لا تزال الأوضاع في مديرية الرضمة محافظة إب تعيش حال من التوتر الذي ينذر بتجدد المواجهات بين حوثيين وأنصار الشيخ عبدالواحد الشلالي، أحد مشائخ المنطقة، في وقت دخلت قرية أخرى لم تكن طرفا في المواجهات إثر محاولة الحوثي السيطرة على جبل مطل على القرية.. وخلفت تلك المواجهات 6 قتلى و15 جرحى. وكانت مواجهات اندلعت بين أنصار لجماعة الحوثي يتواجدون في قرية (المنجر) التابعة لعزلة "بني قيس" وقرية (الذاري) التابعة لعزلة "شيزر" بمديرية الرضمة وأنصار الشيخ الشلالي (الاثنين 29 يوليو 2013) على خلفية استحداث مناصرين للحوثي نقاطا أمنية في المنطقة وتفتيش المواطنين ورفع شعارات الحوثي في تلك النقاط استعدادا لتنظيم الحوثيين أمسية رمضانية بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام علي –كرم الله وجهه-. وكانت مصادر محلية ذكرت ل"الأهالي نت" في وقت سابق أن الشيخ الشلالي طلب من المسلحين الحوثيين رفع نقاطا مسلحة نصبوها في أحد مداخل المديرية إلا أنهم رفضوا ذلك وأطلقوا الرصاص، على سيارته. لكن الشيخ عبدالواحد الشلالي وهو عميد متقاعد في الجيش وكبير المعلمين في الكلية الحربية سابقا وعضو في اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي العام، أوضح في لقاء جمعه بمندوب "الأهالي" في منزله أثناء زيارة المنطقة، أن سبب بداية المواجهات استحداث المسلحين نقاطا أمنية على مدخل قريته (الكتبة) والقيام بمهام الدولة وتفتيش المواطنين خارج القانون، وهو الأمر الذي اعتبره الشلالي تكرار لما يحدث في محافظة صعدة وأنه في حال سكوته سوف يطلبون منه "تسليم الخمس". وتسائل الشيخ الشلالي: "هل سمعتم يوماً أن الحوثيين قتلوا أمريكي أو اسرائيلي.. إن ما قتلوا الجنود المسلمين والمواطنين، وهم يغررون على الناس بهذا الشعار ويستغلون حب الناس لآل البيت!". وأضاف في حديثه مع "الأهالي" أنه رفض تواجد مسلحين من خارج المنطقة وخصوصا من ومحافظة صعدة في تلك النقاط وأنه طلب من المسلحين في أكثر من مرة رفع تلك النقاط لكنهم رفضوا الأمر الذي أدى إلى نشوب اشتباكات قتل على إثرها 2 من أنصار الحوثي (آل السراجي) وأصيب 3 منهم كما أصيب 4 من أنصار الشلالي. وتشير المعلومات إلى أنه كان من المقرر أن يلقي زعيم جماعة الحوثي بصعدة عبدالملك الحوثي كلمة مباشرة عبر الأقمار الصناعية عبر قناة "المسيرة" التي كانت حاضرة في قرية "المنجر" التي كان من المقرر إقامة الأمسية فيها إلا أن الاشتباكات أفشلت الأمسية التي سبق وأقيمت في قرية "الذاري" في ذات المنطقة. وتلى تلك الاشتباكات التي استمرت طوال الليل محاولة من قبل مشائخ المنطقة لمنع استمرار المواجهات بين الطرفين. مدير أمن المديرية المقدم صادق المقبلي، طلب تعزيزات أمنية من أمن المحافظة وتعزيزات عسكرية من اللواء 55 –أحد أولية قوات الحرس الجمهوري سابقا- التابع حاليا للمنطقة العسكرية السابعة المتمركز في منطقة يريم لحماية المنشئات الحكومية خوفا من سيطرة أحد الأطراف عليها. لكن التعزيزات من قوات الأمن الخاصة واللواء 55 التي كانت تتمركز في المجمع الحكومي المطل على مواقع المديرية انسحبت بعد ثلاثة أيام من وصولها تزامنا مع تجدد الاشتباكات بين الطرفين بالأسلحة الثقيلة والخفيفة وإصابة شخصين، ومحاولة الحوثيين اقتحام المجمع.. الأمر الذي استدعى لجوء مدير أمن المديرية للاستعانة بأفراد من قبيلته لحماية المجمع الحكومي ومساندة قوات الأمن العام المكلفة بحماية المجمع. ووفقا لرواية الشيخ الشلالي فأن الوساطة لم تنجح في وأد "الفتنة" بسبب رفض مسلحي الحوثي الصلح واشتراطهم موافقة قيادة الجماعة في صعدة، ورفضهم التوقيع على هدنة تم التوقيع عليها من قبل الشيخ الشلالي –حد قوله. وأضاف أن الحوثيين تمركزوا في جبل (عصم) المطل على القريتين (المنجر، الكتبة) الأمر الذي ساق إلى تجدد المواجهات (السبت 3 أغسطس) أي بعد خمسة أيام من نشوبها، وقتل يومها شخص وأصيب آخر من مسلحي الحوثي، كما أصيب ثلاثة آخرين من أنصار الشلالي، وقد نجح أنصار الشلالي في السيطرة على جزء من الجبل ولا يزالون حتى الآن كما لا يزال الحوثيين يتمركزون في جزءه الآخر.. ونتيجة ذلك فشلت الوساطة التي قام بها الشيخ أحمد صلاح المقبلي، شيخ ضمان المنطقة. ويسيطر أتباع الشلالي إضافة إلى جزء من الجبل على حصن أنسب المطل على مركز المديرية والمجمع الحكومي الذي تتواجد أطقم حماية أمنية من قوات الأمن الخاصة التي عادت بعد انسحابها سابقا. ورصد مندوب "الأهالي" أثناء زيارته تواجد طقمين تابعين للأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقا) يتمركزان في منطقة "نجد المساجد" المدخل الشمالي للمديرية، وطقمين آخرين في منطقة "الأجلب" المدخل الجنوبي للمديرية. ومع تصاعد التوتر واتساع دائرة المواجهات نجحت وساطة من عدة مشائخ بينهم أحمد المقبلي ونصر الشاهري، في عقد هدنة بين الطرفين لمدة 10 أيام (5- 15 أغسطس)، لكن الطرف الحوثي تلاعب في التوقيع على الهدنة، حيث تم التوقيع باسم أشخاص من (آل السرجي) فيما كان الطرف الآخر يشترط أن يكون التوقيع باسم الحوثي ونفى وجود أي خلاف سابق بين الطرفين. وقضت الهدنة بمغادرة المسلحين من خارج المنطقة. وكان مصدر مسئول في قيادة المنطقة العسكرية السابعة أعلن (7 أغسطس) لوكالة الأنباء الرسمية سبأ، أنه تم إنهاء "المشكلة القائمة والاقتتال بين قرية الكتبة آل الدعام وقرية المنجر آل السراجي". المصدر أشار إلى أنه "وبتوجيهات من وزير الدفاع تم تحريك حملة عسكرية وأمنية بقيادة قائد اللواء 55 مدفعية صاروخية نجحت في إيقاف الاقتتال وإنزال الفئتين المتقاتلتين من المواقع والمرتفعات التي كانت مسرحاً للقتال بين القبائل من القريتين وقد تم عمل اتفاقية بين القريتين للتمكن من حل المشكلة وأخذ عدد من الرهائن من الطرفين لضمان عدم تجدد القتال فيما بينهم .. وقد عادت الحملة إلى مقراتها بعد إنهاء المهمة" –وفقا للوكالة. خرق الهدنة وفتح جبهة جديدة تلك الهدنة استمرت بين الطرفين للمدة المحددة، لكن الطرف الحوثي سارع بعد مضي 5 أيام على توقيعها وفتح جبهة جديدة مع قرية "قبلي" القريبة من مركز المديرية الواقعة ضمن عزلة "شيزر"، وحاول مسلحون حوثيون (11 أغسطس) السيطرة على تباب وجبل مطل على القرية لكن أهالي القرية منعوهم من السيطرة على الجبل واندلعت مواجهات قتل فيها 3 أشخاص (2 من الحوثي وآخر من الطرف الآخر) وأصيب 2 آخرون من أبناء القرية الذين نجحوا في إجبار مسلحي الحوثي على التراجع إلى واحدة من التباب المحيطة بالجبل. وتدور اشتباكات متقطعة وتبادل إطلاق النار بين الحوثيين المترمكزين في واحدة من التباب وأهالي القرية المتمركزين في الجبل ومحيطه، ويفرض مسلحو الحوثي الذين قدموا من قرى مجاورة ومن خارج المحافظة حصارا على القرية ويمنعون الدخول والخروج منها. ومنع مسلحو الحوثي، مساء السبت، إسعاف امرأة تعسرت ولادتها وأطلقوا وابل من الرصاص على سيارة كانت تقلها إلى المستشفى أثناء خروجها من القرية، وتعرضت السيارة لإصابات مباشرة اضطرت سائقها للعودة، وفقا لما ذكرت مصادر محلية ل"الأهالي نت". وأشارت المصادر إلى أن المرأة توفيت بعد وضع مولودتها (لا تزال على قيد الحياة) نتيجة النزيف ومنع إسعافها. مساع للسيطرة على مواقع جديدة حصلت "الأهالي" على معلومات أن الحوثيين سعوا للحصول على موقع عسكري في جبل (فعن) الذي كان أحد أهم المواقع في حروب سابقة ويطل على عدد من عزل المديرية، إلا أنهم قوبلوا برفض قاطع من شخصية وطنية ذات خلفية اشتراكية رغم العروض المغرية التي قدمها الحوثيون. ويسعى الحوثي للسيطرة على جبل "شيزر" المطل على الطريق العام وأحد أهم المواقع في المنطقة، ولعلوه المرتفع تتواجد على قمته محطات الاتصالات اللاسلكية. مدير أمن المديرية المقدم صادق المقبلي تسائل في حديث لمندوب "الأهالي" عن دوافع حرص الحوثي على التواجد في المنطقة، وإرسال مقاتلين وأسلحة إليها. وأكد التزامه بالحفاظ على أمن المديرية وصد أي محاولات لإقلاق الأمن. معقل رجالات الإمامة ورموز ثورة سبتمبر، ومنطلق حروب المناطق الوسطى ويجمع سكانها بين المذهبين الزيدي والشافعي.. لماذا اختار الحوثي مديرية الرضمة!؟ مديرية الرضمة هي إحدى مديريات محافظة إب، عدد سكانها 76576 نسمة عام 2004، ومساحتها 326 كم².. وتتكون المديرية من 9 عزل، هي: بني قيس (تدور فيها المواجهات)، شيزر (دخلت في المواجهات)، كحلان، البكرة، عجيب، آزال، سودان، يحير، حارث الحيدري. وتعد مديرية الرضمة المديرية الوحيدة في الجمهورية التي تربط بين أربع محافظات، حيث يحدها جنوبا الضالع، وجنوب شرق البيضاء، وشمال شرق ذمار، إضافة إلى أنها تتبع محافظة إب وتقع شمال شرق المحافظة على بعد حوالي ( 48 كيلومتراً) تقريباً من مدينة إب. ومن تاريخ المديرية أنها كانت معقل عدد كبير من رجالات الإمامة، خصوصا رجالات القضاء وبيت المال، وينتمي إليها كثير من رموز ثورة 26 سبتمبر، كما ينتمي إلى المديرية كثير من رجالات الدولة وقيادات حزبية. وانطلقت من مديرية الرضمة عدة حروب أبرزها حروب المناطق الوسطى، ولا تزال الألغام تفتك بأبناء المنطقة منذ زرعت في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات. وكانت قرية الذاري التابعة لعزلة شيزر أحد هجر العلم، لكن أبرز سكانها هاجروا إلى صنعاء وتعز ومدن أخرى. ويقع معقل التواجد الحوثي في المديرية في قريتي (المنجر، الذاري) التي تقعان ضمن مناطق المذهب الزيدي وبالقرب من قرية "الوشل" التي يتواجد فيها أنصار الحوثي وهي تابعة لمحافظة ذمار. تشير المعلومات إلى أن عدد من أتباع الحوثي بالمديرية شاركوا في حروب صعدة وقتل وأصيب عدد منهم، ويتمركز في تلك المنطقة عدد من قيادات الحوثي، وتتولى تلك القيادات الدعوة إلى المسيرات والفعاليات بالمحافظة. ويتولى قيادة أنصار الجماعة في المنطقة القيادي الميداني (أبو جابر) وهو من أبناء صعدة، فيما يتولى (ف. ع) الإشراف الجماهيري والمالي. وفي هذا الصدد، يتسائل الشيخ الشلالي: "ماهو هدف الحوثي وراء مد نفوذه ومحاولة الاستيلاء على المنطقة الوسطى، وهل هناك مخطط مشترك مع الحراك الجنوبي والحوثيين لتقاسم البلاد والتعاون على الانفصال?".