مرت الثورة بمراحل تطلبت خلالها مساندة إعلامية قوية وذكية وقادرة على التعبير عن الثورة بالشكل الذي يدفع الجماهير لمساندتها ، ومواجهة محاولات التجييش ضد الثورة من الطرف المضاد لها والساعي للحيلولة دون تحقيق أهدافها كاملة إن لم يكن إفشالها. وقد أدى هذا الدور بالفعل مواقع وصحف وقنوات وناشطون وصفحات على المواقع الاجتماعية على أكمل وجه. وفي المرحلة الحالية التي وصلت إليها ثورتنا المباركة أصبح من الضروري التركيز على الدور الهام الذي يمكن أن يلعبه الإعلام الثوري في التوعية والتجييش ورفع الروح المعنوية للثوار وكل ما من شأنه أن يسهم في تماسكهم لمواصلة الفعل الثوري والمضي نحو إنجاز أهداف الثورة لتحقيق التغيير المنشود وبناء الدولة التي يتطلع إليها كل اليمنيين. لكن المتابع لنشاط إعلام الثورة - خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي بصفتها الأكثر نشاطا ومتابعة - يجده وللأسف على قدر كبير من الهزالة والركاكة والإرتباك، لا يعرف ماهية أولوياته ، ولا يستوعب ما الذي تحتاجه الثورة ولا كيف يواجه الإعلام المضاد وحملاته الشنعاء ضد الثورة ومكوناتها واستهدافه المباشر لشخصياتها التي ساندتها ولا زالت تساند عملها ومشروعها الثوري حتى اللحظة. هذا فضلا عن أن إعلام الثورة قد وقع ولا زال يكرر الوقوع في خطأ الانجرار- عن غير وعي ودون قصد - خلف حملات وإشاعات ومخاوف مصدرها المطبخ الإعلامي العائلي وغرضها الإساءة للثورة وتفتيت مكوناتها الشبابية والحزبية. فعلى نفس المنوال الذي يعمل عليه الإعلام العائلي نجد إعلام الثورة "دون إدراك" لا ينفك يضرب مكونات الثورة وشخصياتها ويحطم المكانة والقبول الذي تحظى به لدى الجماهير، مما أفسح المجال وسهل المهمة أمام المطبخ الإعلامي العائلي للقيام في نفس الوقت بعمل موازي يتمثل في تلميع الشخصيات والمكونات السياسية التي وقفت ولا زالت تقف ضد مشروع الثورة ، وكذا إقناع الناس بمخاوف ومطالب تؤدي إلى خلخلة العمل الثوري واستنزافه وإفقاده التركيز على أولويات وأهداف من شأنها الدفع بالثورة إلى تحقيق ما تصبو إليه. كما استطاع إعلام العائلة وفي غفلة تامة من الإعلام الثوري إشغال الشباب عن ما يرتكبه المخلوع وعائلته ولوبي عصابته من انتهاكات أمنية وأعمال تمرد ونهب وتخريب لمؤسسات الدولة ومصالحها الحيوية، وعن قضايا يفترض أن تكون ضمن أهم أولويات نشاطاتهم وتحركاتهم الثورية وصرف اهتمامهم عن مطالب أساسية يفترض أن لا يتوقف الشباب عن التجييش لها والضغط من خلال تصعيد نشاطاتهم المختلفة حتى تحقيقها. وبدلا من ذلك تمكن الإعلام المضاد للثورة أن يشغلهم بقضايا جانبية تستهدف الثورة ومكوناتها في كل مرة وبالدرجة الأولى. فأصبحنا أكثر ما نقرأ وأكثر ما نتابع هذه الفترة أحاديث وكتابات عن أوهام سرقة الثورة والإلتفاف عليها بل وحتى فشلها بحسب وعي وعقليات بعض الضعفاء، وتنظيرات وتجييش حول ضرورة القيام بثورة جديدة نقية وخالية من الشباب المتحزبين (ضع ألف خط تحت "الشباب المتحزبين"!!) ولا تقبل في صفوفها أي شخص يحاول الإنظمام إليها من أي طرف، فقط ثورة ضد الجميع وتسقط جميع الأحزاب السياسية بالدرجة الأهم، ثورة يقوم بها وينجزها الشباب المستقلين بالإضافة إلى تعزيزات من ملائكة يرسلهم الله من السماء السابعة مردفين! وكذا كتابات وأحاديث "في الحالات الأكثر هدوءا" عن فلان الذي انظم للثورة للهروب من فساده، أو عن فلان الذي ظل إلى جانب علي صالح طوال فترة حكمه ومن ثم انظم للثورة عند قيامها لأنه شعر أن بقائه إلى جانب صالح سيفقده مستقبله السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، ولأنهم فعلوا ذلك توجب علينا إسقاطهم!! ذلك على اعتبار أننا قد أنجزنا الثورة التي ضحى في سبيلها المئات من أبناء اليمن وحققنا كامل أهدافها ولم يعد أحد من المجرمين الذين قتلوا شباب الثورة في منصبه العسكري أو الحكومي، ولم يبقى أمامنا سوى تصفية ملف "المدبرين" الذين انضموا للثورة وساندوها في وقت كانت بأمس الحاجة إليهم!! غير أن من المهم التأكيد هنا على أننا لا نشكك مطلقا بأي من القائمين على أي موقع أو صحيفة أو أداة إعلامية ثورية، فهم وبحق من أكثر الشباب خدمة للثورة وتضحية في سبيلها وخوفا عليها وحرصا على إنجازها على أكمل وجه، بل نعتبر مايحدث ضربا من السخط والنزق والقنوط الذي سببته الفترة الطويلة للثورة، أعقبه ضعف في التماسك، وعدم وضوح في الرؤية، واختلال في الأولويات، ومن ثم التأثر بحملات وقضايا غرضها إرباك العمل الثوري وصرف نظر الناشطين في إعلام الثورة عن مواصلة دورهم الجبار في الدفع بالثورة نحو تحقيق أهدافها. ذلك يجعل من الأهمية بمكان التنبيه إلى ضرورة إعادة توجيه إعلامنا بالشكل الذي يحفظ وحدة الكيان الثوري في مواجهة الثورة المضادة والإستهداف المتعمد لمكونات الثورة، وضرورة تركيزه على القضايا والأهداف التي قامت الثورة من أجلها، ومواجهته للشائعات والحملات المغرضة للمطبخ العائلي، والترفع عن الخوض والاسترسال في قضايا جانبية واهتمامات غير ذي جدوى ومعارك وهمية مفتعلة من طرف قامت ضده الثورة ويسعى إلى عرقلتها بكل ما أوتي من مكر وخبث وإمكانات مالية وإعلامية مهولة.