المستجدات الأخيرة والمتسارعة خصوصاً في الحوار الوطني هاجس يشغل الرأي العام، وحين يتحدث عنها عضو اللجنة المصغرة في فريق القضية الجنوبية عبد الرزاق الهجري فسيدلي بحديث مسئول وشفاف. الهجري محام بارع وسياسي محنك ونائب برلماني حاذق، خاض معارك حامية مع حكومات الرئيس السابق وكشف ملفات شائكة أظهرت عقليته الفذة التي مكنت حزبه التجمع اليمني للإصلاح من انتخابه نائباً لرئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح، وسلمته مهاماً حساسة ودقيقة في الحوار الوطني كممثل للإصلاح في اللجنة المصغرة. يبتسم بهدوء ولا يخلو حديثه من الحرص على التقارب، يسبق ذكره للمكونات ب"الأخوة". "الأهالي" التقت عبدالرزاق الهجري، عضو مؤتمر الحوار الوطني وأجرت معه هذا الحوار: بداية ما الذي تم في جلسة مؤتمر الحوار السبت الماضي؟ - نحن في المحطة الأخيرة من مؤتمر الحوار وبعد التوقيع على وثيقة القضية الجنوبية من كل المكونات طرح رئيس جلسة مؤتمر الحوار أبو بكر باذيب تفويض مؤتمر الحوار للأخ رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة خاصة لحسم الأقاليم وتم التصويت عليها بالأغلبية، ورفعت الجلسة. متى سيتم الحسم في الأقاليم؟ - من المتوقع أن يعلن الرئيس أسماء اللجنة على أن يتم الحسم في عدد الأقاليم خلال الأسبوع القادم. أين وصلت وثيقة حل القضية الجنوبية؟ - بالنسبة للحوار فإن آخر المحطات المتقدمة في مسيرة الحوار هو استكمال التوقيع على وثيقة اللجنة المصغرة لفريق القضية الجنوبية المتعلقة بالحلول والضمانات التي استكملت نهاية الأسبوع الماضي من قبل بعض المكونات وتعد خطوة ايجابية باتجاه انتهاء مؤتمر الحوار الذي سيقدم مع بداية الأسبوع القادم من يوم السبت للجلسة العامة لإقراره ومن ثم الدخول في التصويت على المخرجات النهائية للحوار الوطني ومن ثم نكون قد وصلنا إلى نهاية مؤتمر الحوار التي نأمل إن شاء الله تعالى أن تتحول هذه المخرجات إلى واقع عملي يسهم في استقرار ونماء وازدهار ووحدة اليمن. كيف تقرأ توقيع المؤتمر الشعبي على الوثيقة؟ - نحن نعتبر التوقيع موقفا إيجابيا وإن كان هناك نوع من التلفيق الإعلامي في الفترة الماضية للتضليل على الرأي العام من قبل وسائل إعلام المؤتمر الشعبي التي أرادت أن توحي للناس بأن هذه الوثيقة خيانة وتقسيم لليمن وتدمير للوحدة، والوثيقة في الحقيقة غير هذا، فنحن استطعنا من خلال هذه الوثيقة أن نعطي حلولا منطقية وعادلة للقضية الجنوبية ومعالجة لمآسي الماضي ومعالجة للمستقبل أيضاً بحيث يشترك الجميع في السلطة والثروة بشكل مرضٍ لكل الأطراف. لكنهم وقعوا على بيان هيئة الرئاسة أيضاً؟ - سأحدثك عن هذا البيان، نحن في هذا البيان الذي صدر عن هيئة الرئاسة كنا قد وقعنا على وثيقة كتبت الأربعاء الماضي حينما وقعت معظم المكونات على وثيقة حلول القضية الجنوبية باستثناء الأخوة في المؤتمر الشعبي العام كتبنا مقترحا وض�'حنا فيه أن توقيعنا على الوثيقة مرتبط بأن لا ينص في الدستور على أي قوانين تنتقص من حقوق المواطنة المتساوية في الدولة الاتحادية لجميع اليمنيين، وأن لا يؤسس في الدستور لكيانات شطرية أو جهوية أو مناطقية تتناقض مع الهوية اليمنية الواحدة فوقعت على هذا المقترح كل المكونات ما عدا الأخوة في المؤتمر الشعبي ورفضوها. ما مبرراتهم التي قدموها في حينها؟ - لا أدري ما هي مبرراتهم، كانت مبررات واهية لكن هيئة رئاسة مؤتمر الحوار أخذوا بهذه المقترحات وطوروا أيضاً مجموعة من المقترحات الأخرى وتم التصويت عليها بالإجماع يوم الأربعاء الماضي كأحد وثائق مؤتمر الحوار وبالتالي لم يعد هناك مبرر لأي طرف في إعاقة استكمال تقرير القضية الجنوبية. كيف تعامل الإصلاح مع هذه القضايا؟ - نحن في الإصلاح تعاملنا مع هذه القضية بمسئولية عالية بعيداً عن المزايدات والابتزاز الرخيص للمواقف والحمد لله أن الأيام كشفت صوابية موقفنا ومدى اللعب على عواطف الجماهير بقضايا وطنية بهذه الخطورة. لماذا يتم اللعب بقضايا وطنية خطيرة؟ - أعتقد أنها ممارسات ليست من الأخلاق في شيء أن يتم العبث بالساحة الوطنية بهذا الأسلوب لتحقيق مكاسب آنية أو لربما لإرضاء أنانية شخصية لمهووس بالعودة إلى السلطة أو طامح في أن يظل في المشهد وأعتقد أن اليمن أكبر من أن نحصره في إرضاء هوس شخص أو مجموعة أو أسرة أو إرضاء غرور أي طرف من الأطراف، اليمن أكبر من الجميع وأعتقد ما حدث من تصويت من قبل مؤتمر الحوار على بيان هيئة الرئاسة كان أمراً إيجابياً وأصبحت وثيقة من وثائق مخرجات الحوار إن شاء الله تعالى سننهي أعمال مؤتمر الحوار خلال هذا الأسبوع ونصل إلى بر الأمان بحول الله تعالى. ما جدوى بيان هيئة الرئاسة بالنسبة للوثيقة؟ - البيان هو تأكيد على المواطنة المتساوية، التأكيد على وحدة أراضي اليمن وتجريم الدعوة للانفصال، وعلى ضمانة حلول عادلة للقضية الجنوبية وضمان معالجة صراعات الماضي جميعا ًعلى وحدة اليمن وأمنه واستقراره وسيادته وبالتصويت عليه في الحوار الوطني اعتبر هذا البيان وثيقة من وثائق الحوار التي ستكون ضمن مخرجاته النهائية. هل جاء يكمل نقصاً في الوثيقة؟ - جاء يوضح اللبس الذي كان البعض يحاول أن يصطاد في الماء العكر فيه وثبت الوثيقة وأعطى للأخوة في المحافظات الجنوبية والشرقية حقوقهم التي انتقصت حيث أكد عليها وبتضامن إخوانهم في جميع المحافظات الشمالية. ما حقيقة استبعاد فريق بناء الدولة لمادة تجرم الانقلابات المسلحة على السلطة؟ - نحن تقدمنا بمادة تنص على تجريم الوصول إلى السلطة عن طريق الانقلابات والعنف واستخدام السلاح بهدف التأسيس للتداول السلمي للسلطة بحيث تضمن لجميع الأطراف التي تستطيع إقناع الشعب اليمني ببرامجها والحصول على ثقة الجماهير لتتمكن من أداء وظيفتها في الحكومة ، لكننا للأسف فوجئنا أن أطرافا لا تؤمن بالعمل السياسي السلمي وقفت ضد إقرار المادة وسعت إلى إسقاطها وللأسف الشديد فإن هذه الأطراف وجدت من يؤيدها وتم إسقاطها. من هي هذه الأطراف ولماذا ترفض مادة جوهرية كهذه؟ - أعتقد أن الأطراف التي تنتهج العنف وتؤمن بالسلاح معروفة لدى الشعب تلك الجهات التي تفتح حروباً على كل مكونات الشعب ولا تؤمن بالتعايش ولا تقبل بالآخر أما لماذا رفضوها فلأن مشروعهم لا يقوم إلا على العنف والحرب والسلاح والفوضى وهم بالمناسبة مجموعة تحالفات وليسوا فئة بعينها كما يتم تصوير ذلك في الإعلام المغرض. ما الخطوة التالية؟ - الخطوة القادمة بعد انتهاء مؤتمر الحوار من الناحية الإجرائية وحسب ما نصت عليه المبادرة تشكيل اللجنة المختصة بصياغة الدستور التي يجب أن تنتهي من أعمالها في الوقت المحدد لها بحيث تنتقل إلى مرحلة الاستفتاء عليه ثم الانتخابات الرئاسية وهناك نقاش بين مكونات الحوار حول ما تبقى من المرحلة الانتقالية وكذلك الانتقال إلى المرحلة التأسيسية التي هي مرحلة الانتقال من النظام المركزي إلى اللامركزي وإن شاء الله تعالى يتحقق فيها البرنامج المطلوب. لكن الأوضاع في الميدان تقول شيئا مختلفا؟ - نحن لا زلنا في مؤتمر الحوار وما أؤكد عليه أن المرحلة القادمة يجب أن تكون بناء وحضورا للدولة. كيف سيحدث ذلك في ظل التطورات الأخيرة؟ - بعد مؤتمر الحوار ليس هناك من عذر لرئيس الجمهورية ولا لحكومة الوفاق من القيام بواجبهم في ضبط الأمن وبسط هيبة الدولة على جميع أنحاء الوطن والضرب بيد من حديد على كل من يريد تخريب أمن واستقرار البلد وتفعيل التصحيح في مؤسسات الدولة وإبعاد الفاسدين من مواقعهم وإعادة الاعتبار للوظيفة العامة ولمؤسسات الدولة، اليوم مطلوب من رئيس الجمهورية ومن حكومة الوفاق الوطني بعد مؤتمر الحوار أن يرى الناس شكلاً جديداً للدولة وهيبة جديدة أما أن يستمر المسلسل السابق فأعتقد أن الناس سيصابون بخيبة أمل ونحن بعد ذلك ربما بحاجة لأن نعد هبة ثورية جديدة إلى أن يستعيد المسئولون وعيهم ويعقلوا أن الناس ينتظروا من الدولة موقفا قويا يضرب المخربين ويفرض الأمن والاستقرار ويبعد الفاسدين سواء في السلطة المحلية أو المركزية سواءً كانوا في الأمن أو الجيش أو الأجهزة المدنية أو القضاء، فاليوم بعد مرحلة الحوار الوطني مطلوب أن نرى دولة فاعلة ولا عذر لرئيس الجمهورية ولا لحكومة الوفاق، والذي يرى نفسه عاجزا عن القيام بمسئوليته فالأشرف له أن يقدم استقالته وهناك من أبناء اليمن من يستطيع أن يقوم بالمهمة خيراً منهم إن عجزوا أن يصلوا بالبلاد إلى ما يطمح إليه الشعب. كيف تقرأ الأحداث الأخيرة والحروب المشتعلة؟ - من لا يروق لهم الأمن والاستقرار ومن لا يروق لهم عملية التغيير ومن لا يروق لهم نجاح مؤتمر الحوار والانتهاء منه والإجماع الوطني على بناء دولة مدنية حديثة هم من يديرون هذه العمليات التخريبية والفوضى وربما من يزعجهم دخول البلد إلى مرحلة الهدوء والأمن والاستقرار ومتضررون من عملية التغيير القادمة هم سيستمرون في افتعال الأزمات لكن إذا وجدت الدولة وفرضت هيبتها ووجودها وتعاملت مع كل هذه الظواهر بحزم فستنتهي كل هذه المظاهر التي ما وجدت إلا في غياب الدولة. هل تظن أن الدولة تستطيع ذلك؟ - بالتأكيد فإمكانية الدولة كبيرة وعظيمة ومتوفرة وهذا الجيش العرمرم وقوات الأمن إذا لم تقم بواجبها ودورها في بسط نفوذ الدولة وحفظ الأمن فما الداعي لوجودهم، إمكانياتنا متوفرة باعتقادي وحين تتوافر الإرادة الحقيقية والصادقة لدى المسئولين ومؤسسات الجيش والأمن والتفاف شعبي ومساندة وطنية فإن الدولة كفيلة بحماية البلاد وحفظ أمنها واستقرارها لأن مؤتمر الحوار الوطني أسس لرؤية دولة حديثة تحترم المؤسسات بإجماع المكونات ويجب أن نحترم هذا الجهد وهذا الإجماع لقيام الدولة بتنفيذه وترجمته على أرض الواقع. هل تلمسون تشاؤم الناس وضيقهم من فترة الحوار وما رافقه من أعمال تخريب؟ - يجب أن يكون واضحاً أن دور الحوار الوطني كان رسما لسياسات وملامح المستقبل وليس معالجة الاختلالات وحل المشاكل حسب ما يظن البعض فمؤتمر الحوار ليس هيئة تنفيذية لكن مؤسسات الدولة هي المعنية بتنفيذ مخرجات الحوار. كيف ترى المستقبل؟ - أنا متفائل بأن الأمور ستسير في الاتجاه الصحيح وكل مرحلة تغيير من الطبيعي أن تمر في مثل هكذا ظروف وتشهد أزمات ومنعطفات حادة ومنغصات لكن المستقبل زاهر بإذن الله بجهود كافة أبناء اليمن المخلصين.