ما يحدث لجهاز الإحصاء والذي يعد بمثابة بنك المعلومات والبيانات والإحصاءات يمثل حالةً غريبةً. لم يعد واضحًا إن كانت الحالة ذات طبيعةٍ ماليةٍ، أم سياسيةٍ، أم إداريةٍ، أم حالةٍ تجمع في طبيعتها كل هذه الأبعاد. هي حالةٌ محيرةٌ فعلاً، وهي أنه لا أحد يعرف، ما هي أسباب أن جهاز الإحصاء في حالة انهيار مستمرة أو هكذا يبدو الأمر؟ إلى متى ستظل وزاره التخطيط والتعاون الدولي ورئاسة الوزراء مكتوفة الأيادي حيال ما يحدث وكأن الجهاز المركزي للإحصاء في الفضاء الخارجي لا يسمع له حس ولا يعرف ما يدور في أروقته وقيادته في غياب تحت مبرر تقديم الاستقالة. استمرار سكوت قيادة وزاره التخطيط والحكومة إجمالا إلى اليوم وعدم اتخاذ خطوات جاده يزيد الحالة ارتباكًا بالتغاضي عن كل ذلك فالتنصل عن المسئولية والصمت إزاء انهيار مؤسسة بهذا القدر من الأهمية يطرح أكثر من علامة استفهام؟ فمَن المسئول إذاً؟ وهنا مصدر الحيرة والارتباك! فهل قيادة وزارة التخطيط لا تعرف شيئًا؟ أو تبدو وكأنها لا تعرف إلا بعض الشيء عن أسباب انهيار جهاز الإحصاء والذي يقع تحت مراقبتها وإشرافها، فما الذي يحول بينها وبين إنقاذ هذه المؤسسة وإحداث تغييرات فيها وتعيين رئيساً للجهاز للحد من تفاقم الانهيار؟ وهذا فضلا عن ممارسات أخرى يجب التعامل معها بحزم، ومن ضمن تلك الممارسات على سبيل المثال لا الحصر القيام بتشكيل لجان وإصدار قرارات وأوامر إداريه للعمل في الأعمال التحضيرية لمشروع التعداد العام للسكان والمساكن والمنشئات والمزمع تنفيذه في 2014م تلك القرارات واللجان التي تفتقد لأي معايير موضوعية أو منطقية في التعيين. وإلى ذلك، يعاني المتعاقدون من توقيف للمستحقات والتعاقد مع أشخاص جدد ليس لديهم مؤهلات ومنعهم من الدخول لمبنى الجهاز وكان الجهاز أصبح شركة خاصة وليس مؤسسة حكومية.. الأمر الذي يستدعي التدخل العاجل من قبل الوزير حتى نضمن أن لا تستنفذ الموازنة المعتمدة لهذا العام وتذهب في غير ما خصصت لأجله. ولهذا نقول طالما ونحن ندرك جميعاً أهمية الرقم الإحصائي ودوره في رسم السياسات التنموية، لذا لابد وأن يكون هناك اهتمام حكومي كاف لتأمين إنقاذ للجهاز المركزي للإحصاء وتلافي ما يمكن تلافيه خاصة ونحن نقف اليوم على عتبة جديدة من التحديات التنموية في كافة المجالات والتي تستوجب علينا تطوير العمل الإحصائي استشعاراً بحجم المسئولية الملقاة على عاتق هذه المؤسسة في تلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتماشياً مع برنامج حكومة الوفاق الوطني وترجمة ذلك إلى أرض الواقع. كل هذه العناوين العريضة تؤكد أنه من الأهمية بمكان في أن يكون هناك جهاز إحصائي يستجيب لمتطلباتها وهذا ما يحتم ضرورة وأهمية البدء في اتخاذ خطوات جادة وأكيد للوفاء بتلك المتطلبات حتى يكون لنا مركز ومكان على الخارطة الدولية التنافسية، فبتقديمنا البيانات والإحصائيات التي تؤهلنا لذلك يكون المستثمر المحلي والأجنبي قادراً على أن يأخذ قراراً بالاستثمار في اليمن استناداً إلى بيانات وإحصاءات متاحة وذات دقة وجودة عالية وبالمقابل يسهل توفر البيانات على الحكومة الحد من العشوائية في التخطيط واتخاذ القرارات واستنزاف الموارد. ولن يكون ذلك ما لم يتم إنقاذ هذه المؤسسة الهامة والحيوية من الانهيار وإحداث تغييرات فيها وتعيين رئيس للجهاز.