حتى الآن يبدو أن الرئيس لم يستجب لنداءات إب وصرخات ساحة المظلوم. حسنا سأحدثك قليلا عن أبناء العدين. في قريتنا القابعة خلف الشمس كان الكثير من أبنائها يغيرون في وثائقهم الرسمية اللقب ومكان الميلاد ، يكتبون المخلافي مثلا أو الشرعبي. لم يكن هذا خوفا من عصابات التقطعات القبلية التي تعرفها اليمن ، تلك التي يكفي أن تكون من أبناء منطقة الخصم كي تكون هدفا تحت الطلب.الأمر أسوأ من ذلك، إنه شعور أصعب من أن يوصف دون أن يجرح الكرامة. أبناء العدين ليسو جبناء ولا أقل شجاعة، لكنهم بالتأكيد أعجز من أن يواجهو سلطة الشيخ المسنود بقوة الدولة، لهذا يلجأون إلى الخيار الأسهل، أن تتنكر لتربة الميلاد وتهرب من جلدك. حين تقول إنك من العدين، فهذا يعني أنك تربي دجاج الشيخ، أن بيتك الذي نصبته من عرقك يشاركك فيه الشيخ ، أن سيارتك ليست لك كما ينبغي، الأمور ليست بهذه الصورة بالتأكيد، لكن من يسمع عن العدين يقولون هكذا عن أبنائها الذين يملكهم الشيخ. ومثل هذا القرار سيجعل الناس لا يصدقون غير هذه الحقائق، الحقائق التي تقول إن إب كلها ليست سوى ديوان شيخ والعدين بكل عبق التاريخ هي ذيل الديوان. كيف ستجرؤ أن تقول إنك "عديني" حين تعلم أن من بجوارك سيسلبك الرجولة، وكيف يمكن أن تخوض عراكا من أي نوع كي تدفع عن نفسك وأنت تحمل لقب العدين على بطاقة الهوية؟ أؤكد مرة أخرى.. لم يكن الأمر كذلك في العدين، لكن الناس كانو يعلمون أن العدين كلها ليست أكثر من مزرعة يملكها الشيخ. حين جاءت الثورة في 2011 كان أبناء العدين قد قرروا أن يقدموا عن أنفسهم صورة أخرى غير هذه الصورة القاتلة التي تجعلهم يشعرون بالعار، خرجوا كماهم، شجعانا كما كانوا، أحرارا كما ينبغي لهم، كسروا الخوف والهزيمة وكتبوا في عين الشمس قصيدة الحرية. لم يتمردوا، لم يقتلوا، لم يعتدوا ولم يضلموا، نصبوا ساحتهم في الميادين كما الحرية في قلوبهم واختارو مغازلة حلم الثورة، نحن مواطنون لا رعايا، لسنا ضد الشيخ نحن مع أنفسنا، هكذا يقولون ولا أعتقد أنهم مستعدون للعودة. لست أدري كيف يمكن أن يفهم أبناء ساحة نصرة المظلوم خبر القرار الانتصار، لم أزرهم قبلا، لكني أعلم أن القرار كان أكثر من وجع و غصة. لقد احتموا بالثورة، فمن يحميهم الآن وربما هم يعدون حقائب السفر للغربة في عالم لم يعد يستقبلنا كما البشر؟ أنت تقول لهم إنك يمني ذلك يكسر خاطرك، فكيف لو قلت ماهو أكثر ؟ الآن، ينسى الناس تاريخ العدين وفن العدين وحضارة العدين، لم يعودوا يعرفون من العدين سوى أنها مزرعة كبيرة وأن بنيها أقل من مواطنين. حتى فنانهم محمد عبد الله العديني حين غنى قال باكيا "آخر وداع يالعدين باودعك يابلادي" ، حيث لم تعد العدين سوى مكان لا يمكن أن يعيش فيه أقل من شيخ. إب هي الأخرى بكل سحرها يمكن أن تغيب الآن، ستغطيها عمامة الشيخ. هذه هي العدين وتلك إب التي انتظرتك ياسيادة الرئيس، وجئتها أخيرا بعد طول انتظار تلبس رداء شيخ.