اليوم كان على صدر صحيفة الأولى عنوان كبير ووحيد "رجال الله"، قدمت فيه الصحيفة ملفآ عن رجالات الوحدات العسكرية التي تقوم بعملية عسكرية ضد تنظيم القاعدة في محافظاتشبوة وأبين والبيضاء، وآخر أخبار العملية. كانت جملة "رجال الله" توظيفآ ذكيآ وخطيرآ، في نفس الوقت، من قبل القائمون على الصحيفة، فهذا المصطلح "رجال الله" يطلق عادة للإشارة، على سبيل الإشادة، لمجموعة من رجال القبيلة، أو القرية، أصحاب المواقف المشهودة، والشجاعة والقادرين على التحمل في مواقف العمل أو في الحروب والنزاعات القبلية. خطورة التوصيف/ التوظيف تظهر في اتجاهين أولهما: يطغى في اللحظة الراهنة، في الوسط الإعلامي على الأقل، استخدام إسم "أنصار الله" للإشارة الى جماعة الحوثي المسلحة، وهي جماعة يضعها كثيرون في خانة جماعات الارهاب جنبآ الى جنب مع تنظيم القاعدة، لقربهما من بعض في المنطلقات والشعارات والأدوات (العنف المسلح ضد الدولة والمجتمع)، على الرغم من الخلاف العقائدي بينهما، وهنا تكون الإحالة واضحة، حيث أن المماثلة، اللفظية، بين الجيش وبين جماعة الحوثي تظهر كما لو أن الجيش شبيه بهذه الجماعة المسلحة، وأنهما ، رجال الله وأنصار الله، في خندق واحد ولا يجب أن يتعامل "رجال الله" في الأيام القادمة مع "أنصار الله" كما تعامل مع جماعة القاعدة، فهم أخوة بانتسابهما الى الله!!. كما أنه يجب على الجيش اليمني أن يعرف، وفقآ لمقتضيات المماثلة اللغوية، أن "أنصار الله" لهم نفس قوة "رجال الله"، وبالتالي فأنه لن يكون موفقآ في حال اختار الانحياز الى منطق الدولة ومحاربة "أنصار الله"، لأنه سيجد على الطرف الآخر مقابل يشبهه تمامآ من حيث الإسم والقدرات والقوة. أما الأمر الثاني فهو استجلاب مفهوم اجتماعي تقليدي لتوصيف فعل دولة، وهذا ينزل بمرتبة الدولة من مكانتها كمكون مفارق لطبيعة التكوينات الاجتماعية الأخرى، ولها مفاهيمها وأدواتها الخاصة بها، الى جعلها بموازاة القبيلة وماتفرع عنها من تكوينات، وهذا يعزز النظر الى الدولة بوصفها أحد تشكلات القبيلة، وصورة معبرة عنها لا غير!. هذه الإحالة تمضي بأثرها الى حد بعيد، حيث أن استجلاب الدولة لمفاهيم القبيلة وأعرافها، كما يحصل مع تحكيم الدولة لجماعات وقبائل مختلفة، يجعل من الدولة تعبيرآ عن طريقة حياة المناطق القبلية، ويعزز فكرة امتلاك الدولة من قبل هذا الحيز، لأنهم خير من يمثل قيم القبيلة!، واستبعاد اليمنيون الذين ينتمون الى مناطق تخففت من القبيلة وأعرافها، وهو ما كان قائمآ بالفعل خلال العقود الماضية وتعزز في ظل نظام صالح ويراد له أن يستمر الى المستقبل بفعل هذه التوظيفات، التي تقوم بها مراكز السلطة أو تدسها وسائل الاعلام المرتبطة بأجنحة السلطة والطامعة فيها. أخيرآ.. في ظل الدولة، الله لا يحتاج رجال يستلمون رواتبهم من ضرائب "مواطنون" أقاموا هذه الدولة لحمايتهم وإدارة شؤونهم، فالله، تعالى، لن يقبل على نفسه أن يسرق حقوق مخلوقاته!. رجال الدولة ليسوا "رجال الله"، فكل جماعة تسعى لربط مصيرها بالله هي جماعة تعاني هزالآ في تعريف نفسها وفقآ لحقائق الزمن الذي تتواجد فيه، كما تعاني ضمورآ في ما يتصل بفكرة الدولة، ولا تريد الانتماء الى هذا الوطن.. أما جيش "الجمهورية اليمنية" فليسوا عناصر شبيهة بأعضاء جماعة بلا تعريف وبلا هدف وطني،، كما أنهم لا يمثلون الله بل يمثلوني أنا وكل مواطني الجمهورية اليمنية.