ما تحتاجه اليمن ليستمر السير نحو الخلاص من هذا الواقع المؤلم هو قرار تاريخي يستهدف الرؤوس المتنفذة الجاثمة على رأس المؤسسة الأمنية والعسكرية. استهداف هؤلاء سيفتح أمام الثورة آفاقا واسعة أهمها هو أن الجميع سيتواضع لما يقتضيه بناء الدولة. والسبب هو أن النزوع لبناء دولة ذات طابع فأوي أو جهوي سيتلاشى بفعل تلاشي هؤلاء الذين يفهمون ويمارسون وظيفة الدولة كمركز للاستقواء يمكنهم من القضاء على خصومهم السياسيين. بمعنى نجاحنا مرهون بالقدرة على بناء جيش وطني متشافي من كل هذه الأوبئة (الجهوية ,الفأوية ,الحزبية ) وهذه الخطوة لن تتأتى إلا بقرار تاريخي يقيل هؤلاء. أهم ما ستنتجه هذه الخطوة, فضلا عن كونها أساس بناء الدولة المستقبلية المنشودة هي أنها ستجري عملية جراحية تفصل بين بين النفوذ الاجتماعي والعصبوي ومؤسسة الجيش والأمن. هذا التداخل صادر الوظيفة الطبيعة المناطة بالجيش واستبدلتها بمهة أخرى لا تختلف البتة عن مهمة الجناح المسلح في أي عصابة. يجهل الكثير مثلا أن بإمكان شيخ قبيلة أن يحرك بعض الكتائب والألوية لضرب الكتائب والألوية الأخرى. ألا ترون هذا التزاوج الغير شرعي والذي أنتج غلمان أشأم كلهم (كأحمر عاد). وعليه فأن عملية جراحية ملحة للغاية _إذا ما أردنا الاستمرار في السير نحو الخلاص من هذا الجحيم المستعر _ تفصل بين هذين الجسمين المتمايزين كل التمايز. مع الأخذ بعين الاعتبار أن المدخل الوحيد المتمثل بالقرار التاريخي المشار إليه سالفا الأخر الذي نحن بصدد عرضه. الاحتياج الثاني الملح والذي لا يقل أهمية على سابقه, هو أيضا قرار يستهدف وزراء حكومة الوفاق بالإقالة لبعض الوزراء وليس كلهم. أقصد أن هناك : من واقع بين عيبين نقص الخبرة بطبيعة المهمة أو التصرف دونما أدنى مسؤولية تجاه المهمة المناطة به, وفي هذا الظرف العصيب الذي يحتضر فيه أجمل ما في اليمن!. وللإنصاف والإفادة نوضح بأن العيب الأول يتركز في طرفي الحكومة ! سواء كانوا ممثلي الثورة أو من يطلق عليهم وزراء المؤتمر الشعبي العام, بينما العيب الثاني سيتأثر به أغلب وزراء المؤتمر وعلى رأسهم (وزير النفط والمعان) (هشام شرف). والذي تعد اليمن بحاجة ماسة لإقالته كونه يعيث فسادا بأهم وأكبر مورد اقتصادي! البلد بحاجة ماسة لعائداته دونما أي فساد يعتورها. وهو الأمر الذي يوفر إمكانيات لا يستهان بها لإطفاء الكثير من البؤر الملتهبة وحللت الكثير من العقد. عندما يتخذ عبدربه منصور رئيس الجمهورية هذين القرارين التاريخيين، سنكون قد وضعنا أقدامنا في الطريق الصحيح نحو بناء جيش وطني يعمل بطريقة طبيعية فضلا عن أننا سنتخلص من عبء حكومة الوفاق عبر القرار الثاني ونستبدلها بحكومة وحدة وطنية تعمل دونما استثناء بروح المسؤولية والاستشعار الوطني.