قالت صحيفة فايننشال تايمز ان انتشار زراعة نبات القات الذي يندرج ضمن فئة المنبهات الخفيفة في مرتفعات اليمن وإثيوبيا، بات يشكل أسلوب حياة في اليمن، وموضوعا للأغاني والقصائد، وحيث تعتبر جلسات الظهيرة لمضغ القات فرصة للتفاعل الاجتماعي، وتحديدا بالنسبة للرجال. لكن هذا النبات نفسه، من ناحية أخرى، أصبح يرمز أيضا، للمراقبين الخارجيين على الأقل، إلى كل ما هو مختل في ذلك البلد. ويقول البنك الدولي إن 72 في المائة من الرجال اليمنيين يمضغون هذا النبات. وينفق متعاطوه 10 في المائة من دخلهم عليه- ووسط المتعاطين الأدنى دخلا ترتفع النسبة إلى 30 في المائة. ويرتبط التعاطي المزمن لهذا المخدر بمشاكل في الصحة العقلية والبدنية. ويقول النقاد إن القات تحول من عادة التعاطي الخاص داخل غرف الجلوس إلى الإدمان العام المعلن. وإذ تستنفد زراعة القات موارد مائية شحيحة، فمن الصعب تفادي الانطباع عن أمة تمضغ نفسها إلى الهلاك. وتذكر الصحيفة أن هذا المحصول يستهلك ما يقدر بنحو 30 في المائة من موارد المياه الجوفية في البلاد، ويخلق مشاكل صحية تكلف «أموالا طائلة»، بحسب نائب وزير التخطيط هشام شرف. وتورد الصحيفة عن قحطان الأصباحي، مستشار لدى البنك الدولي في صنعاء، قوله «إن تعاطي القات لا يمت بأي صلة على الإطلاق لأعمال العنف»، بل العكس هو الصحيح. وتقول فالوريا-ويليامز ان من احد المعوقات الرئيسية أمام الحد من القات هو عدم وجود أنشطة بديلة كافية لتوليد الدخل، سواء لهؤلاء المشتغلين بهذه الصناعة أم لهؤلاء الذين يغذي مللهم الطلب عليها. ويعمل البنك الدولي مع الحكومة اليمنية على مبادرة لتوفير سبل معيشية بديلة، وتحديدا من أجل الشباب. ويصر شرف على أن المساعي الجديدة من جانب الحكومة سوف تكون أكثر نجاحا من مساع سابقة لمعالجة هذه المشكلة. لكنه يقر بأن الاقتصاد في الوقت الحاضر لا يستطيع توفير سبل معيشية بديلة أو التلطيف من حدة التأثير الناتج عن إلغاء دعم الديزل على المستهلكين العاديين. ومن ناحية أخرى يشكك عبده سيف، أخصائي تنموي لدى برنامج الأممالمتحدة للتنمية في صنعاء، في أهمية الحد من القات، قائلا: «في الوقت الحاضر على الأقل، وفي ظل عدم وجود نشاط اقتصادي بديل، فإنه يخلق الوظائف». وتلفت الصحيفة إلى أن صناعة القات، على خلفية معدل بطالة يصل إلى 40 في المائة، توفر فرص العمل لحوالي 14 في المائة من القوة العاملة. وتلاحظ أن مستويات الطلب- المدفوعة بأحد أعلى معدلات النمو السكاني في العالم- تجعل ليس فقط إنتاج القات وإنما توزيعه حول البلاد عملا مربحا. وتذكر أن نبات القات لا يتطلب عناية كبيرة ويأتي على درجة من الربحية جعلت المزارعين يمتنعون عن زراعة محاصيل أخرى، بل ويقومون حتى في بعض المناطق بتحول التربة الخصبة إلى مرتفعات حتى يزرعون عليها القات. ويقول وزير المياه والزراعة عبد الرحمن العرياني، «ما من محصول الآن أو في المستقبل أرى أنه يستطيع أن يكون بالدرجة نفسها من الربحية مثل القات». وبينما تواصل الحكومة العمل على سياستها، فإن زراعة القات تتوسع بمعدل 12 في المائة سنويا.