون اذا ماارادوا البقاء والصعود للحكم بإعادة النظر في خطابهم الديني والفكري والسياسي والاعلامي وان يدركوا انهم لم يعدوا يخاطبون شريحة اجتماعية اومذهبية معينة ,وانما مع كافة شرائح وطوائف المجتمع اليمني , وان يستفيدوا من اخطاء تلك القوى (التقليدية) ومن نقمة الناس منها ومن آل الاحمر وشريحة محدودة من قبيلة (حاشد) التي ذهبت كدماج ضحية مطامع وسياسات متعجرفة ل الاخوان المسلمون (الاصلاح) .. كما ان الحوثيين مطالبون بتغيير اسلوب تعاملهم وخطابهم بما ينسجم وكافة الوان الطيف السياسي والمجتمعي في اليمن .. والتخلي عن شعار الصرخة (الطائفي) وتغييره بشعار شعبي وطني وقومي يتناغم وكافة التوجهات الفكرية والسياسية والعقائدية في اليمن ,مالم فإنهم سيجدون انفسهم يوما معزولين عن الشعب . ** نظرة موجزة لقبيلة حاشد وآل الاحمر قبل وبعد الاطاحة بالرئيس علي عبدالله صالح : كان الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر -رحمه الله- حكيما وسياسيا محنكا استخدم الاخوان المسلمين (الاصلاح) ورقة دينية وسياسية في تعزيز نفوذ القبيلة (حاشد) داخل الدولة طيلة العقود الماضية من حكم اليمن من خلال دعمها للرئيس اليمني الحاشدي السابق علي عبدالله صالح حتى وفاته -رحمه الله- . وبعد وفاته تغيرت المعادلة تماما حيث حصل العكس فالاخوان المسلمين في التجمع اليمني للاصلاح ردوا للشيخ المرحوم - الصاع صاعين - ونجحوا في استخدام اولاد الشيخ عبدالله الاحمر على راس قبيلة حاشد ورقة سياسية ضاغطة في مواكبة رياح التغيير في تونس للاطاحة بحليفهم السابق علي عبدالله صالح من السلطة في 2011م وفي القضاء على مقومات دولة بكاملها بعد حصولهم على دعم مالي كبير من دويلة قطر وكان لهم الدور الابرز في تفكيك وتدمير بنية الجيش اليمني تحت مايسمى ب اعادة (هيكلة الجيش والامن ) ..!! .. بدءا بماكان يصنف بثالث اكبر قوة في الوطن العربي (قوات الحرس الجمهوري) الذي كانت تحت قيادة نجل الرئيس علي عبدالله صالح من قبيل الحقد والانتقام التي تجلى بوضوح في شخصية القيادي الاخواني البارز نجل الشيخ عبدالاحمر -رجل الاعمال حميد الاحمر- الذي كان واخوانه بلا شك اول من اكتوون بنيران (هيكلة الجيش والامن) في صعدة ومناطق مختلفة في القبيلة نفسها (حاشد) حينما طلبوا من الدولة فرض قوتها ونفوذهاوهيبتها في تلك المناطق التي سيطر عليها الحوثيون . بالتأكيد- عبثا مايطلبون من دولة -فقدت كل شيئ - واصبحت بلا جيش وامن قوي كماكانت قبل عام 2011م . هكذا استخدم الاخوان المسلمين اولاد الشيخ الاحمر وقبيلة حاشد في خوض حروب مدمرة وخاسرة كما استخدموا من قبل طلاب العلم (السلفيين) في دماج وتسببوا في اخراجهم من مساكنهم . وللانصاف لقبيلة حاشد .. فإنها قبيلة يمنية كبيرة وقوية لم تشارك معظم فروعها في تلك الحروب الخاسرة ولامن قبل في الاطاحة بنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح . حيث افرزت ازمة 2011م انقساما كبيرا داخل قبيلة حاشد .. قسم ظل بجانب الرئيس صالح وهو الاكبر بزعامة اولاد المرحوم مجاهد ابوشوارب - صقر حاشد واسد الثورة اليمنية -كما يصفه ابناء القبيلة ورفاقه الثوار لكنه في الحقيقة والواقع كان يمثل مرجعا وطنيا وقبليا لكافة القبائل اليمنية من صعدة شمالا حتى المهرة وسقطرة جنوبا . والقسم الآخر ركب موجة مايسمى ب (ثورة التغيير) التي لم تطح فقط بالرئيس علي عبدالله صالح وحسب وانما بدولة وجيش وقبيلة حاشد بأكملها .. بالنظر لنتائج الحروب الاخيرة في صعدة وعمران (حاشد) . ونحن هنا لسنا مدافعين على الحوثيين ولا نشمت بأحد لان الطرفين المتقاتلين هم في الاخير يمنيين واخوة .. بقدر ما نحث اخواننا اولاد الشيخ المناضل الوطني الكبير المرحوم / الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر على ان يعيدوا النظر في سياساتهم وتعاملهم وعلاقتهم مع الناس وان لايكونوا اوراقا بيد اي قوى سياسية او دينية مستقبلا وان يعملوا على اعادة ثقة المجتمع بهم .. وان يقومون بإجراء تقييم فوري لعلاقاتهم المجتمعية وتقويم اي اعوجاج واصلاح اي اخطاء واختلالات وان يعززوا ماهو ايجابي .. هذه نصيحة صادقة لله والتاريخ . ** نظرة موجزة لقبيلة حاشد : قبيلة حاشد من قبائل همدان هي أكثر القبائل نفوذاً سياسيا في الجمهورية اليمنية منذ سقوط الملكية عام 1962 وبعد الوحدة اليمنية .. يتزعمها صادق الأحمر ابن الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وتشكل هي وقبائل بكيل قسمي قبائل همدان اليمنية من عصور قديمة. وتنحصر قبائل همدان في البطنين : حاشد وبكيل ، وحاشد وبكيل هما ابنا جشم بن حُبران بن نوف بن بَتَع بن زيد بن عمرو بن همدان .. ويوجد قبر كل من حاشد وبكيل في منطقة ( خيوان ) . حاشد قبائل كثيرة ووفق بعض التقديرات فإن المسلحين التابعين لمشايخهم في اليمن يقاربون الثلاثمائة ألف مسلح أما أعدادهم ككل فلا توجد إحصائية بشأن كذلك ولكنهم يقتربون من خمسة إلى سبعة ملايين نسمة (مع بكيل) حاشد هو قسم تنتمي إليه قبائل عديدة داخل وخارج الجمهورية اليمنية بداخل الجمهورية توجد قبائل آل كثير والجوابر في حضرموت ولكن مشيختهم منفصلة وبالخارج قبيلة يام وآل مرة والعجمان ولكن لهم مشيخات مستقلة ولا يتبعون صادق الأحمر في صنعاء. وتمتد أراضي القبائل الهمدانية – حاشد وبكيل – في المساحة الممتدة شمال صنعاء حتى صعدة ، وما بين الجوف شرقاً وتهامة غرباً ، وتقع أكثر مناطق (بكيل) شرق الخط (الطريق الأسفلتي) ما بين صنعاء وصعدة ، فيما تقع (حاشد) غرب الخط .. وهناك تداخل فيما بين مناطق القبيلتين قائم في أكثر من منطقة . ومن قبائل ( همدان ) في حضرموت (آل كثير ) ومساكنهم بين شبام وسيئون ، وهمدان الشام ( صعدة ) ، وهمدان الجوف ، وعزلة همدان في ملحان ، وهمدان صنعاء . في عام 1918م آلت السلطة كاملة في صنعاء إلى الإمام يحيى بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى وخروجها من اليمن، وكان أول صدام م*** بين الإمام يحيى وقبيلة (حاشد) أكبر الداعمين له ضد الأتراك ، بدأت المواجهة المباشرة بين الإمام يحي وبين قبيلة (حاشد) بقيادة الشيخ/ ناصر بن ناصرمبخوت الأحمر الذي قاد المواجهة ضد الإمام يحيى في (حجة) و(نيسا) القريبة منها، ثم اتسعت المواجهة لتشمل أرض حاشد ، وأرسل الإمام يحيى الجيوش المتتابعة ضد حاشد المشرق لرغبته في أن يكونوا رعية لا أنصاركما كانوا طائعين كغيرهم من اليمنيين وكانت آخر حملة عسكرية هي التي قادها ولي العهد أحمد بن يحيى حميد الدين 1346ه واتجهت نحو (العصيمات)، وتمكنت من القضاء على أخر مقاومة في حاشد الذين أذعنوا لحكم الإمام وسلموا رهائنهم ولكن بعد مقاومة ضارية. ولم يبق بيد الشيخ/ ناصر بن ناصر مبخوت الأحمر إلا المغادرة والتوجه إلى نجران والالتجاء بالملك عبد العزيز حيث استقر في أبها عاصمة (عسير) وأقام فيها حتى مات عام 1362ه. وقد تولى الزعامة من بعده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر رغم حضوره الفاعل والمؤثر في الأحداث قبل مغادرة أخيه ناصر بن ناصر إلى عسير. وعندما قامت ثورة 1948م ضد الإمام يحيى ، حشد ولي العهد أحمد بن يحيى جيوشاً من القبائل لإسقاط الثورة وحصار صنعاء ، وشاركت في ذلك بعض القبائل من حاشد ،لكن حاشد كقبيلة موحدة وزعيمها الشيخ / حسين بن ناصر الأحمر لم تشارك فعلا،ً وتباطأ الشيخ حسين الأحمر في الاستجابة لطلب بيت حميد الدين بالمشاركة ولكنه في الوقت نفسه لم يكن مقتنعاً بالإمام الجديد/ عبدالله بن أحمد الوزير الذي كان أحد قادة الحرب الذين استعان بهم الإمام يحيى في فرض سيطرته بالقوة والقمع على البلاد ومنها حاشد وفي نهاية الخمسينيات اضطربت الأمور في صنعاء عند مرض الإمام أحمد ، واضطر ولي العهد (البدر) إلى الاستعانة بالقبائل لمواجهة تمرد العساكر ،وأدى ذلك إلى بروز دور زعماء القبائل ومنهم الشيخ / حسين بن ناصر الأحمر وابنه حميد، وبعد عودة الإمام أحمد من إيطاليا 1959م كان متوجساً من حركة القبائل و خاصة من دور الشيخ / حميد الأحمر الذي التف حوله مشائخ القبائل ، وتطورت الأمور بعد ذلك وجرد الإمام أحمد حملة عسكرية ضد حاشد التي أقسم أن يهدمها حجراً حجراً وأن يقلع أشجارها شجرة شجرة ، واستعد رجال القبائل لمواجهة جيوش الإمام لكن تفرق بعض القبائل وعدم التزام بعض زعمائها بالاتفاق أدى إلى تفكيك جبهتها، فلم يعد زعماء الحركة قادرين على مواجهة حملة الإمام ، وانتكست الحركة ، واضطر زعماؤها بقيادة الشيخ/حميد الأحمر إلى محاولة النزوح إلى عدن عبر بيحان ولكن تم إلقاء القبض على (حميد الأحمر ) ثم والده الشيخ حسين الأحمر وإعدامهما في حجة ، ورافق ذلك دخول جيوش الإمام إلى بلاد حاشد حيث تم اعتقال مشائخ حاشد وبعض مشائخ برط ، ونشر الخراب والدمار وقلع أشجار البن. وبعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 62م وخروجه من سجن المحابشة في اليوم الثاني لها ووصوله إلى صنعاء تولى الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر قيادة قبائل حاشد في مواجهة الملكيين ، وخاض أبناء (حاشد) معارك عديدة لنصرة الثورة والجمهورية طوال سنوات الحرب الأهلية من 62-1970م ،ورغم كل التطورات السلبية والمشاكل التي واجهت الصف الجمهوري والصراعات الداخلية بين الجمهوريين إلا أن (حاشد) ظلت وفية وراء قيادتها تحمل البندقية دفاعاً عن الثورة والجمهورية حتى أطل فجر السلام وانتصار الجمهورية عام 1970م.