كنا نظن، وبعض الظن إثم، أننا خلال 52 عاما الماضية قد حققنا الهدف الثاني للثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر المجيدتين وهو هدف (إنشاء جيش وطني قوي مهمته حماية الثورة ومكتسبات الشعب الاستراتيجية وحماية سيادة واستقلال البلاد من أي خطر أو عدوان خارجي أو داخلي قد يتهددها". إلا أننا تفاجئنا خلال الثلاثة الأعوام الماضية، أي منذ اجتياح الربيع العربي لبعض البلدان العربية، ومنها اليمن، أننا أمام جيش هزيل متعدد الولاءات والانتماء غير قادر حتى على حماية نفسه والياته ومعداته العسكرية، فضلا عن ضبط الوضع الداخلي وحفظ الأمن والتعامل مع حالة الانفلات الأمني باحترافية ومهنية وبحيادية تامة بعيدا عن الولاءات الشخصية والقبلية والحزبية الضيقة. وبدلا من الحيادية الايجابية التي كان يفترض به أن ينتهجها، كانت حياديته سلبية جدا مما جعل الكثير من الجماعات المسلحة والعصابات تعيث في الأرض فسادا كقطع الطرق والاعتداءات المتكررة على أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط والاعتداء على كثير من مؤسسات الدولة. هذه الحيادية السلبية جعلت بعض الأطراف تستقوي وتتجرأ أكثر حتى وصل بنا الحال إلى الاعتداء على بعض وحدات الجيش ومعسكراته والاستيلاء على معداته وأسلحته الخفيفة والمتوسطة والثقيلة تحت مختلف المبررات والأعذار. الأمر الذي أضعف معنويات الجيش أو يكاد يكون قد قضى عليها تماما، وولد لدى الكثيرين من منتسبي القوات المسلحة الشعور بالاحباط وبالاهانة والخزي والعار وبالعجز التام عن قيامه بابسط مهامه الدستورية والوطنية، فضلا عن المشاركة الفاعلة جنبا إلى جنب مع الشعب لتحقيق آمن لانتقال البلاد إلى الديموقراطية والاستقرار الوطني. إذ أدى ضعف الولاء الوطني وانعدام الثقافة والعقيدة العسكرية؛ وكذلك الولاءات الشخصية والقبلية والحزبية إلى ذلك الفشل الذريع الذي أصابه وانقسامه على نفسه الذي ظهر جليا بعد جمعة الكرامة في مارس 2011 وهو نتاج طبيعي ونتيجة حتمية وطبيعية لانحراف الجيش عن مهامه الرئيسية وولوجه المعترك السياسي والعمل الحزبي لكثير من قادته ومنتسبيه مخالفين بذلك الدستور وكل القوانين المدنية والعسكرية وبتشجيع من الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وبعض الوجهاء والمتنفذين السياسيين. وخلاصة القول: أننا بأمس الحاجة لاعادة هيكلة القوات المسلحة على أساس وطني بحت وحمايتها من أي اختراق حزبي أو أمني إن أردنا بناء جيش وطني قوي يحمي ولا يحكم.