قرر المؤتمر الشعبي العام تأجيل مؤتمره العام بعد خلافات بشأن التجديد لعلي صالح في رئاسة الحزب، ممددا -بذلك- لعلي صالح للعمل رئيسا للمؤتمر الشعبي العام، وهو الموقع الذي يعتبر –بالنسبة لصالح- اللافتة الأخيرة والوحيدة للعمل السياسي العلني الذي يحرص على الاستمرار فيه طالما أنه ما يزال محتفظا بقوته العسكرية التي يقودها ابنه أحمد علي. ونجح صالح في فرض نفسه "كأمر واقع" على قيادات الحزب وإعادة بلورة تحالفاته وتشبيك علاقاته داخل الحزب الذي سبق وأصيب بشلل شبه كامل بعد مغادرة كثير من قياداته واستقالتها منه وجنوح عدد آخر إلى تيار عبدربه منصور هادي. كانت التحضيرات المؤتمرية التي تبناها صالح تجري لعقد المؤتمر العام الثامن للحزب بالتزامن مع الاحتفال بذكرى تأسيسه في عام 1982م، في وقت كان هادي وهو النائب الأول للمؤتمر وأمينه العام مقيدا ولم يتمكن من عمل شيء حيال تلك التحضيرات والتزم الصمت مكتفيا بالتسريبات الإعلامية التي تتنازع جدلية ما إذا كان سيحضر الفعالية أم لا وما إذا كان سيجلس إلى جوار صالح الذي سيترأس الفعالية أم سيكتفي بالمشاركة بكلمة مكتوبة ينتدب لها من يلقيها. وكان يتوقع أن يفضي المؤتمر الثامن للحزب إلى إعادة انتخاب صالح رئيسا لها أو قلعه واستبداله بهادي الذي يواجه صعاب سحب السلطة من تحت يد صالح في المؤتمر الشعبي، أو أن تفضي إلى تصعيد شخص ثالث إلى رئاسة الحزب. واستبق حزب المؤتمر الشعبي العام الخلافات التي كان يتوقع نشوؤها داخل مؤتمره المقرر عقده هذا الشهر بين أنصار الرئيس عبد ربه منصور هادي وعلي صالح على رئاسة الحزب بإعلانه إلغاء المؤتمر والاكتفاء باحتفال جماهيري –بحسب ما أعلن عنه. وقال قيادي في الحزب مناصرٌ للرئيس هادي إن علي صالح سيستعرض شعبيته داخل الحزب من خلال هذا الحشد الكبير للقيادات لإرسال رسالة لأطراف كثيرة خارجية وداخلية مفادها أن صالح مازال الأقوى والأكثر حضورا في المشهد السياسي. والارتباط بين أسباب القوة التي لا يزال صالح يتمتع بها، وفي ظل عدم ظهور توجهات جادة نحو التغيير، يبدو أن الرئيس هادي سيكون أول من يكتوي ببطء التغيير الذي قد يكون يعتقد أنه ينفذه على بصيرة وروية تسمح له بوراثة تركة صالح وإعادة إنتاج نظامه وإن بصبغة أخرى تختلف في الشكل وتتفق معها في الجوهر من حيث الاعتماد على القبيلة والأسرة. وإن استطاع صالح –فيما يبدو- أن يتربع على رئاسة المؤتمر الشعبي لفترة قادمة فإن ذلك قد ينعكس سببا جديدا لتمكينه من استمرار السيطرة على نصف الحكومة التابع لحزبه بموجب ما نصت عليه المبادرة الخليجية. وعلى أن هادي يتجرع هذه الهزيمة في مضمار العمل الحزبي إلا أنها متصلة بشكل مباشر ببقاء نجل صالح في قيادة الحرس الجمهوري.