قال تقرير اقتصادي إن التدهور السياسي والأمني الذي يشهده البلد حالياً يقود الاقتصاد إلى مراحل تدهور خطيرة جداً ليصبح ايقافها مستقبلاً عملية صعبة تتطلب إمكانات اقتصادية ومالية أكبر وشروط سياسية وأمنية أكثر. مشيرا إلى هناك انخفاض كبير في حركة النشاط الاقتصادي وتوقف كثير من المشروعات الاستثمارية وهروب عدد من الشركات والمؤسسات الأجنبية وكذلك هروب رؤوس الأموال المحلية إلى خارج اليمن، وأن هناك قلق عام ينتاب المستثمرين جراء تدهور الوضع السياسي، وأن لا حلول تلوح في الأفق، واستبعد التقرير دخول استثمارات جديدة ورأسمال جديد إلى اليمن في العام الحالي أو العام القادم، باستثناء الاستثمارات السياسية الإقليمية، لأن المستثمر يبحث عن بيئة استثمارية مناسبة ومكان آمن يحقق له عائد ربحي مناسب. وأوضح التقرير أهمية الجانب النفسي للمستثمرين والمودعين بالمصارف المحلية، حيث أن التدهور الحاصل يولد شعور بالقلق والخوف وعدم الثقة بالعملة المحلية لدى المودعين هو ما سيدفعهم إلى سحب ودائعهم وتحويلها إلى الدولار، وقد بلغت حجم الودائع بالعملة المحلية في البنوك التجارية حوالي 2.2 تريليون ريال في ديسمبر 2014م، فاذا ما تم سحبها فان ذلك يتطلب تغطيتها 10 مليار دولار، والبنوك التجارية لا تملك سوى 2.1 مليار دولار، لذلك فهي بحاجة إلى 8 مليار دولار، وسيتم طلبها من البنك المركزي الذي لا يمتلك سوى 4 مليار دولار في نهاية يناير 2015م، وسيواجه عجز 4 مليار دولار، بالإضافة إلى أن البنك المركزي سيعجز عن دفع فاتورة الواردات الضرورية من الاحتياجات الاستهلاكية. التقرير الصادر عن مركز بحوث التنمية الاقتصادية، توقع أن الطلب على الدولار سيرتفع وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الريال اليمني وبالتالي انخفاض سعر العملة المحلية، وهذا سيؤدي إلى فقدان الثقة بالعملة المحلية وبالتالي هروب أكبر لرأس المال من اليمن، وهو ما سيعمق المشكلة الاقتصادية بشكل أكبر، وسيقود ذلك إلى مشكلات سياسية أكبر. مشيرا أن البنوك والمصارف المحلية معرضة للنهب والسرقات من قبل العصابات وهو ما حدث في بعض المناطق ما سيدفع البنوك وشركات الصرافة إلى اغلاق كثير من فروعها. التقرير أشار أن الاحتياطي النقدي للبنك المركزي تراجع من 7 مليار عام 2011 إلى 4 مليارات نهاية يناير 2015م، وهناك مخاوف من نضوب النقد الأجنبي ومخاوف العزلة الدولية التي قد تشهدها اليمن في الأيام القادمة كلها تجعل الاقتصاد على وشك الانهيار. توقف البنوك نبه التقرير إلى أن استمرارية الازمة السياسية وغياب الاستقرار الأمني واستمرار اغلاق السفارات الأجنبية في صنعاء سيؤدي إلى توقف بعض البنوك الخارجية من تعاملاتها مع البنوك اليمنية وبذلك ستتوقف كثير من الحوالات المالية من وإلى اليمن، وهو ما سيضاعف الصعوبات والعقبات أمام التبادل التجاري بين اليمن والعالم الخارجي والذي بلغ حوالي 21 مليار دولار عام 2013م، ما يعني مضاعفة الآثار السلبية والتداعيات الخطيرة على الاقتصاد. تسريح الموظفين ذكر التقرير إن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي الأخرى تعاني من انخفاض حركة مبيعاتها إلى ما يقرب من النصف مقارنة بنفس الفترة للأعوام السابقة، وأن بعض المشرعات عجزت عن سداد التزاماتها ودفع ايجارات المشروعات وعجزت عن دفع الأجور والرواتب لموظفيها، كما أن بعض الشركات قامت بتسريح جميع العاملين فيها وبعضها خفضت عدد العاملين، وانعكاس ذلك على انخفاض دخل مجموعة كبيرة من الاسر اليمنية وهذا سيدفع بالأسر إلى تقليل طلبها الاستهلاكي على السلع والخدمات الأمر الذي سيدفع بالمنتجين والمستثمرين إلى تخفيض انتاجهم واستثماراتهم واغلاق بعض المشروعات مما يعني تسريح أكثر للعاملين وبالتالي تعطل كثير من الموارد الإنتاجية والاقتصادية. وهو ما يلقي بظلال الأزمة السياسية على تفاقم الأوضاع الاقتصادية. ارتفاع البطالة توقع التقرير أن ترتفع معدلات البطالة إلى أكثر من 60% عام 2015، وما تؤكده كثير من المؤشرات بأن هناك طابور جديد من اليمنيين ينضمون إلى صفوف العاطلين عن العمل، الأمر الذي سيؤدي إلى تحول هذه الطاقات الإنتاجية من وسائل بناء إلى وسائل هدم المجتمع وتشكل عبء انساني وأمني على حساب المجتمع، وبالتالي خلق مشاكل سياسية واجتماعية واقتصادية لا حصر لها. التقرير قال إن أكثر من 50% من اليمنيين يقل دخلهم عن دولار واحد يومياً، وذلك يشير إلى انخفاض دخل المواطن وانعدام الادخار وانخفاض القوة الشرائية، وتقدر نسبة الفقر ب 50%، وإن أكثر من 50% من السكان لا يحصلون على الغذاء الكافي، وهذه النسبة تعني أن أكثر من 12 مليون فرد يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أي أن أكثر من نصف اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر ويعانون سوء التغذية. وتؤكد هذه المؤشرات وتلك إن المشكلة الغذائية تتعقد يوما بعد يوم، مما يزيد من معاناة المواطنين ويفاقم مشكلاتهم لتنذر بحدوث كارثة انسانية غذائية إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه.