كان يوما أسودا، حزينا كئيبا، لم تشهد له صنعاء مثيلا. ذلك اليوم الذي أقدمت جماعة ارهابية مسلحة على اقتحام مقر وزارة الدفاع والقيادة العليا للقوات المسلحة (مجمع العرضي) رغم تحصيناته وحراسته المشددة. مستغلة ضعف الحماية المتمركزة على البوابة الغربية الصغيرة الخاصة بمستشفى المجمع. يومها أظهرت تلك الجماعة الارهابية حقدا وغلا يفوق كل وصف، حين قتلت عشرات الأبرياء وجرحت العشرات بدم بارد وبلا إنسانية، وبلا هدف، سوى إشباع رغباتها بالقتل وإراقة الدماء الزكية البريئة. حتى اليوم، كلما مررت بالمكان سمعت صراخ الجرحى وأنين المصابين وحشرجات المحتضرين وشممت رائحة الموت والدخان تملأ المكان، وشعرت بأرواح زملائنا الشهداء تحوم وترفرف باحثة عن قاتليها، ومتسائلة: ما فعلت لجانكم، وإلى اين وصلت تحقيقاتكم!؟. فتنتابني خيبة أمل بحجم السماء والأرض، وتسقط من العين دمعة حزن عليهم. تلك الحادثة كشفت خرقا أمنيا خطيرا في حماية المقر وأرواح من فيه، وتقصيرا واضحا في ردة الفعل السريع لاحتواء الموقف. وكشفت عجزا استخباراتيا في توفير المعلومة، لدرجة توقف كاميرات المراقبة عن العمل وعدم صيانتها. وحتى اليوم ما تزال الحقائق غائبة، وما تزال أرواح أزهقت وأجسادا نزفت وجرحت وعيونا سلمت من شظايا الزجاج، جميعها ما زالت تتساءل عن عدالة القصاص لها وعن انصافها والأخذ بحقها ممن ارتكب الجرم أو ساهم فيه أو قصر في أداء واجبه. فهل سننصفهم قريبا؟. أم أننا سنقتلهم مرتين!. مرة يوم استشهادهم واستهدافهم ظلما وعدوانا، وأخرى بغياب القصاص لهم والتوصل للجاني وكل من ساهم في تلك الجريمة البشعة. ما الذي يمكن أن يقوم به الوزير الجديد محمود الصبيحي، في هذه القضية، خاصة أنه عرف بحرصه الشديد على أفراده وضباطه؟.