لم يعد الظلم في "العدين" بمحافظة إب مرتبطا بممارسة فردية، فقد استطاع الشيخ صادق الباشا أن ينسج شبكة من المنتفعين والوكلاء ممتدة في جميع مناطق العدين يتسابقون في كيف سيفوق ظلم معلمه. استطاع الجميع مدعومين بنفوذ الحزب الحاكم الذي اتخذوه مطية لتحقيق مأربهم وبتواطؤ من أجهزة السلطة المحلية الهيمنة على كل شيء: الإنسان والأرض والسلطة المحلية والنيابية، ووصل الحد أن يعينوا مديرا لمستشفي "الصالح" شيخ بشهادة سادس وبدرجة عمالية وتم إقصاء الكفاءات والشهادات بل وحتى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لتصبح العدين مقاطعة خالصة للباشا وعصابته. توجهنا بسؤال لخالد مرعي عن أنواع الظلم فأجاب "في العدين أنواع كثيرة فبمجرد أنك مطلوب من الشيخ الباشا أو ابنه جبران أو أحد عصابته يخطفك من أي مكان ويرسلك لسجن الدار في قصع حليان ولا أحد بعدها يقدر يعمل لك شيئا، بل في عهد مدير الأمن السابق كانوا يخطفون الناس من جوار إدارة الأمن كما حصل للشاب فواز أمين قاسم ناهيك عن خطف الدكتور أحمد العامري والأستاذ فيصل نعمان القليصي ...الخ" وأضاف مرعي "وقد ينهب محلاتك ويصادر عن طريق بلاطجته أراضيك كما حصل للأخ عبدالملك عبدالواحد العواضي، أو قد تغلق وتحرق محلاتك كما حصل في قضية محطة محمد قايد أمير البعني ومزرعة الدجاج لمالكهاعبدالكريم البعني". أما الحاج محمد الحسام فقال" بقدر غضب الشيخ بقدر ما يكون العقاب فقد قصفوا منزل الدكتور أحمد العامري بالبوازيك واحترق كما احرق منزل يحيى بن عبدالله من أهالي عنة كما لا ننسى هنا بأن نذكر بأبرز انتهاكات حقوق الإنسان وهو قتل النفس التي حرم الله فقد قتل أحمد الجعوش وابنه عيسى وحسام البريد وإبراهيم الجبرتي وقاتليهم طلقاء بل مازالوا يعيثون في الأرض فسادا امام سمع وبصر الدولة". *رجل الدولة سمسار للشيخ يحكي أمين علي قاسم بأنه حدث شجار بين شخصين بعيدا عنا فطلب جبران باشا ولدي عدنان إلى منزل وكيل والده طه القاضي، وكان مدير الأمن السابق (طليان) موجود عنده، فعندما أدخل قال ولدي للشيخ جبران "ليس لي دخل بما حدث وبعدين الذي يريد يطلبني يطالبني من الحكومة فغضب جبران وأمر العساكر بضربه فتوسل بمدير الأمن فقال جبران للعساكر دخلوه الغرفة الثانية وظلوا يضربونه حتى أغمي عليه وشجوا رأسه وأخذوه إلى الدار بقصع حليان" هذا نموذج بسيط ويكفي القارئ أن يعلم أنني توجهت بسؤال لأحد أعضاء المجلس المحلي عن ماذا عملوا طيلة أحداث العدين التي شغلت العالم فقال لم نعمل شيئا سوى قرار واحد وكان بخصوص رفع الشيخ لإحدى النقاط الأمنية في مدخل المدينة ومع ذلك لم ترفع لحين زيارتنا للمنطقة خلال هذا الأسبوع وتعذر بنقص صلاحيات المجالس المحلية وهي في الحقيقة نقص للإرادة والإنسانية. * مآسي إنسانية بالصدفة شاهدت الشاب فواز أمين قاسم فقال لي أحد شباب ساحة نصرة المظلوم هذا أحد ضحايا الشيخ جبران وعساكره فتقدمت وسلمت عليه وقلت له ماذا فعل بك الشيخ جبران؟ فأشار بيديه إلى حفرة في رأسه وقال أطلق عليّ الرصاص فقلت له بعد معاينة مكان الرصاصة ماذا بينك وبين؟ فقال " ما ادريش" فألححت عليه بالسؤال فقال "أنا ما استطعيش أهدر" وأشار نحو أبيه وكان من ضمن الحاضرين، فرآه أبوه يؤشر نحوه فحضر نحونا وسألته لماذا فواز لا يجاوب فقال عنده فقدان جزئي للذاكرة وشلل في يده بسبب طلقة سكنت في دماغه من عساكر جبران عندما قاومهم رافضا الحضور إلى الشيخ جبران الذي قال "أدوه حيا أو ميتا لماذا لأنهم سمعوه يقول سينتقم لأخيه عدنان بعد علم بضربه لهم حتى الغيبوبة بل إنهم أطلقوا عليه النار أمام بيته الملاصق لإدارة الأمن وتركوه ينزف حتى أسعفه والده إلى صنعاء وأجروا له عدة عمليات". أما القصة الثانية فيرويها محمد قاسم حسن غالب فقال والدي قاسم حسن غالب شهد ضد وكيل الشيخ الباشا في قضية مقتل فهد عبد الدائم في أحداث بني مليك ورفض التنازل عن شهادته كما فعل الكثيرين، وظل في خلاف مع الوكيل حتى خرج مرة من البيت وقال سينزل تعز وحاولنا ثنيه كون أتباع الشيخ يتربصون به فرفض وقال "هي موته" وخرج وضاع فسألنا عليه فقال بعض من رأوه أنهم أخذوه من باب سائلة "عنة " وفي ذات مرة قال الوكيل" تشتوا أباكم فقلنا له نعم قال أدووا 2م كباش وخمسين ألف ريال فسلمنا ما طلب ولكنه لم يف بوعده، فقال الناس اسرحوا عند الشيخ صادق وأوصلوه بثور ففعلنا فقال الشيخ روحوا وانتم لن تصلوا البيت إلا وأبوكم بعدكم فوصلنا البيت وأبونا لم يصل لنا إلى الآن سبع سنوات نبحث وننتظر دون جدوى إلا الألم والحزن". * ظلم البيئة أثناء ما كنا نتمشى في سائلة "عنة" قلت مخففا عن رفيقي وهو مدرس يكفيكم هذه المناظر الغناء فنظر إلي وقال حتى هذه لم تسلم من ظلم الباشا فقلت له كيف فاصطحبني لمرتفع وقال أعلنت الدولة "عنة" محمية طبيعية وفعلا هي محمية على الرعية فقط وأما الشيخ صادق فهو يغرس القات وعلى ضفتي السائلة وفي أخصب المناطق ويقتلع أشجار الزيتون والمانجو وعمرها يتجاوز عشرات السنين حتى أنه توجد أشجار غير مثمرة لها أكثر من مائة سنة وكانت بمثابة التاريخ لأبناء العدين لكنه اقتلع الجميع ومن مساحات واسعة والمزارع الذي يرفض يهدده بأنه سيأتي ببديل عنه فيضطر لقلعها وغرسها قات وهذا سيؤدي لنزيف السائلة وتشويه منظر "عنة" التي تعد من أهم منتجعات السياحة الطبيعية في اليمن وليس هذا فقط فهو يقضي أيضا على جزء من تاريخ وثقافة العدين وسط سكوت وصمت من أجهزة السلطة المحلية. * الثورة الشعبية في العدين احتقان ونار تحت الرماد..هذا وضع أبناء العدين جراء ظلم الباشا وبلاطجته، وكان المواطنون يتحينون الفرصة حتى انطلقت ثورة الشعب السلمية فقرر أحرار العدين الانضمام إلى صفوفها رفضا للظلم والخوف والاستبداد وطلبا للحرية والعدالة والمساواة فلم يمتلك أنصار الباشا أنفسهم فردوا على هذه الخطوة بالتصعيد فكانت حادثة مقتل أحمد الجعوش وابنه والبريد والجبرتي الأمر الذي جعل أبناء العدين يصرون على إقامة ساحة وسط المدينة وسموها ساحة نصرة المظلوم لمواجهة الاعتداءات المتكررة والقتل الهمجي من قبل أنصار الباشا وطالبوا برد المظالم وتقديم قتلة أبناء العين للقضاء وتعويض المتضررين من ظلم الباشا وأتباعه وإعادة ممتلكات المواطنين المنهوبة وبسط هيبة الدولة ومساواة الجميع أمام القانون فاحتشد الناس في الساحة من كل أرجاء المديرية على اختلاف انتمائهم وانقسمت المدينة قسمين كما يسميها الناس السبعين وتمثل بقايا أعوان الباشا ويتمركزون في القصبي والدفدف والمنطقة الثانية الستين وتضم بقية مناطق المدينة. وتمركز إتباع الباشا في جبل الدفدف وبدؤوا يطلقون النار على الأحياء مثل حارة الجامع الكبير وبعض منازل الثوار وعلى قيادات الساحة الذين يمرون من القصبي أمثال الشيخ عبدالوهاب شعلان مما أدى لإصابة 2من مرافقيه وكرد فعل على ذلك فقد أعلن الثوار رفضهم لأي تواجد للمظاهر المسلحة في المدينة وكان منها محاولة الشيخ صادق دخولها بموكب كبير من المسلحين المدججين بالأسلحة من بوازيك ورشاشات وقنابل، فاعترضه الشباب وأجبروه على العودة من الدائري باتجاه قصع حليان. * العلم الجمهوري يعتلى إدارة الأمن لأول مرة نصب الثوار خيامهم أمام إدارة أمن العدين وأعلنوها ساحة ثانية حتى يتم تغيير مدير الأمن بسبب تواطؤه مع قتلة أبناء العدين وبلاطجة الباشا، ودرءاً للفتنة فقد قررت إدارة الأمن بالمحافظة إرسال مدير جديد (الدحان) فما كان من الثوارإلا أن رفعوا الاعتصام ونظفوا إدارة الأمن ورفعوا علما كبيرا للجهورية اليمنية لأول مرة منذ أكثر من 3عقود تقريبا، واستقبل الثوار المدير الجديد بالألعاب النارية وبمسيرة ووقفة بعد صلاة جمعة القضية الجنوبية قضيتنا طالب فيها الثوار المدير الجديد بحماية أبناء المديرية من بطش الباشا ومليشياته وبسط هيبة الدولة في ارجاء مديرية العدين. * سجون الباشا لم أجد وصفا يمكن أن يلخص وضعها أفضل من وصف الدكتور أحمد العامري لها بعد خروجه الثاني في ساحة خليج الحرية عندما قال كنت محبوسا في حفرة إذا أخرجت يدي لا استطيع رؤيتها ظلمات بعضها فوق بعض، ولا أنسي أن أذكر هنا ما تعرض له الرجل فقد أخبرني بأنه يتعرض للمضايقة وأن راتبه يقطع بين الحين والآخر من قبل مدير المستشفى الذي يعمل بدرجة عمالية. وبعد هذا كيف يرى أبناء العدين مستقبلهم وماذا يجب عملة لإحلال الأمن والاستقرار والعدل في المديرية توجه بهذا السؤال لعدد من أبناء العدين فكانت الإجابة كتالي: أحمد الجرافي قال بأن حل مشكلة العدين بالرضوخ للحق ويتمثل ذلك في القبض على كل من أجرم أو سفك دما وتسليمه للعدالة، وإغلاق السجون الخاصة، وقيام الدولة بواجباتها المتمثلة بحفظ الأمن والنظام ، وأن تعييد الدولة النظر بمدراء المكاتب بالمديرية بعيدا عن تدخلات الباشا، وأن يكون هناك مواطن ودولة فقط. أما نجيب غالب هزاع فقد قال (من خلال بسط نفوذ الدولة وإعادة الاعتبار للمؤسسات التي تمثلها المديرية وذلك بتغيير الفاسدين الذين يديون مكاتب السلطة المحلية ومنهم مدير المديرية ومدير المركز التعليمي وغيرهم لأنهم ارتهنوا للمشيخ على حساب النظام والقانون والعدين كما أننا بحاجة للشعور بوجود الدولة فلا يعقل أن يظل القتلة وقطاع الطرق طلقاء وبحماية النافذين على مرأى ومسمع من السلطة المحلية ولم تحرك ساكنا رغم وجود أوامر قهرية عليهم.