التقت أسبوعية «الأهالي» رئيس فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني اللواء خالد أبو بكر باراس، وأجرت معه هذا الحوار.. هل تتوقع أن أعضاء مكون الحراك المنسحبين من مؤتمر الحوار سيؤثرون على الشارع الجنوبي لرفض وثيقة حل ومعالجة القضية الجنوبية؟ - أنا أعتقد أنهم سيتقبلونها وسيرحبون بها، لأنهم ساهموا بفاعلية في الوصول إلى ما جاءت به الوثيقة عندما كانوا مشاركين في الحوار قبل انسحابهم وحتى الآن لم نلمس من أحد منهم ما يدل على رفضها أو دعوة الآخرين لرفضها. كيف تقيم تقبل أبناء المحافظات الجنوبية للوثيقة؟ - حتى الآن فإن أغلبية من تواصلوا معي ردود أفعالهم إيجابية، لكن لا يخفى أن هناك موقف لا يقبل هذه الوثيقة حتى الآن، لكن بلا شك فإن ما حدث في الضالع وتلك الجريمة الشنعاء سيكون له ردود فعل تؤثر سلبا على قبول أبناء الجنوب لتلك الوثيقة وسيتطلب منا بذل جهود ومضاعفة للتقليل من السلبيات ويتطلب أيضا وقتا أطول من أجل إقناع إخواننا في الجنوب بقبول الوثيقة لما تقدمه للناس من مصالح. هناك من يطرح أن الوثيقة تمهد الطريق أمام الانفصال؟ - أنا شخصيا لم أجد في هذه الوثيقة شيء يدعو للانفصال أو قد يسبب أو يمهد للانفصال. وأعتقد أن عقدة الانفصال هذه وسيطرتها على تفكير البعض منا لا مبرر لها فإذا وجدت الدولة الاتحادية الحديثة، دولة النظام والقانون والمساواة والعدل ووزعت السلطة والثروة بعدالة وتم حل المشاكل والبرهنة على النوايا الحسنة والعزم على إنهاء السلبيات فلا خوف من هذا الانفصال. نرجو أن نثق في شعبنا في الشمال أو الجنوب ولا ينصب بعضنا نفسه وكيلا ونائبا عن الشعب، فالمواطن اليوم ليس ذلك الذي كان في السابق والثورة الشبابية قد وضعتنا في الطريق السليم من أجل التغيير وما علينا سوى استيعاب هذه الحقائق ونخلص النية ونبتعد عن الغرور والاعتقاد أننا ننوب عن الشعب وندرك مصالحه أكثر منه. في ظل تزايد الأصوات الرافضة للوثيقة، هل من الممكن القبول برؤية جديدة؟ - ليس هذا هو الحل فهناك توافق حول أن اليمن دولة اتحادية، والشيء الذي لم يحسم هو عدد الأقاليم وأي تغيير في هذا التوافق يعني إلغاء هذه الوثيقة وعودتنا إلى المربع الأول من حيث بدأنا ولا أظن أن ذلك يخدم مصلحة اليمن لأن هذا يعني فشل الحوار الذي نحن نتفاخر به أمام العالم أننا شعب مسلح ولكننا لم نتقاتل وإنما لجئنا للحوار وتميزنا فهل يرضينا أن نقع في مثل ما وقعت فيه شعوب عربية أخرى من مآس.. نحن بدأنا الحوار وقلنا إنه البديل للاقتتال والصراعات والفتن وعلى هذا الأساس فلا مكان لفشل الحوار، هذه مسألة مصيرية يجب الوقوف عندها والتمسك بما اخترناه في البداية ولا أعتقد أن أحدا يرضيه أن ننزلق إلى الهاوية التي تجنبناها باللجوء إلى الحوار. وكيف تنظر إلى مبدأ التقاسم الذي نصت عليه الوثيقة؟ - يجب النظر إلى هذا الأمر بصفته تجسيدا لمشاركة الجنوب بصفته شريك في الوحدة وكانت شراكته قائمة عند قيام الوحدة وتم إلغاؤها بالقوة بسحبه حرب 94 فإذا نظرنا لهذه المسألة من هذه الزاوية لن نستغرب المناصفة في كل المناصب العليا للدولة اليمنية الاتحادية كما ورد في الوثيقة بما في ذلك مجلس النواب. أما فيما يتعلق بالوظائف الأخرى فقد أشير في الوثيقة أن ذلك لا ينبغي أن يخل بالشروط المطلوبة مثل الكفاءة والتخصص والمؤهلات، وغير ذلك، ولكن مع إعطاء الجنوبيين أفضلية بحكم حرمانهم خلال السنوات ال22 الماضية مما تسبب في خلل كبير في مشاركتهم حتى في هذه المناصب الصغيرة من الدولة اليمنية الاتحادية. تتحدث عن كفاءة وتخصص ومساواة وتتحدث عن أفضلية؟ - إذا لم ننظر لهذه المسألة من زاوية إلغاء ومشاركة الجنوب في السلطة كشركاء وليس كأي محافظة أخرى من محافظات اليمن والاعتراف بهذه الحقيقة فإننا نجد فعلا أن هناك لامساواة لكن كما قلنا فإن المسألة تتعلق بالمشاركة الآن.. الإخلال بذلك قد أوصل الأوضاع إلى ما نحن نعانيه الآن إضافة إلى عوامل أخرى ولهذا يجب أن نتقبل مثل هذا حفاظا على وحدتنا وترسيخها وعدم العودة للحديث حول هذه الوحدة بعد إصلاح كل الاختلالات التي حصلت خلال العقدين الماضيين. ماذا عن توزيع الموارد الطبيعية مثل الغاز والنفط؟ - التوزيع العادل للسلطة والثروة يعد من أهم المداميك التي ستثبت وحدة اليمن كدولة اتحادية فيدرالية ومسألة توزيع الثروة هناك تجارب مماثلة في العالم حتما سيتم الأخذ بما يناسب وضعنا، يعني ستوزع الثروة وفي مقدمتها النفط والغاز توزيعا عادلا، لا يظلم الولاية المنتجة والإقليم ولا يظلم الدولة الاتحادية ومواطني اليمن عوما، وأنا أعتقد إذا استقرت الأوضاع وتقبلنا هذه الحلول فسيدرك المواطن في أي مكان أن اليمن فعلا غني بهذه الثروات لأنه سيلمس فائدتها وسيقول أين كانت هذه الثروات، ومن كان يستفيد منها قبل هذه الحلول؟ متى ستنتهي أعمال مؤتمر الحوار؟ - أتوقع أن ينهي مؤتمر الحوار أعماله قريبا وستصدر عنه الوثيقة النهائية إن شاء الله لأني أثق أن المشاركين في الحوار لديهم النية الصادقة للوصول إلى هذه النتائج ونجاح المؤتمر انطلاقا من إدراكهم أن نجاح المؤتمر هو نجاح الشعب في الخروج من هذه الأزمة والنهوض لبناء الدولة الاتحادية اليمنية والانتقال إلى مرحلة جديدة من العمل المفيد لصالح الوطن والمواطن وبناء اليمن الجديد الذي يطمح إليه كل اليمنيين. وإذا لم يحدث ذلك هل سنكون أمام تمديد كأمر واقع؟ - إطالة الحوار لفترة أخرى أو تأجيل الحلول لبعض القضايا وترحيلها إلى ما بعد المؤتمر لن يكون منطقيا، وهذه فرصة تاريخية لا يمكن ضياعها كما أضعنا غيرها من قبل فالفرص تأتي مرة فقط ولا تتكرر. ما جرى مؤخرا في بعض المحافظات الجنوبية من إحراق لبعض ممتلكات أبناء الشمال كالبساطين خلق مخاوف من توتر الأوضاع بعد الأقلمة؟ - ليطمئن إخواننا في أي محافظة في اليمن أن التنقل من مكان إلى آخر في طول الوطن وعرضه والعيش والعمل والتجارة وكل التملك والأنشطة الأخرى مسألة محسومة ولا خوف من ذلك، فكل الأنظمة الفيدرالية فيها هذا الأمر مسموح به تماما ودون أي عراقيل، الشيء الوحيد الذي أتصوره حسب تقديري هو الالتزام بالقوانين والأنظمة المعمول بها في الإقليم والولاية وغير ذلك. كيف تنظرون إلى استمرار حوادث الاغتيالات والاعتداءات التي تسهدها البلاد وخصوصا في محافظة حضرموت؟ - مسلسل الاغتيالات في حضرموت وغيرها والفوضى وأعمال التخريب كلها تهدف إلى إيصال المواطنين إلى حالة من الخوف واليأس والشعور بغياب دور سلطة الدولة التي يفترض أن تحميهم ليصلوا في آخر المطاف إلى قبول أي حدث آخر يسقط النظام وما بقي من هيبة الدولة ويتمنوا لو أن ما قبل الثورة الشبابية يعود فإنهم سيرحبون به. هناك قوى إرهابية ربما تكون القاعدة إحداها تمهد لتجزئة اليمن كله وتحويله إلى دويلات ضعيفة متناحرة لا سمح الله، وهناك من يهدف إلى التأكيد على أن الجنوب ليس مؤهلا لما يسعى إليه الحراك السلمي الجنوبي مثل استعادة دولته، وكذلك تبرير لرفض مخرجات الحوار على أساس أنه قبل قيام الدولة الاتحادية لا بد من وجود أولا الدولة اليمنية فإذا كانت الدولة قد سقطت أو اختفت ولا يلمس أحد وجودها كما يتصورون فإنه لا بد من قيام هذه الدولة أولا وأن ذلك سيحتاج لعشرات السنين وأهداف أخرى كثيرة. وكيف قرأتم نتائج وتداعيات الهبة الشعبية في حضرموت؟ - ما يحدث الآن في حضرموت لم يأت من فراغ فهناك تراكمات كثيرة من الأخطاء والإهمال والمظالم والاستخفاف بمطالب الناس هناك، وهي مطالب شرعية. مسلسل الاغتيالات التي حدثت خلال السنين الماضية لم يعرف الناس حتى الآن فاعليها فقط كانت السلطات تعلن عنها ونسبها لمجهول حتى أصبحت هذه الجرائم كأنها ممنهجة ومقصودة وتهدف إلى تحقيق نتائج محددة لن أطيل في الحديث حول بعض التفاصيل خاصة بالمظالم والتجاوزات الخطيرة لعدم وجود المجال لسردها، لكن لا بد من وقفة أمام أهم هذه الاغتيالات وأخطرها مثل اغتيال اللواء عمر سالم بارشيد ومجموعة من العمداء والعقداء من الأمن والأمن السياسي، ثم حادث الاغتيال الخطير من حيث توقيته ومكان حدوثه وطريقة حدوثه وهو اغتيال الشيخ سعد بن حمد بن حبريش العليي الذي بعده نفد صبر أبناء حضرموت جميعا فانفجر الموقف وكانت هذه الهبة الشعبية السلمية في البداية ثم تطور الأمر إلى وقوع حوادث أخرى. ماذا عن حوادث العنف التي رافقت تلك الهبة؟ - يبدو أن هناك من يصطاد في المياه العكرة فحدثت تلك الحوادث التي تعرض لها بعض المواطنين من المحافظات الشمالية، وأنا واثق أن أبناء حضرموت لا يمكن أن يفعلوا مثل هذا الفعل، فهم معروفون بحبهم للأمن ورفض العنف وعدم قبول الظلم والاعتداء على الآخرين واحترام الضيف وحماية الخائف ولهذا فإني أعتقد أن هناك من يقصد بذلك تشويه سمعة أبناء حضرموت وخلق الكراهية مع إخوانهم أبناء المحافظات الأخرى حيث أن مثل هذه الأفعال لا تخدم قضية قبائل الحمو ولا مطالب أبناء حضرموت، ولا حتى القضية الجنوبية نفسها فهي عمل لا يمكن قبوله والافتخار به أو حتى البحث عن مبررات له مهما كان.