عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    رئاسة الحكومة من بحاح إلى بن مبارك    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    في حد يافع لا مجال للخذلان رجالها يكتبون التاريخ    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    مسلحون يحاصرون مستشفى بصنعاء والشرطة تنشر دورياتها في محيط المستشفى ومداخله    الطيران الأمريكي يجدد قصف ميناء نفطي غرب اليمن    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    هزتان ارضيتان تضربان محافظة ذمار    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكلة الجيش والأمن: مهمة عبد ربه الجبارة
نشر في الاشتراكي نت يوم 19 - 06 - 2013

تدخل عملية هيكلة الجيش منعطفاً جديداً مع تدشين المرحلة الأولى من الزي الموحد، وسط صعوبات تكتنفها جراء الإرث الثقيل والتعقيدات الخطيرة. وتلاقي العملية اهتماماً واسعاً على المستويات الشعبية والسياسية إضافة إلى المساندة الدولية .
وكان فريق هيكلة الجيش أنجز عدداً من الوثائق والخطط والتوصيات من أجل جيش نموذجي وطني قوي .
بالتأكيد تعيد الهيكلة اعتبار الثورة الشعبية واعتبار الجيش نفسه والاعتبار لفكرة الدولة في المقام الأول. وتمثل العملية خياراً استراتيجياً ملحاً لضمان مخرجات العملية السياسية والحوار وعدم عودة اليمنيين إلى المربع الأول وشبح الاقتتال .
كما تمثل أساساً لتحويل هذه المؤسسة التي نخرها الفساد اكثر من اللازم إلى مؤسسة وطنية كفوءة تخضع لسلطة الدولة لا للإقطاع العائلي والجهوي . على أن تدشين الزي الموحد للجيش، خطوة مهمة .
لكن الأهم: تفعيل نظام البصمة فيه -وبقية الإصلاحات المالية والإدارية والبشرية والفنية -كما ينبغي، إضافة إلى تكريس الولاء الموحد له، كي يكون جيشاً وطنياً نموذجياً، وإلا سيستمر ميليشيات رثة لعصابات الفساد، مثلما كان في السابق .
والاثنين الفائت دشن الرئيس عبد ربه منصور هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكري الزي الموحد للقوات البرية- استكمالاً لمهمته الجبارة في هيكلة الجيش والأمن التي بدأها قبل أشهر- خلال لقاء موسع للقادة انعقد تحت شعار «من أجل استكمال هيكلة القوات المسلحة وإعادة بنائها وتنظيمها وخلق البنية الأمنية المواتية لنجاح مؤتمر الحوار الوطني وتنفيذ مخرجاته ».
وقال: أمامنا أعمال كبيرة وهناك متغيرات في القوات المسلحة ونحن مستمرون في تنفيذ المبادرة الخليجية وقطعنا شوطاً مهماً في القوات المسلحة وأنجزنا الهيكلة في الرأس القيادي وسنستمر في انجاز عملية الهيكلة كما هو مخطط ومرسوم .
و نوه الرئيس إلى أن «الجيش يعاني من تضخم كبير في الترقيات وغدا الهرم معكوساً»، مشيراً إلى أن «الكليات العسكرية والأمنية ستبدأ في استقبال الطلبة المتقدمين إليها وفقاً للهيكل الجديد وبالشروط المحددة من أجل أن تعطى كل محافظة نسبتها وفقاً لعدد سكانها.. حيث ستنزل لجان إلى المحافظات وستفحص الطلبة الذين تنطبق عليهم الشروط كما سيبقى عدد احتياطي في كل محافظة سيتم استبدالهم بدلاً عن الطالب الذي سيمرض أو يفشل من نفس المحافظة ».
وبيّن عبد ربه بأن هذا الأسلوب هو «احدث الأساليب من اجل تجسيد الوحدة الوطنية وإعطاء كل ذي حق حقه»، وأضاف: «أغلقوا صفحة الماضي وابنوا الجيش على أساس أن المؤسسة العسكرية من الشعب وإلى الشعب »
الحاصل أن موبقات عديدة تميزت بها مؤسسة الجيش والأمن في اليمن جعلتها أكثر هشاشة ولا وطنية، والسبب: قوة فساد نظام الشخص علي عبد الله صالح، إذ كان الجيش والأمن أداة إرهاب بيده، وبدلاً من أن يكونا مبعث فخر واعتزاز وطنيين، كانا مبعث خوف واشمئزاز بالنسبة لغالبية المواطنين الذين يأملون عودتهما إلى يد الدولة وتصحيح أحوالهما كما هو مفروض .
ومن المعروف طبعاً أن علي عبدالله صالح ضحى طوال 33 عاماً من حكمه بالرمزية الوطنية للجيش والأمن لصالح رمزيته هو كمستبد ومتخلف .
فيما صارت مؤسسة القوات المسلحة والأمن تحتاج بشدة إلى محاربة الفساد وإعادة البناء عبر جملة من الإصلاحات العاجلة والمستقبلية التي أصبحت أكثر من ضرورية حالياً .
ذلك أن السمعة السيئة الصيت ارتبطت بهذه المؤسسة التي أهينت على مدى عقود من قبل قائدها الأعلى حتى وصلت إلى حد الحضيض أخلاقياً ووطنياً، خصوصاً وأنه اعتبر الشعب اليمني هدفاً بلا أدنى كرامة لأجهزة الأمن بالذات رغم زعمه الديمقراطية والحرية وصون كرامة المواطنين .
فالواضح أن الجهاز الأمني اليمني لم يتحل بعد بالثقافة الديمقراطية والحقوقية؛ إذ كلنا نعرف أن جهازي الأمن السياسي والقومي فوق أي محاسبة أو عقاب رغم خرقهما المتواصل للقانون، فيما امتلكا إرثاً كبيراً من انتهاكات حقوق الإنسان .
وغالباً: تبدو أقسام الشرطة بلا عدالة تحقيقية، كما أن البحث الجنائي بلا عدالة جنائية .
وأما بحسب تقارير دولية فإنها تجمع على أن مرتكبي التعذيب والانتهاكات في اليمن يفلتون دائماً من العقوبة، أضف إلى ذلك الرشاوي والسرقات والقيم الوطنية والإنسانية المهترئة أيضاً بفعل ما كرسه نظام صالح من اخلاقيات ومُثل ..
ثم أن منهجية الأمن بالذات لها تاريخ حافل بالانتهاكات على ذمة قضايا سياسية أو مطلبية حقوقية، في حين استمرأت ظاهرة الإخفاء القسري والتعذيب والاحتجازي التعسفي على نشطاء سياسين أو حقوقيين أو صحفيين أو أصحاب رأي، كما انعكس اداؤها على قطاع واسع في المجتمع، لتعد هذه المنهجية أخطر مايعانيه اليمني اليوم، وبمثابة ظاهرة مشينة ظلت بلا أي رادع حقيقي لسنوات مديدة .
المطلوب الآن -ومنذ مدة -صار يتمثل بتعديلات هيكلية في مؤسسات الدولة ذات الصلة بجرائم حقوق الإنسان -نحو إعادة بناء الثقة بينها والناس - أو تطهير تلك المؤسسات من بعض العناصر التي يثبت تورطها ومن العناصر الوهمية، وصولاً إلى ضمان عدم تكرار تلك الممارسات مرة أخرى في المستقبل .
ولعل كل القرارات الصادرة تجاه هيكلة الأمن والجيش رغم بطئها تمثل حالة تأسيسية وطنية لجيش وأمن محترمين على رأسها قرارات تعيين قيادات المناطق العسكرية الجديدة في ابريل الماضي .
وفي هذا الصدد قال مراقب: «من الواضح ان جميع القيادات العسكرية والأمنية بنيت على أسس عائلية مناطقية والشيء الأساسي الذي ينشده الجميع من عسكريين ومدنيين هو العدالة التي تعتبر من أساس بناء الدول وتقدمها ».
إلا أن مراقباً آخر علق: «مشوار الهيكلة من الصعب أن تتم في 5 سنوات. فتحت بمواجهة ثقافة 3 عقود من الزمن صارت ثقافة متأصلة في الجيش وسلوكاً يومياً. لذلك يجب تغيير الجيش ويرحلوا للتقاعد واستبدال قوة متعلمة ومؤهلة ».
أجزم أن اليمنيين الذين خرجوا في ثورة عظيمة بحثاً عن دولة المواطنة والحق والعدالة، سيظلون ضد دولة القهر والغشم واللامسؤولية: يطالبون بدولة تمنع الضرر -أو تجبره على أقصى حد-، وبالتالي لن يظلوا راضخين بعد الآن لدولة تفاقم من غشمها فقط .
وبالتأكيد: وحدها الثورة خلقت تهيئةً موضوعية للظروف الملائمة من أجل وقاية المجتمع من أي جرائم جديدة لأجهزة الدولة كما كان سابقاً .
بالمقابل فإن الإصلاح المؤسسي بات واجباً ملحاً للحد من طبيعة العنف في المؤسسات الامنية، وكي لا يستمر الضحايا بميزة المعاناة المخجلة لنا جميعاً في هذا البلد، فيما مطالب انقاذ الجيش من هيمنة العائلة الحاكمة والقبيلة والفساد ستظل متصاعدة حتى يتم تحقيقها، وليكون جيشاً مشرفاً لا العكس .
كانت رؤية معتبرة أصدرها ما سمي ب«الجيش الثوري» - احد المكونات الخاصة بمنتسبي القوات المسلحة والأمن في ساحة التغيير بصنعاء قبل اشهر- وهو أول المكونات الثورية التي صبت بجرأة في اتجاه تفعيل دور الأمن والجيش بشكل وطني لائق في الدولة المدنية المأمولة .
الرؤية التي قدمت خلال فعالية نقاشية من قبل قائد المكون آنذاك المقدم احمد صالح زاهر الذي يعد من اوائل المنضمين الميدانيين للثورة بزيه العسكري فيما يعد من اكثر الذين احترموا سلمية ومدنية الثورة مطلع 2011، شددت بشكل مبكر على أهمية إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن وبنائهما على أسس وطنية حديثة تتلاءم مع قيم ومبادئ الدولة المدنية وكذا انتصاراً لمبادئ الثورة الشبابية الشعبية السلمية .
وتبين الرؤية -التي حصلت الثوري على نسخة منها وترصد معظم مشاكل الجيش والامن بشفافية عميقة- ما تعرض له الجيش اليمني -شمالاً- من عملية تدمير ممنهجة لقوى اقليمية ودولية بتواطئ مع قوى داخلية بفعل احداث عامي 1968 و1994 -أحداث اغسطس الدامية والحرب على الجنوب- حتى تمت عملية تصفية أهم رموزه مابين المرحلتين -وحتى ثورة 2011م على اساس طائفي .
ولقد أوضحت أن «الجيش لم يكن بمنأى عن التجاذبات عقب سبتمبر 62»، فيما نخر فيه الفساد ف«ظهرت الرتب الوهمية واسندت المناصب بأيدي عابثين وغير مقتدرين، فكان ان تقدم مجموعة من الضباط على رأسهم نائب القائد العام للقوات المسلحة العقيد إبراهيم الحمدي بمشروع التصحيح المالي والإداري للقوات المسلحة في العام 1973 واستطاع خلال تلك الفترة وبترتيب من رئيس المجلس الجمهوري القاضي عبدالرحمن الإرياني ان ينجز مهمته في اصلاح الجيش بعد تسلمه لمقاليد البلاد كرئيس في 13يونيو 1974 حيث تم النظر في الرتب الوهمية، وباصلاحات شاملة داخل المؤسسة العسكرية والامنية اعادت للجيش هيبته وبناءه على أسس وطنية سليمة وصار جيشا للبناء والأعمار في اوقات السلم» بينما «ظهرت وحدات احترافية ومهنية كقوة ضاربة في حماية النظام الجمهوري وترسيخ دعائم ديمقراطية التعاونيات وهيئات التعاون الاهلي للتطوير ».
ونتيجة لماسبق- يستطرد المقدم احمد زاهر : تلاشت الصراعات الداخلية وانشغل الغالبية من الشعب بمساندة الجيش في التنمية والتطور وقد ظهر ذلك جلياً بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته البلاد حينها، كما رافق ذلك الاستقرار حدوث انسجام وتوافق سياسي بين قيادتي شطري اليمن تمثلت بخطوات وحدوية هامة كادت ان تصل الى اعلان الوحدة الا انه تم اغتيال الحمدي، ثم الى ما هو أبعد، اغتيال المشروع .
طبعاً على مستوى التطور التاريخي للجيش فإن مساره بالشمال «كان مختلفا إلى حد كبير عما حدث في الجنوب». وكما يوضح كتاب «ثورة اليمن ودور مصر»: ورث الحكم الجمهوري الذي استولى على السلطة في ثورة 26 سبتمبر 1962 هياكل اسمية للدولة وأجهزتها، وكان الجيش إحدى تلك المسميات الهشة. ثم «عملت أحداث الحرب الأهلية بين الملكيين والجمهوريين (1962-1970) على إبطاء عملية بنائه بطريقة صحيحة، وظل محكوماً بقوى النفوذ القبلي والعسكري ومخترقاً من أكثر من جهة حزبية، الأمر الذي جعله يفتقد وحدة القيادة ووحدة العقيدة القتالية، على العكس مما كان موجوداً في الجنوب». وكان «المصريون لعبوا دوراً مشهوداً في عملية بناء الجيش الوطني الحديث، سواء من خلال إحضار الكوادر المتخصصة»، هيئة الخبراء العرب للمشاركة الفعالة في إعداد وبناء الجيش اليمني في الداخل، أو من خلال فتح أبواب الكليات والمعاهد ومراكز التدريب وهيئات التخصص العسكرية في الجمهورية العربية المتحدة لمنتسبي القوات المسلحة الثورية الجديدة، حيث تم تدريب وإعداد أربع ألوية مشاة كاملة التشكيل في معسكرات وهيئات الجيش المصري، وهي كالتالي (لواء الثورة - الكتيبة الأولى من لواء النصر - لواء الوحدة - لواء العروبة ).
ومع حلول منتصف مارس 1966، بعد أن عاد من ميادين التدريب في الجمهورية العربية المتحدة آخر لواء مشاة تم إرساله إلى هناك، ونعني به «لواء العروبة»، فإنه قد كانت في الميدان النواة الأولى للجيش اليمني الثوري المعاصر .
إلا أن الجيش في الشمال عاد للتدهور لجملة اسباب ابرزها مغادرة المصريين وانهاكه في حروب الدفاع عن الجمهورية ضد الملكيين ثم التصفيات التي تمت لقادته بعد 5 نوفمبر واحداث اغسطس الشهيرة .
بالمقارنة يبدو معلوماً أن «النظام في الجنوب ورث مؤسسة جيش محترف أشرفت على إعداده وتدريبه جيداً السلطة الاستعمارية البريطانية التي حكمت الجنوب حتى نجاح ثورة 14 أكتوبرعام 1967 .
ورغم ذلك نجح في إحكام السيطرة على الجيش، خاصة بعد إبعاد كبار الضباط القدامى والعناصر غير الموالية، ولقد تمكن نظام الجنوب من بناء جيش قوي بمساعدة الاتحاد السوفيتي السابق حتى صار أقوى جيش في المنطقة- حد توصيف المركز الوطني للمعلومات -كما تمكن من تحقيق انتصارات في المعارك الحدودية التي جرت بين دولتي اليمن عام1972 وفي حرب 1979 .
ولقد تأثر الجيش الجنوبي «بالانفجار الكبير لحدث 13 يناير 1986 حيث انقسم بين المتقاتلين، ونزح الآلاف من كوادره إلى الشمال بعد هزيمتهم في المعارك، والتحقوا بعد ذلك بصفوف القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وعقب حرب 94 تم تسريح الآلاف من جيش الجنوب قسراً وإدماج الفئة القليلة التي تبقت مع الفئة الموالية في الجيش المنتصر»، فيما «توحد الجيشان اليمنيان للمرة الأولى ولكن تحت قيادة ذات لون سياسي واحد، وهيمنة أغلبية قبلية أو مناطقية تدين بالولاء للرئيس صالح. ومن صفوف هؤلاء وأولئك العسكريين الجنوبين المسرحين والمتقاعدين والمنقطعين، ظهرت عام 2007 جماعات الحراك الجنوبي احتجاجاً على سوء أوضاعهم المعيشية، رافعين شعار القضية الجنوبية، ومطالبين بالانفصال وإعادة دولتهم السابقة قبل الوحدة اليمنية ».
جملة من الاسباب التي ادت الى ضعف الجيش وايصاله الى الصورة التي عليها اليوم كما يرى المقدم الثوري أحمد زاهر وهو يلخصها في: طغيان نفوذ القبيلة على الجيش والامن، التبديل المعنوي للولاء العسكري من الوطن للشخص، تسلم الاقرباء لأهم المناصب، تفرد صالح بحق انشاء وحل وحدات في الجيش والامن وترقية قياداتها، ما أدى بهذه المؤسسة إلى أن تكون غير واضحة المهام والهدف خصوصا مع عدم وجود قانون وتوصيف واضح لوحدات الجيش والامن والاستخبارات والامن القومي والبحث الجنائي .
فوق ذلك -حسب تعبير الرؤية - ظل احتكار مسؤولية اعلان الحرب والسلم بيد الرئيس مما اكثر حروبه ضد الشعب. وإذ ظل غياب المعايير العلمية والمنصفة لاختيار الهيئات القيادية هو الراسخ، فإن اعتماد المحاصصة في بناء الجيش والأمن: جعل اجهزتها تتعدد، وسلطاتها تتداخل، وفسادها واستغلالها في تفاقم مضطرد. وكان من نتائج تلك الأسباب: تصاعد اتجاه التوريث / غياب الأمن والامان وزيادة مظاهر الثار والتقطع والتسلح والسرقة والقتل والتعدي على الارواح والممتلكات العامة والخاصة / انتشار اسواق ورعاية مافيا السلاح لها / تعدد ولاءات ضباط وأفراد الجيش والامن / انتشار القرصنة لعدم قدرة القوات البحرية على حماية ومراقبة المياه والسواحل / تزايد انتهاكات الدول الاجنبية للمجال الجوي لعدم قدرة القوات الجوية على حماية ومراقبة المجال الجوي للبلاد / تزايد حجم التهريب من والى الدول المجاورة / انتشار الحروب القبلية وضعف سيادة الدولة خارج المدن الرئيسية وتفاقم سيادة النافذين عليها ومشائخ القبائل / فرض سلطات الاستخبارات بكل انواعها وسلطات الرئاسة على مؤسسات الدولة مما جعلها مرتعا للفساد الطارد للكفاءات / تضخم ميزانية الجيش ونفقات التسلح لحماية السلطة على حساب التنمية / الفصل التعسفي لمنتسبي الجيش والامن لاسباب سياسية / اعتماد المحاصصة بين النافذين للانتساب للكليات العسكرية والأمنية .
رؤية مكون الجيش الثوري كانت جاءت بينما الآخرون مستمرون في حالة الصمت تجاه مايعنيه الجيش والأمن، حتى انها بدأت بتأكيدها على ان مرحلة صالح في السلطة «جاءت لتدمير الجيش»، مشيرة الى اكمال مابدأه سلفه الغشمي بتصفية «أبرز القادة عن طريق الاختطاف والاغتيال والاقصاء والتهميش».. بعدها وقد نكث بوثيقة العهد والاتفاق التي حظيت باجماع القوى الوطنية، فاشعاله للحرب في صيف 94: «استغل شعار الدفاع عن الشرعية الدستورية ليجعل المحافظات الجنوبية مناطق فيد بمافي ذلك ماكان يعرف بجيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبة وترسانته العسكرية المعروفة وأبعاد كوادره البشرية المؤهلة واقصائهم من مناصبهم لاعتبارات سياسية ».
وأوصت الرؤية عليه بجملة مقترحات وقوانين وتعديلات دستورية وقانونية مطلوبة أهمها: ادخال نظام البصمة في مؤسسة الجيش والأمن/ نقل مسؤولية الحرب والسلم الى البرلمان بناء على اقتراح قيادة القوات المسلحة مصادق عليه من مجلس الوزراء / اصدار لوائح وتشريعات توصف الوظائف ومعايير تعيين قيادات الاجهزة وكذا تعيين وترقية قيادتها الى البرلمان بعد موافقة مجلس الوزراء عطفاً على ترشيح من الوزير المختص / /اخضاع موازنة الجيش والامن للرقابة والمحاسبة ومن قبل السلطة التشريعية والقضائية ايضا /قانون للرقابة والمحاسبة على موازنات ونفقات الجيش والامن من قبل السلطات التشريعية والقضائية والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة/ اخضاع عملية شراء السلاح لمجلس الوزراء ولجنة مناقصات خاصة ومنع وحدات الجيش من الشراء المباشر عبر تجار السلاح / تحويل اسلحة الأمن الثقيلة الى الجيش ويسلح الامن بما يتناسب ومهامه في حفظ السكينة العامة/ انشاء لجنة مناقصة للجيش باشراف مجلس الوزراء / اصدار لائحة مشتريات الجيش والأمن/ وضع استراتيجية وطنية للحد من التسلح والثارات/ إصدار قانون لحيازة السلاح وتوصيفه ومنع التملك للسلاح الثقيل او الاتجار به .
أحد المراقبين في معرض تعليقه عن خطوات الهيكلة القائمة عموماً، قال: «اتمنى من كل قلبي ان تكون الهيكلة في مقدمة عمل الحكومة بعيداً عن التعصب والقبليه والمناطقيه وتكون الدوله دولة قانون وليست المناصب بالجاه»، مضيفاً «المرحلة مرحلة بناء اليمن والعمل بروح الفريق الواحد وهيكلة الجيش من أهم اهداف الثورة، ولا بد من تجاوز الماضي وإزالة عيوبه واخطائه والنظر الى المستقبل بعين التفاؤل والأمل ».
كما شدد مراقب آخر على أن: «المشكلة ليست فى الجيش ولكن فى العصابات القبلية المسلحة وما لم يتم القضاء عليها فلا خير فى اليمن». مشيراً الى أنه: «آن الاوان لمناقشة اشكالية الجيش والامن الراسخة بكل شفافية فيما الحقيقه المرة لانها تعرضت للتطييف خلال 1968 و1994». واستطرد: «لقد أكد صالح لأحمد منصور في برنامجه بلاحدود بالجزيرة قبل سنوات لو تذكرون أن المؤسسة العسكرية لا قيمة لها ولا أهمية لها وليس لها أي مهام ذات علاقة بالوطن وأنها للإستعراض لإخافة الشعب أو لاستخدامها في قمع أي تمرد لضمان بقائه على كرسي السلطة، وعندما سئل في لقاء تلفزيوني آخر عن سرقيادة أقربائه لأهم وحدات الجيش، لم يجد حرجاً من الرد لقطع الطريق لمن يفكر باستخدام الجيش للانقلاب عليه، وقد آن الأوان للبحث عن عمل للجيش يليق به ويحفظ كرامته ويصون الوطن ».
من جانبه كان فريق أسس بناء الجيش والأمن استعرض الاثنين، تقريره لفترة عمل الشهرين الماضيين .
وافاد رئيس الفريق بموافقة الفريق على القرارات التالية وأتفق على رفعها للجلسة العامة الثانية للمؤتمر لمناقشتها وإبداء الملاحظات بشأنها وإقرارها من المؤتمر مع الأخذ في الاعتبار أن تنسجم ولا تتعارض هذه القرارات مع القرارات المتعلقة بالقضية الجنوبية وبناء الدولة .
ومن أهم القرارات في الجانب الدستوري: - يحظر على أي فرد أو هيئة أو حزب أو جهة أو جماعة إنشاء أي تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية تحت أي مسمى.. - ينشأ مجلس أعلى للدفاع الوطني والأمن القومي على أن يحدد الفريق قوامه واختصاصاته في الفترة القادمة. - القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة في عملها يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها. - تحييد الجيش والأمن والمخابرات عن أي عمل سياسي. - تجريم ممارسة العمل الحزبي لمنتسبي القوات المسلحة والأمن والمخابرات ويحدد القانون أقصى العقوبات لذلك منها التجريد من الرتبة العسكرية والطرد من الخدمة والخيانة العظمى. وتجريم أي نشاط لأي حزب سياسي أو تنظيم أو جماعة سياسية في أوساط القوات المسلحة والأمن والمخابرات ويحدد القانون العقوبات الصارمة لذلك. - يحرم تسخير القوات المسلحة والأمن والمخابرات لصالح حزب أو جماعة أو فرد وصيانتها من كل صور الانتماءات الحزبية وذلك ضماناً لحياديتها ويخضع القادة العسكريون للإقرار بالذمة المالية لحماية المال العام ومكافحة الفساد. - تحترم القوات المسلحة والأمن والمخابرات حقوق وحريات الإنسان والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي لا تمس بسيادة الوطن. - لا يحق لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس السلطة التشريعية ووزيري الدفاع والداخلية ورئاسة المخابرات تعيين أي من أقاربهم حتى الدرجة الرابعة في أي مناصب قيادية في الجيش والأمن والمخابرات مدة عملهم في تلك المناصب .
ومن أهم القرارات على الصعيد القانوني: - مراجعة التشريعات الحالية للقوات المسلحة والأمن والمخابرات. وإصدار التشريعات التي تواكب الدستور الجديد ومتطلبات الهيكله الجديدة. - إصدار قانون تنظيم القوات المسلحة وقانون خاص بإعلان التعبئة العامة وشروطها، وقانون التأمين الصحي الشامل لمنتسبي القوات المسلحة والأمن وأسرهم. - كفالة الدولة التأمين الصحي والاجتماعي لمنتسبي القوات المسلحة والأمن والمخابرات وأسرهم. - توفير الأموال اللازمة لتنفيذ مخرجات الهيكلة ومعالجة القضايا والاختلالات التي حدثت في الفترة السابقة، وفي مقدمتها عودة المبعدين قسراً وتعويضهم التعويض العادل، ورفد صناديق التقاعد التابعة للقوات المسلحة والأمن، وتكاليف نشر وإعادة تموضع الوحدات العسكرية وفقاً لمسرح العمليات الجديد .
ولقد اوصى الفريق بعديد توصيات، أهمها :
- إعادة جميع المتقاعدين والمقصيين والمنقطعين الجنوبيين قسراً جراء حرب 1994 الى اعمالهم ووظائفهم ومنحهم كافة مستحقاتهم من رتب وتسويات وتعويضهم عن الفترة السابقة وتطبيق استراتيجية المرتبات عليهم، بما في ذلك أصحاب خمسة أرقام الذين صدرت قرارات بعودتهم عام 90 وتشكلت لهم لجان عام 2006 و2007 ولم يتم تنفيذ ذلك .
- إعادة المتقاعدين والمقصيين قسراً من المحافظات الشمالية وفي مقدمتهم المتضررون من جراء حروب صعدة وحرب 94 بجميع الحقوق أسوة بزملائهم وحساب الفترة التي قضوها في التقاعد والإقصاء وتطبيق استراتيجية المرتبات عليهم. على لجنة الهيكلة ان تراعي وبصورة جدية فيما تقوم به عدم تكرار أخطاء الماضي بكل أشكاله وصوره .
- تطبيق نظام التدوير على كافة قيادات القوات المسلحة والأمن على أن يبدأ تطبيق ذلك على القيادات الحالية، وبما يحقق معايير الأقدمية والكفاءة والمؤهلات وكذلك التمثيل الوطني بعيداً عن المحسوبيات الأخرى المتمثلة بالقرابة والمصلحة والوساطة .
- اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإيقاف الاختلالات والفساد المالي والإداري داخل المؤسستين العسكرية والأمنية مثل (تجنيد الصغار، الأفراد الوهميين، المنقطعين الذين رواتبهم مستمرة، غير المتواجدين تحت مبرر مهمات، ضبط عملية نقل الجنود بالقانون الصارم، المنتدبين كالمرافقين بطرق غير قانونية). وتوريد المعاشات أو الخصميات أو المستحقات التي لا تصل إلى الجنود أو الصف أو الضباط، للخزينة العامة. وسرعة إنهاء الازدواج الوظيفي سواء العسكري والأمني أو العسكري والمدني من خلال التقنية الحديثة ومنها إدخال نظام البصمة الوظيفية في المؤسستين العسكرية والأمنية .
- الرعاية الكاملة لأبناء وأسر الشهداء وكذلك جرحى ومعاقي الحروب من أبناء القوات المسلحة والأمن مادياً وعلمياً وصحياً .
- سرعة إطلاق سراح كافة المعتقلين والمحتجزين في سجون المخابرات خلافاً للقانون وهم - من انتهت محكوميتهم - من ليس في حقه حكم قضائي - المعتقلون لأسباب سياسية .
- يجب أن يراعي جهاز المخابرات ممارسة الحكم الرشيد ومبادئه. ويمنع تدخل جهاز المخابرات في أعمال الأجهزة الحكومية والأمن والجيش مطلقاً ..
- التنظيم القانوني لبرامج التوعية لمنتسبي الامن والشرطة لإزالة آثار التعبئة الخاطئة من الاطراف السياسية المتصارعة خلال الفترة الماضية وإرساء قيم الولاء الوطني والتسامح والمصالحة .
- إعادة تشكيل قوة شرطة السير وامن الطرق على اساس وطني وإنهاء الوضع الجهوي لتركيبها الحالي وانتشارها في المناطق والمحافظات حسب المتطلبات .
- إعادة النظر في تحديد رواتب العاملين في إدارة البحث والأدلة الجنائية والتحريات ومكافحة الجريمة اسوه برواتب العاملين بجهاز النيابة .
- إعادة المبعدين العسكريين والأمنيين جراء أحداث 2011. - معاملة الشهداء والجرحى والمرضى من حيث المعاشات والرتبة وتطبيقها على الموجودين في الخدمة من حيث الرتب والاستحقاقات والتسويات وترتيبات الوضع .
- عدم احتساب فترة الإقصاء والاقعاد والإبعاد ضمن الفترة المؤهلة للتقاعد أي (بلوغ الأجلين ).
- إعادة الأرقام التي اعطيت لعسكريين جدد بديلين عنهم الى اصحابها السابقين مع احتساب الفترة التي بقوا فيها خارج الخدمة لأغراض الرتبة والاستحقاقات الأخرى وعدم احتسابها لأغراض بلوغ الاجلين وإعطاء أرقام جديدة للعسكريين الذين اعطيت لهم تلك الأرقام واحتساب الفترة التي خدموا فيها. - استيعاب العائدين في الوحدات والألوية والقوى في المناصب القيادية التي تليق بهم وبمؤهلاتهم وخدماتهم والمواقع التي شغلوها .
في السياق ذاته كشف رئيس مركز مكافحة الكسب غير المشروع بأن هناك ما يقارب 400 ألف فرد وهمي يكلفون الخزينة العامة حوالي 200 مليار ريال سنويا، وقال لسويس انفو: الأرقام المعلن عنها للجنود والضباط الوهميين في الجيش والأمن اليمني لا تمثل سوى جزء يسير مما هو حاصل فعلاً من كسب غير مشروع، فالتقديرات التي لدينا عن حجم الفساد داخل الجيش وقوات الأمن تشير إلى أن هناك ما يقارب 400 ألف فرد وهمي يكلفون الخزينة العامة حوالي 200 مليار ريال سنويا تستولي عليها قوى منتفعة فاسدة، بينما يعيش الجندي أو الشرطي في وضعية مُجحفة، فراتبه لا يتجاوز 38 ألف ريال يمني حوالي (180 دولار أمريكي)، ما جعله في حالة معاناة دائمة مع حياة معيشية شديدة القسوة وميالاً إلى الرشوة والبحث عن مصادر غير مشروعة للدخل. وتابع: أن المبالغ التي تستحوذ عليها قوى الفساد من مخصصات المؤسسة العسكرية والأمن تؤدي إلى حرمان قطاع واسع من اليمنيين من الخدمات الأساسية والتعليم والصحة والسكن، مشيراً إلى أن نسبة السكان الذين يحصلون على مياه نقية للشرب لا يزيدون عن 35% من السكان الحضريين وتقل تلك النسبة كلما اتجهنا نحو البادية والريف، كما أن التعليم في تراجع مستمر والتغطية الصحية شبه معدومة خاصة بعد تحرير الخدمات الصحية، ويُعزى السبب إلى انتشار الفساد المنظم في مرافق الدولة والتستر عليه كما هو حاصل داخل مؤسستي الجيش والأمن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.