ما حدث من تصرفات أمام السفارة الأمريكية لا يدل على الحمية والمروءة اليمنيين تجاه ضيوفهم وإنما سلوك يُحسب على الإسلام خطأً وهو يطبع أذهان الغرب وأمريكا عن المسلمين ودينهم بتقويمات خاطئة لا تمت إلى الإسلام بصلة ثم أن الغرب يُعممون هذه السلوكيات وكأنها جوهر ديننا الحنيف. بل أن ما يقوم به سياسو الغرب عبر التاريخ هو مراقبة تصرفات العرب والمسلمين فيتجاهلون المصيب منها ويهتمون بالأخطاء ويُركزون عليها لأنهم يجدون فيها ما يسيء إلى ديننا الحنيف؛ أفلا نفهم؟. والمُعضلة تكمن في أن من يتصدر لدفاع عن الإسلام وقيم الأمة هم الجهلة والغوغى وأصحاب الأجندات غير الوطنية الذين لا يدركون خطر أفعالهم على تُراثنا وقيمنا وحضارتنا وفوق ذلك معاني وجوهر حنيفية إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام. وهناك من يجد في مثل هذه المواقف فرصة سانحة ليخلط الأوراق على وفق رؤيته التي تهدف إلى النيل من العلاقة الصحية بين بلدنا والآخرين أو بين المسلمين وغيرهم من الأمم. وفي حالة اليمن هناك من لا يروق له التفاعل الايجابي على الساحة اليمنية المُتمثل بالتوافق والدعم العالمي له. لذلك هو يبحث دوما عن اللحظة المناسبة للإساءة لمن يعدهم أعداء. ونحن نقول لهم: ليس هكذا يُنتصر للإسلام فالعنف يُصبح عنوان سيئ لقيمنا، وتُراثنا، وديننا، ولوجودنا. وفي أفعال، وأخلاق رسول ونبي وحبيب الله محمد صل الله عليه وسل�'م منهج وقُدوة لمن يُريد. وحادثة الطائف من الحوادث التي نتعلم منها سماحة من هو أكرم خلق الله قاطبة وهذا لمن يتعظ. وما أشرنا إليه لا يعني القول بعدم الدفاع عن مقدساتنا، أو أحد عناوينها الرئيسية. وإنما نريد أن يكون دفاعنا عن ديننا وقيمنا ينتهج الطرق السلمية المعبرة عن الوجه الحضاري المشرق لنا بوصفنا مسلمين، فالتظاهرات والاحتجاجات، ومقاطعة كل ما يؤذي ويجرح مشاعرنا، وعقيدتنا هي الأسلوب الأمثل، والعنوان الأفضل لإيصال الرسائل العظيمة عنا، وعن تاريخنا، وعن سلمية مواقفنا. بل أنه من المفترض العمل بما يدلل على إمكانية التعامل مع الرأي الآخر بما لا يخل بقيمنا الإنسانية، أو قد يمثل اعتداء صارخاً على إحدى العقائد المتعايشة في هذا العالم وأعظمها، وأجلها الإسلام. وما آلمنا اليوم ليس إحتجاج المحتجين فقط بالعنف، ولكن أيضاً تواطئ وتخاذل قوى الأمن المكلفة بحراسة السفارة الأمريكية، ما يؤدي إلى فهم أن المعتدون على السفارة، والمكلفون بحراستها توافقوا على ما حدث ليرسلوا بذلك رسالة خاطئة إلى العالم مفادها عجز حكومة الوفاق وأدواتها عن القيام بواجباتها، وهذا الأمر بعيد عن الصحة تماماً لأن هناك من القوى، والطوائف من هو مستفيد من إقلاق الأمن والسلم الإجتماعيين إثباتاً للعالم أنه كان الأجدر بالبقاء. وهذه أعمال، وأساليب لن تنطلي على اليمنيين وقوى الثورة، وعلى رعاة المبادرة الخليجية على المستويين الإقليمي، والدولي. وهنا ننوه إلى أن اليمنيين يعرفون عدوهم ومن نهبهم طوال ثلاثة وثلاثين عام ومن لا يزال يطمح واهماً باغتصاب السلطة في اليمن من جديد. وها نحن نلاحظ الأحداث كل يوم المتلاحقة من تفجيرات، واعتداءات على الشخصيات الوطنية، وعلى مؤسسات الدولة، وعلى سفارات الأشقاء، والأصدقاء كالإعتداء على السفارة السعودية بالأمس القريب، وعلى السفارة الأمريكية اليوم، إنما يكرس كل هذا قناعة واحدة أن عدو اليمن بالأمس هو عدوها اليوم وإن تغيرت أدواته، ومصادر تمويله، وإتفاق المخلوع مع من كان يحاربهم بالأمس ليخلق أرضية جديدة قاعدتها تعتمد على المصلحة الذاتية، والأنانية هي الوسيلة الأمثل لإفشال الوفاق الوطني، والمبادرة الخليجية، وإبتكار العوائق أمام خطوات رئيس الجمهورية الواثقة في تصحيح الوضع القائم، وتنقيته من الإختلالات.