كما كان متوقعاً، امتدت حرب القاعدة إلى العاصمة صنعاء بعد فرارها من شبوة الجنوبية، وبدأت الأخبار الرسمية تتوالى عن ضبط عناصر إرهابية قبل تنفيذ عملياتها، وفي ليلة السبت أعلنت اللجنة الأمنية مقتل "شائف الشبواني" بالقرب من قصر الرئاسة، بعد أن باشر هو بإطلاق النار على دورية أمنية كانت ترصده، وجاء في نص الخبر الذي بثه موقع وزارة الدفاع "الشبواني أحد عناصر القاعدة ومتورط بعدة جرائم إرهابية".. وبعد ساعات قليلة بدت الأجهزة الأمنية هي المتورطة، فقد تراجعت عن وصف الشبواني بالإرهابي، وأرسل الرئيس هادي لجنة وساطة رفيعة يقودها رئيس جهاز المخابرات "جلال الرويشان" إلى آل شبوان بمأرب، ليفتح بذلك الباب أمام الشائعات التي تحدثت عن مطالب تعجيزية لآل شبوان، يحتاج تنفيذها إلى ميزانية دولة، بل يستدعي خروج الدولة من مأرب، في حادثة تستدعي إلى الأذهان مقتل نائب محافظ مأرب جابر الشبواني الذي قتلته طائرة أمريكية بدون طيار، في مايو 2010 وخوفاً من تكتل قبائل مأرب ضد الدولة أو إلحاقهم ضرراً بمنشئات النفط والغاز والكهرباء أسرع الرئيس صالح إلى ارسال غمد جنبيته "العسيب" مع زوج ابنته عصام دويد، و150 مليون ريال، تكاليف مراسيم الدفن، كنوع من العرف القبلي الذي يعني الاعتراف بالخطأ، ولاحقاً تم دفع قرابة خمسة ملايين دولار ديةً لآل شبوان، ومغازلتهم بتسمية المولود الجديد للعميد أحمد علي عبدالله صالح ب"جابر". والحقيقة التي يجب أن تقال هي إن التحكيم الباذخ الذي قدمته الدولة استرضاءً لقبائل الحموم بحضرموت في مقتل الشيخ سعد بن حبريش في ديسمبر 2013 قد فتح شهية آل شبوان بمأرب، أكثر مما كانت، وسيفتح مستقبلاً شهية قبائل شبوة التي تدور رحى الحرب ضد تنظيم القاعدة على أراضيها، وغداً ستقول إن العشرات من أبنائها قضوا بالخطأ على يد الجيش. خطر القاعدة يحيط بالعاصمة وأي محاولة لتفجير الوضع فيها لن يكون مسئولية القاعدة، فهناك قوى لا تزال تتربص بالبلاد، وتتأبط شراً، تريده أن يربك مرحلة الانتقال السياسي، ولا بديل عن الانتقال السلس والآمن إلا دمار البلاد، وبروز نتوءات أصحاب المشاريع الصغيرة. أما التسابق إلى تأييد الجيش في عملياته البطولية ضد القاعدة، فلا تعني أن كل طرف يؤيد الجيش، هو بريء من ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مثلاً، بيانات الحوثي المؤيدة للجيش في حربه ضد الجماعات الإرهابية في الجنوب لم تكن بريئة أو صادقة في تأييدها لجيش الدولة، الذي قتلت منه 60 ألف جندي باعتراف عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي عبر قناة الجزيرة في 10 أبريل الماضي، وتأييد الحوثي للجيش كان مناورة تكتيكية، تأتي في سياق التأكيد على أربع نقاط أساسية: أولاً أراد أن يدفع عن نفسه صفة العنف والإجرام التي صارت صفة لصيقة بالحركة الحوثية منذ تأسيسها. ثانياً أراد مغازلة الغرب وأمريكا ولجنة العقوبات الأممية بسلمية الحركة الحوثية ونبذها لكل فعل إجرامي، وعنف بحق الآخرين. ثالثاً لدى الحوثي رغبة جامحة في تصفية عناصر القاعدة ذات التوجه الوهابي السني، وهو ذو ميول شيعية جعفرية، وبالتالي يخاف من أن تقوى شوكة القاعدة وتثأر من الحوثيين رداً لما اقترفوه بحق سلفيي دماج الوهابيين. رابعاً لا تخفى رغبة الحوثي في تفتيت عضد الجيش وإنهاكه في حروب مع أشباح في جبال وصحاري الجنوب، حتى تُرهق المؤسسة العسكرية، ومن ثم يخلو الجو للحركة الحوثية، لتحقيق طموحاتها في شمال الشمال. * خير خلف وسلف تعيين الدكتور الفاضل نجيب أبو أصبع رئيس قسم الكلى بمستشفى الثورة بصنعاء نائباً لمدير عام المستشفى واحدٌ من قرارات قليلة تبعث على التفاؤل، وتبشر بعهد جديد، فيه متسع من العمل الجاد والمخلص، ولا مكانة للفساد والمحسوبية، ثم إن الدكتور أبو أصبع جاء خلفاً لواحدٍ من خيرة الرجال في هذا البلد، هو الدكتور عبدالحميد أبو حاتم، رجل مكتبه مثل قلبه مفتوح للجميع، لا يمنع أو يتجهم في وجه محتاجيه، وكنت أتمنى تعيينه مستشاراً لوزير الصحة بدرجة وزير، وليس مستشاراً لمدير المستشفى، فهو أهلٌ لكل ثقة وموقع. *صحيفة الناس