تجرد هادي تماماً من آخر هالات المسؤولية التي طالما حاولت مدركاتنا – تفاؤلاً أو تغابياً؛ لا يهم– إسقاطها عليه وعلى إدارته، ربما تهرباً من مرارة الشعور بفداحة الخيبة الكبيرة إثر كل فشل تسقطه تلكؤات وجوده كرئيس لبلد بحجم اليمن وليس رئيساً لمبادرة ملعونة شعبياً! إلى اللحظة نجحت سلطته في كبح جماح الأهداف النبيلة للثورة في مقابل استمرار تمدد الماضي في حاضرنا ومستقبلنا للأسف، تفانت في ترويض الحماس الشعبي واندفاعات الطموح الفتي للحالمين بوطن آمن كريم، يتساوى فيه الجميع دون استثناء، في حين تكتفت يد أجهزته عن مواجهة إرهاب جماعات التطرف والعنف، وهي تزحف على المحافظات والمدن المكتظة بالأبرياء والمدنيين الآمنين الذين ذهبوا ضحيةً لمثل هكذا قذارة في الفكر والمشروع. اليوم نتجرع جرعات الفشل و واقع الحال المائل الذي أورثنا إياه وفاق القوى المهنية على نفس الدولة: يتم اختزال التسامح والتصالح بعيداً عن مبدأ العدالة الانتقالية في شخوص جموع جامع الصالح التي يبدو أن هادي أولاها المصير الوطني في مقابل استرضاء غرورها وإعادة تموضعاتها و توازناتها من جديد. حكومة لا تملك صلاحية للإصلاح تقر جرعة تقصم بها معيشة الغالبية الفقيرة من الشعب، قافزة على متاحات الإصلاحات حقيقية كانت تستطيعها لو هي فعلاً أرادت ذلك "إلغاء مصلحة شؤون القبائل، وكل الكيانات غير القانونية التي تلتهم خزينة الدولة بدون وجه حق، والقضاء على الازدواج الوظيفي في خزينة الدولة في السلكين المدني والعسكري، وإلغاء آلاف الأسماء الوهمية من سجل الخدمة المدنية، ومحاربة ومواجهة الفساد أينما وجد وأياً كان مصدره، وأخيراً خضوع كل مسؤولي وأجهزة الدولة لحالة تقشف كلية عوضاً عن تقديم المواطن البسيط ككبش فداء لعبط رسمي يمضي بمجمل الحياة في هذا الوطن إلى حافة سقوط سحيقة..! لابد أن يوحدنا الغضب، يجمعنا الرفض لمواجهة إذلال المرحلة الانتقالية، بعيداً عن حسابات التصنيف وعفن الفرز المقيت التي توفر للمتمصلحين القدامى والمتسلقين الجدد فرصة مواتية لتشتيت الطاقات الوطنية وحرف ثورة فبراير عن مسارها الحقيقي في مقابل تنامي وانتشاء المشاريع الصغيرة لذي القوى. نعم نبدو اليوم وأكثر من أي وقت مضى في أمس الحاجة للاحتجاج والفكاك من كل هذه الارتهانات الداخلية والخارجية.. لنخرج..