منذ منتصف الشهر الماضي تناولت وسائل الإعلام ومنها صحيفة الأهالي مطالبات المجتمع بتغيير أعضاء هيئة مكافحة الفساد وأيضا رسالة وزير الشئون القانونية الدكتور محمد المخلافي لمجلس الشورى عن انتهاء مدة الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في بداية يونيو 2012م، غير أن قضية التغيير على ما يبدو أزعجت أعضاء الهيئة الذين جاءوا إليها من رحم النظام السابق الذي كان لا يؤمن بالتغيير ولا يعمل بالقوانين ويتظاهر بإنشاء مؤسسات لا تمتلك القرار. ويظل مطلب مساءلة أعضاء الهيئة الحاليين في جلسة علنية أمام مجلس النواب عن كلما قامت به خلال فترة عملها هو المطلب الرئيسي للمجتمع. وتشير الدلائل إلى أن رد الهيئة على رسالة وزير الشئون القانونية مثل صدمة للرأي العام حيث هاجم مصدر في الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد تصرفات وزير الشئون القانونية الدكتور محمد المخلافي ووصفها بالتطفل على اختصاص مجلس الشورى وكأنه يوشك أن يصبح حكومة متكاملة "لوحده"، ويقوم هو مقام النظام وأن رسالة وزير الشئون القانونية المتعلقة بمدة ولاية هيئة مكافحة الفساد التي رفعها الوزير إلى رئيس مجلس الشورى في تاريخ 21/4/2012م ما هي إلا دليل واضح ليس فقط على شهوة الاستئثار بوظائف وصلاحيات لا تمت بصلة لصلاحياته الدستورية، وإنما أيضاً تنُم عن "دناءة القصد" -بحسب المصدر. الرقابة المجتمعية يتساءل البعض عن الأسباب التي دفعت بالهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد إلى المهاجمة بدلا من الترحيب وإعلان استعدادها لتسليم مناصبها في الهيئة وفقا للقانون لأن التغيير لا محالة منه والرقابة المجتمعية برزت إلى الواجهة قبل أي حديث رسمي عن انتهاء مدة الهيئة حيث دعت المنظمة اليمنية لتعزيز النزاهة (OPI) في منتصف الشهر الماضي رئيس الجمهورية عبده ربه منصور هادي إلى اتخاذ الإجراءات القانونية لترشيح أعضاء جدد للهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، كما دعت مجلس النواب إلى تخصيص جلسة مساءلة للأعضاء الحاليين جراء انتهاء فترتهم القانونية. وبحسب مراقبين فإن تحرك منظمات المجتمع المدني والمطالب الشعبية بعدم التمديد لأعضاء الهيئات والمؤسسات التي حدد القانون مدتها ومنها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد يأتي في إطار ما يسمى بالرقابة المجتمعية التي هي من أهم العوامل والإجراءات للحد من فساد الأشخاص والمؤسسات لأن الإرادة الشعبية لا يمكن أن يقف أمامها أي عائق إذا ما تحركت لتحقيق أي هدف يلبي آمال وتطلعات الشعوب وما ثورات الربيع العربي إلا خير شاهد على ذلك. وكانت اللجنة الرئيسية لمجلس الشورى قد عقدت اجتماعاً لها في السادس من الشهر الجاري برئاسة رئيس مجلس الشورى عبدالرحمن محمد علي عثمان، وقفت خلاله أمام استحقاق الموعد القانوني للبدء في إجراءات ترشيح قائمة ب30 مرشحاً لعضوية الهيئة الوطنية العليا الجديدة لمكافحة الفساد وفقاً للصلاحيات الممنوحة للمجلس بموجب القانون رقم (39) لسنة 2006 بشأن مكافحة الفساد. وفي الاجتماع أحاط رئيس مجلس الشورى اللجنة الرئيسية بالإجراءات والحيثيات القانونية التي تتيح للمجلس البدء بالإجراءات المؤدية إلى إقرار قائمة من ثلاثين مرشحاً تمهيداً لتقديمهم إلى مجلس النواب ليختار من بينهم الهيئة الوطنية العليا الجديدة لمكافحة الفساد وأقر الاجتماع البدء في الإجراءات المحققة لهذا الغرض بما في ذلك توجيه رسائل إلى مختلف الجهات ذات العلاقة لموافاة المجلس بمرشحيها في إطار الفترة المحددة بالقانون. وخلال الفترة الماضية عصفت خلافات بالهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بسبب ملفات فساد رموز النظام المخلوع حيث أشارت معلومات تدولها وسائل الإعلام أن من أعضاء الهيئة من يعمل على المماطلة في قضايا فساد تتعلق بمسئولين سابقين، مع محاولات مستميتة للبحث عن أية مخالفات لمسئولين جدد في الدولة لربطهم في قضايا فساد بغرض إعطاء صورة للرأي العام مفادها أن الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح كان أفضل من المسئولين الحاليين، يأتي هذا في إطار الثورة المضادة التي يقودها متضررون من التغيير. ونشرت معلومات في مارس الماضي تتحدث عن خلافات شديدة تعصف بالهيئة بشأن عدم متابعة قضايا الفساد في المحاكم بعد إحالتها من قبل الهيئة، وكذا عدم إنجاز قضايا فساد كبيرة، إضافة إلى خلافات بشأن مخالفات مالية وعدم تقديم تقارير مالية عن نفقات الهيئة منذ إنشائها في العام 2007. من قانون الاستثمار حدد قانون مكافحة الفساد مدة الهيئة لفترة واحدة لا يجوز فيها التمديد للهيئة الحالية أو التجديد لولاية ثانية. كما أن إجراءات اختيار الهيئة البديلة يحتاج إلى وقت كاف. ونصت المادة (9) من القانون على: أ- تشكل الهيئة من أحد عشر عضواً ممن تتوفر فيهم الخبرة والنزاهة والكفاءة على أن تمثل في الهيئة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وقطاع المرأة. ب- يشترط في المرشح لعضوية الهيئة ما يلي: - أن يكون يمني الجنسية. - أن لا يقل عمره عن أربعين عاماً. - أن يكون حاصلاً على مؤهل جامعي على الأقل. - أن لا يكون قد صدر بحقه حكم قضائي بات في قضية من قضايا الفساد أو في قضية مخلة بالشرف والأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره. ج- يقدم مجلس الشورى إلى مجلس النواب قائمة مرشحين تتضمن ثلاثين شخصاً ممن تتوفر فيهم الشروط الواردة في الفقرتين (أ، ب) من هذه المادة. د- يزكي مجلس النواب عن طريق الاقتراع السري أحد عشر شخصاً من بين قائمة المرشحين. ه- ترفع هيئة رئاسة مجلس النواب إلى رئيس الجمهورية أسماء الأحد عشر الفائزين بأغلبية الأصوات ليصدر قراراً بتعيينهم. ومنح قانون مكافحة الفساد رقم (39) لسنة 2006م مجلس الشورى تقديم قائمة مرشحين إلى مجلس النواب تتضمن ثلاثين شخصاً يُمثلُ فيها منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وقطاع المرأة، بحيث يزكي مجلس النواب أحد عشر شخصا من بين تلك القائمة ويرفعهم إلى رئيس الجمهورية ليصدر قرارا بتعيينهم.