كشفت ثورات الربيع العربي التي اجتاحت الوطن العربي في بداية العام الماضي من الخليج العربي شرقا وحتى المحيط الأطلسي غربا أن الأنظمة الدكتاتورية الاستبدادية في الوطن العربي هي من أوجدت واصطنعت واحتضنت الجماعات الإسلامية المتطرفة في البلدان العربية وبوجه خاص تلك الأنظمة التي تدثرت بشعارات القومية العربية أمثال حافظ الأسد في سوريا وحسني مبارك في مصر وغيرهما. فالمتتبع لظهور ونشوء هذه الجماعات تتضح له الصورة أن الأنظمة المستبدة والتي وصلت إلى سدة الحكم في البلدان العربية بداية على ظهور الدبابات وفرضت استمراريتها وبقاءها في الحكم من خلال تزوير الانتخابات حيث مارست طوال النصف الأخير من القرن الماضي وحتى نهاية العقد الأول من القرن الحالي أشد وأعنف أنواع وأساليب القهر والتنكيل إزاء المعارضة وبوجه خاص ذات الاتجاه الإسلامي وأصبحت المعتقلات والسجون محاضن لتخريج جماعات التكفير والغلو والتطرف، وهذا ما كانت الأنظمة المستبدة تبحث عنه لتبرير بقائها واتخاذها ورقة وشماعة تهدد بها ومن خلالها تبتز العالم الغربي من أن البديل عن هذه الأنظمة هي الحركات المتطرفة، وهذا الادعاء الباطل والذي ظلت وسائل الإعلام المستبدة تكرره وتلف حوله هو الذي رسخ وروج لهذا المصطلح لدى الأنظمة والدول الغربية، الأمر الذي عكس نفسه سلبيا في نظرة تلك الدول وتأييدها ومؤازرتها لثورات الربيع العربي وخير شاهد على ذلك ما يحدث في سوريا اليوم من مجازر ومذابح يومية يندى لها جبين الإنسانية ما كانت لتحدث وتستمر في أي بلد آخر. وخير دليل على انغماس النظام العربي في هذا الوحل ما ساهم به في الدفع بآلاف الشباب إلى الذهاب إلى أفغانستان إبان الحرب التي قامت ضد احتلال الاتحاد السوفيتي السابق لأفغانستان. إن النظام الذي بناه المخلوع علي عبدالله صالح طوال 33 عاما لم يكن بعيدا عن هذا السياق وبوجه خاص عقب إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م حيث أصبح همه الأكبر هو التأبيد في السلطة وتوريثها لمن بعده من أولاده وعلى هذا الأساس والمنطلق استحوذ وسيطر بطريقة مباشرة وغير مباشرة على مقدرات اليمن الاقتصادية وعمل على تقسيم المؤسسة العسكرية ولأمنية لتكون في خدمة العائلة وليس في خدمة الأمة والوطن، وهذا ما نعانيه ونلمسه اليوم، ولم يكتف بهذا بل عمل وبدهاء لا نظير له في نطاق الجماعات المتطرفة التي تحاول اليوم أن تجهض نجاحات الثورة السلمية الشبابية اليمنية التي أطاحت برأس النظام بعد تضحيات جسيمة مصداقا لمقولة صالح أن البديل عنه وأسرته هو تنظيم القاعدة ممثلا بأنصار الشريعة وغيرها من الجماعات والتي ظهرت فجأة بعد توقيع المخلوع على المبادرة الخليجية ويقينه القاطع أنه لم يعدله قرار في اليمن الجديد. إننا في اليمن لا نستغرب اليوم من ظهور ما تسمي نفسها بإمارات إسلامية في زنجبار، وجعار، ورداع وغيرها من المدن اليمنية عقب تشكيل حكومة الوفاق وانتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا للجمهورية اليمنية ولكن الأغرب من ذلك أن منطقة السبعين أو إمارة السبعين وما جاورها من جبال ومواقع عسكرية هي من تلهم وتحفز الجماعات المتطرفة للتمرد على الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق وقبل كل ذالك على إرادة وخيار الشعب اليمني الذي اختار المسار السلمي لتحقيق طموحاته في التحرر من الظلم والاستبداد ورفض التوريث وفاء لشهداء الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر وأهدافها, والحقيقة التي لا جدال فيها انه طالما وان إمارة السبعين خارجة عن سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق فإن تفريخ مثل هذه البؤر التي تشوش وتحاول أن تفرمل وتحد من سيل الثورة الشعبية السلمية الجارف لما تبقى من النظام ستستمر إلى حين، ولكنها لن تقوى على إيقافها، أو القضاء عليها. إننا نطالب بتحويل الجبال المحيطة بعاصمة اليمن صنعاء ومنها النهدين ونقم وعيبان وغيرها إلى حدائق ومنتزهات ومعالم سياحية لسكان العاصمة صنعاء ومن يقصدها من السياح العرب والأجانب تعويضا عن الحدائق والمتنزهات التي تفتقرها صنعاء والتي لم تكن في حسبان الحكم الفردي. إننا بهذا نضيف للعاصمة معالم سياحية فريدة وموردا اقتصاديا واعدا، فهذه الجبال التي تعد الأعلى ارتفاعا في الوطن العربي لا ينبغي ولا يجوز أن تكون بعد اليوم مواقع عسكرية توجه فوهات نيرانها ومدافعها على سكان صنعاء.