مدينة إب في غليانها الثوري المستمر ضد القرار (144) أصبحت تشبه صفرا في حسابات الرئيس هادي، فهي لم تستحق التفاتة واحدة أو تعليقا صادرا منه ولو مجاملة لتلك المحافظة (البطلة) رغم استماتة الرفض الجماعي لهذا القرار. لقد شكل هذا القرار القشة التي قصمت ظهر المدينة المسالمة والمنسية بعد تجاهل وإسفاف أرهق كاهلها بميراث الفساد الإداري والمالي الذي مورس ضدها قديما وحديثا، فلا هي أنصفت بالثورة التي قدم الكثير من شبابها أرواحهم وقودا لها ولا هي ارتاحت من قرارات ظالمة وهازئة بأهلها. وما يحدث من تجاهل للحراك الرافض لتعيين الفاسدين في مناصب رفيعة يزيد الطين بلة ويجعل أهالي إب يتساءلون: هل يخشى هادي أن يقال عنه أنه أصبح مثل الرئيس مرسي يتراجع عن قراراته، أم أن مدينة إب لا تستحق أن يتراجع عن قرار خاطئ رغم انه قد تراجع في قرار مماثل لتعيين بجاش سابقا؟ أم ربما لأن المؤتمر الشعبي العام لا يخرج من عباءته سوى نوع مكرر من الرؤساء يسيرون في حكمهم وفق آلية معينة في إرضاء المتنفذين والأيدي المتسخة التي تضمن لهم أكبر قدر من التسلط على الشعب وإشغاله بالحروب الصغيرة المتفرقة حتى يُنسى الوطن كهم أكبر وحربه من أجل التقدم والاستقرار؟ أم لأن مدينة إب لم تستطيع من قبل تغيير فاسد أو انتزاعه من مكانه حتى وإن كان مركزا تافها كعاقل حارة من أيام عفاش، وهي المدينة التي يعتبر من معالمها المميزة والبارزة كثرة الفاسدين في أغلب المناصب الحكومية ووفرتهم كالطفيليات وتمكنهم من إحلال مدينة إب كأسوأ محافظة في معدلات الفساد ابتداء من مدراء المدارس وانتهاء بالمحافظ مرورا بالمجلس المحلي وصندوق النظافة وإدارة أوقاف مدينة إب وكل المرافق الخدمية والحكومية؟ ولذلك رأت سياسة هادي أنه ولابد أن يمر القرار المضحك المبكي وأن تنتهي جمع ترحيل الفاسدين أو ليرحل أهالي مدينة إب فجذور الفساد عميقة مستشرية وباتت تحتاج إلى أكثر من خطبة جمعة مؤثرة أو مسيرة حاشدة. ولعل الإعلام الرسمي الذي لم يبرأ بعد من علله وأمراضه القديمة يمعن في السخرية من تلك الاحتجاجات فيورد خبرا مفاده أن وكيل محافظة إب جبران باشا دشن السبت الماضي توزيع وسائل تعويضية للمكفوفين والمقدمة من جمعية العين بالتعاون مع صندوق رعاية المكفوفين وتشمل ساعات ناطقة وعصي ومسجلات لمساعدتهم في الاندماج في الحياة الطبيعية. ولا ندري هل يعتقد جبران باشا ومن نصبه وكيلا لمحافظة إب أن أهالي مدينة إب قد أصبحوا في حكم المكفوفين وقد عميت أبصارهم عن الانتهاكات الإنسانية التي ارتكبها هو ووالده، فربما قد يفكر في توزيع بعض الساعات الناطقة والعصي التي تشبه (الصميل) والتي قد تساعد أهالي مدينة إب على الاندماج في بيئة الفساد الذي يمارسه ومن معه من المتنفذين حتى تكون حياة فسادية طبيعية وليرتاح أهالي إب من احتجاجاتهم بلا طائل. هذا ما يمكن أن يقدمه شخص متهم بتجاوزات وجرائم إنسانية، أدوات ناطقة فلا يسمع إلا ما يريد، وبعض العصي التي تضرب كل من يخالفه بيد من حديد، وعلى الثورة التغييرية السلام.