كلنا نسمع هذا الحديث (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)رواه البخاري. لكن هل تظنون أن غفران ما تقدم من ذنوبنا يكون بالشئ السهل الهين الذي يحصّله أي أحد و يفوز به أي أحد؟؟ نعم.. ربنا غفور ورحيم و كريم لكن.. شهر رمضان شهر اختبار و سباق يتسابق فيه العباد ليروا الله من أنفسهم خيرا ... فبرأيكم ما مصير صاحبنا "الغافل المتساهل" الذي جاء في زمن السباق ثم نام و "بلّط في الخط" و فوّت هذا الفضل العظيم ؟! اقرأ الحديث مرة آخرى..ستجد أن هناك كلمة سر! ..هي مفتاح بوابة الخيرات والفضائل والفوز بغفران ما تقدم من ذنوبنا..إنها كلمة "إيمانا وإحتسابا" فما معنى "إيمانا" ؟؟ كلنا طبعا حافظين الحديث "بني الإسلام على خمس" ومنها "صيام رمضان" فأنا أصوم امتثالا لأمر الله عز وجل في كتابه الكريم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " و أصوم طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالتبعية لطاعتي لله "من صام رمضان إيماناواحتسابا.." أما "إحتسابا" ... فلنا معها وقفة طويلة! أولا ما معنى احتسابا؟ احتسابا ببساطة يعني "النية"أن تنوي وتستحضر في قلبكِ ثواب العمل الصالح الذي ترجوه من الله عند القيام به .. فتتشجع نفسك و يتطلع قلبك حتى ينال هذا الثواب العظيم من وراء العمل، وهي التي تتفاوت بها منازل العباد عند الله، قال الله تعالى: "وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا"، وقال سبحانه وتعالى:"وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ". سبحان الله الإنسان خلق كده مش بيتشجع لعمل أي شئ إلا لما يعرف أن له مقابل هياخده "سلم واستلم" فإذا كان ده حالنا مع أمور الدنيا الزائلة فليه مايكونش حالنا مع الآخرة العامرة؟؟ لك أن تعرف أن من فوائد الاحتساب: 1- امتثال لأمر الله و متابعة لرسول. 2- يزكّي العمل فيتضاعف رصيد الإيمان والحسنات يعني سبب أني أستشعر لذة الطاعة في العمل مش مجرد حاجة روتينية نقوم بعملها بشكل ممل. 3- سبب للاخلاص والبعد عن شبهة الرياء فلا تريد من أحد جزاءا ولا شكورا لأن النية محلها القلب...فمن يطلع على القلب غير الله؟ 4- من علامات حسن الظن بالله فأنا أعمل العمل الصالح وأنا أحسن الظن بربي الكريم أنه سيقبل عملي مع تقصيري وجهد المقل. 5- سبب لتقوية العزم فحتى لو كسلت في وسط العمل فمجرد ما أتذكر الثواب والأجر أرجع للنشاط مجدداً. 6- المداومة على الاحتساب تجعل الحياة كلها طاعات (تحويل العادة إلى عبادة)فكلنا متعودين نصوم رمضان "زي الناس" كل سنة، لكن العاقل من يستفيد من كل لحظة فيه فيحتسبها طاعة فطالما وأنا سأصوم مثل بقية الناس.. فلو احتسبت النية هنا أخذت ثواب حسب عدد النوايا التي عددتها في العمل الواحد. 7- بالاحتساب توهب لك أعمالك عند طروء عذر شرعي منعك من القيام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما"، سبحان الله الكريم! 8- الاحتساب يزيد العبد رفعة عند ربه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "إنَّك لن تخلف عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة و رفعة" رواه البخاري. *بتصرف/ نقلاً عن موقع أحلى حياة.