كان ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم إيذانا بعهد جديد ومشرق على الأمة التي شرفت باتباعه وشمخت بمنهجه، ورسالة محمد ص التي تمثل الرحمة للبشرية في أرقى صورها. لم تكن في يوم من الأيام شعارا أجوف أو مفاهيم نظرية، والحق أن إشراق الحقيقة صنو لإشراق الرسالة المحمدية، وهذا ما جعل الكثير من أصحاب مشاريع الوهم والخرافة يتخذون موقفا سلبيا من هذه الرسالة بإعلانهم الحرب على صاحبها وصحابته الكرام، ولا أدل على ذلك من معاداة المشروع المجوسي والذي انطفأت نيرانه المقدسة يوم ولادة محمد صلى الله عليه وسلم، واستمر العداء المجوسي لأمة القرآن وكان من نتائج ذلك العداء أن قتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب على أيدي المجوس المتمسلمين، ولم يتوقف هؤلاء عند هذا الحد، فقد اعتمد هؤلاء منهج الخداع والتضليل ولكن بمسميات إسلامية، ومصطلحات دينية، ابتداء بالولاية إلى حب الآل إلى الرجوع إلى تاريخ صفين والجمل، بل وإلى السقيفة، إلى غير ذلك مما لا علاقة له بالدين ولا صلة له بحقائقه. وقد انجرف تحت هذه الراية التي تحمل في باطنها وظاهرها العذاب كثير من أصحاب المصالح السياسية المغلفة بجلباب الدين الذي يدعو معتنقيه –حد زعمهم– إلى استرداد الحق المغصوب لأصحابه الأطهار، ولقد انطلت تلك الدعاوى على أمة الإسلام مئات السنين كنتيجة طبيعية لجهلها تارة ولتجهيلها تارة أخرى. وهناك الكثير من الجهلة ما زالوا يسبحون بحمد الولاية، ويبكون على المظلمة، والبعض يرى أن في ارتمائه في حضن الحوثي إشفاء لغليله من خصم، وهو التجمع اليمني للإصلاح، الذي يمثل الثبات القيمي والمرونة السياسية في التعامل مع كل المستجدات بناء على قاعدة صلبة من فهمه السليم لكل الثوابت الدينية والوطنية. ومما يدفع البعض للانضمام إلى النهج الحوثي، الأمل في المصلحة المادية المتوهمة، على اعتبار أن هناك دعما إيرانيا سخيا له ولحلفائه من الانفصاليين والصالحيين، ولأنه لا مشروع لديه يخاطب به الأمة فقد لجأ إلى تدفئتها في ليالي الشتاء بنيرانه ذات الأصول الفارسية. إن العقول نعمة امتن الله بها على عباده الذين يعملونها، أما من عطل تلك النعمة وترك لسيده التفكير في مصائر أموره، فلن يسوقه القدر الذي اختار تقديره على نفسه إلا أن يكون حمالا للإطارات ومشعلا لنيرانها، وفي الغد سينسج من بقايا تلك الإطارات سلاسل يتقرب إلى سيده بإظهار آثارها على جسده الذي طالما استخدمه وقودا حيويا لإقامة دولته السلالية، كتهيئة أولية لقيام الخلافة الفارسية الموهومة.