جزء كبير من تفكيك المشهد السياسي وفهمه يعتمد على فهمنا لشخصية على صالح، ليس في الأمر مبالغة، وخلافنا مع علي صالح لا يمنع من القول انه خبير كبير لأكثر من ثلاثين سنه في بلد لا تسيره المؤسسات بل يسيره شخص لديه قدره على الدخول في تفاصيل التفاصيل ويوظف كل شيء وكل أحد في طريقه بما في ذلك خصومه وبنفسية انتهازي يعتبر الأخلاق فقط جسر عبور للهدف الذي يسعى له. لذلك كان من أشد الناس مقتًا وسخرية لكل من يتعاطى في إطار الأخلاق والتعامل الانساني ويعتبره أما مدعي كاذب أو درويش ساذج. يتعامل "صالح" مع خصومه من منطلق استراتيجية تفتيتيه تستعصي في كثير من أبعادها على الاكتشاف، فهو مثلا يحب التواصل المباشر أو غير المباشر مع كل من يضعهم في دائرة اهتمامه بما في ذلك حلفاءه. يتعهدهم على الدوام بما يضمن تنافرهم. كان يوجه بعض وسائل الاعلام والكتاب لمهاجمة شخصيات في حزبه وحكومته وفضح فسادهم وفي الغالب هو من يقوم بتمرير المادة المعلوماتية حول هؤلاء لوسائل الإعلام تلك ولا يكترث لتشويه حزبه أو أطراف في حكومته المهم هو أن لا يصل النقد اليه وإلى أسرته. بالنسبة لخصومه كان يتعمد الالتقاء أو الاتصال ببعضهم حتى ولو كان هذا التواصل "فشنك" أو للضحك والتسلية وذلك لإثارة الشكوك فيما بين خصومه. أتذكر مرة، أيام الفترة الانتقالية بعد الوحدة حضرت جلسة مقيل في منزل أبناء المرحوم ابراهيم الحمدي ضم سياسيين ومثقفين وكان من بينهم الشهيد جار الله عمر والمرحوم عبدالرحمن البيضاني وقيادات من الاشتراكي والناصري وآخرين وفي لحظة جاء اتصال من علي صالح يدعو جارالله للرئاسة، فتحدث بذلك جارالله للحاضرين وهو يضحك ويوحي للموجودين أن الرجل يريد أن تعتقدوا أن بيني وبينه أمر خاص دون الاخرين مع أن كل ما في الأمر جلسة وتخزينة يستفيد منها في هذا الإطار ونحن لا حيلة لنا إلا قبول الدعوة وعدم الرفض . انتهى كلام جارالله ... وعلى هذا المنوال من القصص يمكن أن تقيس، فإن يقوم الإعلام مثلا بتسريب صورة لعلي صالح مع عبدالوهاب الانسي أو مع ياسين كافي لإثارة الشكوك ونسج الاشاعات؛ حتى مقابلاته المتكرره مع سالم صالح كانت تصب بهذا الاتجاه ولقاءات كثيره مع شخصيات عديدة يستطيع من يتابعها أن يرى هذا الأمر واضحًا. وحتى أختصر لكم الأمر بإمكان من يطلع على مقابلة صالح الأخيرة في قناة آزال وفي ظل وجود اختلاف بين الاصلاح والاشتراكي حول بعض الرؤى في الحوار الوطني انعكست جدلا في الوسط الاعلامي سيلاحظ أن صالح ركز في المقابلة على مهاجمة د.ياسين والاشتراكي واتهامهم بالانفصال تحديدًا وتجاهل الاصلاح وعدم التعرض له هو تصرف غير بريء يهدف منه التأكيد الذي يشاع أن هناك تقارب فعلا بين الاصلاح والمؤتمر خاصة أن رؤى الأخيرين في موضوع شكل الدولة كانت متقاربة!! من صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.