ترشح عمر سليمان أثار حفيظة كثيرين يعتبرونه امتدادا لنظام مبارك (الفرنسية) أثار عمر سليمان، الذي عينه الرئيس المصري السابق حسني مبارك نائبا له قبيل تخليه عن السلطة في 11 فبراير/شباط 2011، لغطا حوله عقب ترشحه لانتخابات الرئاسة المقررة نهاية مايو/أيار 2012، وتواترت الاتهامات له بمحاولة إعادة إنتاج النظام السابق، وهو ما نفاه. فقد قدم سليمان -الذي كان مديرا للمخابرات العامة لسنوات طويلة- ملف ترشحه إلى اللجنة العليا للانتخابات قبل 15 دقيقة تقريبا من غلق باب الترشح في الثامن من أبريل/نيسان. وتمكن سليمان في غضون يوم واحد من جمع أكثر من سبعين ألف توكيل، أي نحو ضعفي العدد المطلوب من التوكيلات وهو ثلاثون ألفا، بينما تحدث مسؤولو حملته عن جمعه 130 ألف توكيل في يومين. وقد أثار ترشح سليمان في اللحظة الأخيرة، وجمعه ذلك العدد الكبير من التوكيلات في وقت قصير، والحماية العسكرية المشددة التي أحيط بها لدى تقديم ملفه، شكوكا لدى جهات مصرية كثيرة بأن سليمان مدعوم بصورة أو بأخرى من المجلس العسكري. لكن نائب مبارك نفى في تصريحات صحفية أي صلة للمجلس العسكري بقرار ترشحه، وقال إن المجلس لم يعلم بقراره إلا من خلال الإعلام، مضيفا أنه ترشح استجابة "لضغوط جماهيرية" بعدما أعلن قبل ذلك بأيام أنه لن يتقدم للانتخابات. أثار ترشح سليمان في اللحظة الأخيرة موجة من الانتقادات من ليبراليين وإسلاميين يرون أن الغرض من ترشحه إجهاض الثورة وإحياء النظام السابق، وكان المرشحان عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد سليم العوا بين منتقدي ترشح سليمان. أما خيرت الشاطر المرشح الأصلي للإخوان المسلمين فقال إن ترشح المدير السابق للاستخبارات فيه نوع من الإهانة للثورة، وأضاف أن سليمان لا يمكن أن يفوز إلا في حال تم تزوير النتائج، وأنه في حال فوزه ستُستأنف الثورة، وهو ما لوحت به أيضا حركات وائتلافات ثورية بينها حركة كفاية. وذهبت بعض الائتلافات إلى حد الحديث عن دعم إسرائيلي وأميركي لترشيح مدير المخابرات العامة السابق، في حين رحبت أوساط سياسية إسرائيلية بترشحه باعتباره الأكثر حرصا على حماية معاهدة كامب ديفد. وفي السياق ذاته، تحدث السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة تسيفي مزئيل عن صفقة بين المجلس العسكري وسليمان لمنع الإسلاميين من السيطرة على دواليب الحكم برمتها. دفاع سليمان أما سليمان فرد على من يتهمونه بمحاولة إنتاج النظام السابق بأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وتحدث عن تهديدات له بالقتل من عناصر تنتمي للإخوان المسلمين ولجماعات إسلامية أخرى عقب ترشحه. وأضاف أنه تشجع لخوض الانتخابات لأنه شعر بأن الإخوان المسلمين فقدوا كثيرا من شعبيتهم بعد دفعهم بمرشح رئاسي (ثم بمرشح احتياطي) بخلاف ما كانوا وعدوا به سابقا من عدم تقديم مرشح للرئاسة. مواقفه وبرنامجه قال سليمان في تصريحات صحفية إنه رشح نفسه على أساس نظام رئاسي يمنح سلطات مهمة للرئيس تمكنه من حماية البلد، وأعلن رفضه النظام المختلط أو النظام البرلماني. وقال أيضا إنه لن يتدخل في محاكمة رموز النظام السابق وفي مقدمتهم مبارك، وإنه يؤمن بفصل السلطات. وتعهد عمر سليمان باحترام تعهدات والتزامات مصر بما يحقق المصلحة الوطنية وإرساء توازن في علاقات مصر الإقليمية والدولية. وعرض بعض الأولويات في برنامجه الانتخابي، وفي مقدمتها إنقاذ البلاد من الفوضى واستعادة الأمن بسرعة. وتحدث في هذا الإطار عن فرض هيبة الدولة من خلال العدل في تطبيق القوانين. وفي الجانب الاقتصادي تحدث عن خطوات سريعة وعاجلة لإنقاذ الاقتصاد، ويشمل هذا سن قانون لحماية الاستثمار، وتشجيع التصدير، وإعادة رجال الأعمال الذين نقلوا استثماراتهم إلى الخارج. تاريخه عينه الرئيس السابق نائبا له في 29 يناير/كانون الثاني 2011 أي بعد أربعة أيام من اندلاع الثورة، وظل في منصبه هذا حتى تنحي مبارك في 11 فبراير/شباط من العام نفسه. وكان سليمان هو من ألقى البيان الشهير الذي ورد فيه تخلي مبارك عن السلطة. وعن هذا المنصب تحديدا، قال سليمان إنه تولاه لبضعة أيام "لإنقاذ ما يمكن إنقاذه". وكان قد قال في مقابلة تلفزيونية خلال الثورة إن المصريين غير مستعدين للديمقراطية. قبل هذا، تولى سليمان رئاسة المخابرات العامة من 22 يناير/كانون الثاني 1993 حتى تعيينه نائبا لمبارك. وحول إدارته للمخابرات العامة، نفى عمر سليمان أن يكون هذا الجهاز قد قام بأي تجاوزات في عهده. وقد ظل سليمان معروفا لفترة طويلة في أوساط المخابرات المصرية المختلفة، ليبدأ منذ العام 2000 ظهوره العلني عبر جولات بين غزة ورام الله والقدس المحتلة وتل أبيب ممثلا للوساطة المصرية في القضية الفلسطينية. وقاد في هذا الإطار وساطات عديدة بين حركتي حماس وفتح، وتوسط في 2006 لحل قضية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عبر اتصالات متعددة مع إسرائيل والحكومة الفلسطينية وقيادة حماس. كما قام بأدوار دبلوماسية شملت زيارة سوريا بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري. واللواء سليمان من مواليد محافظة قنا عام 1936، وانضم إلى القوات المسلحة المصرية عام 1954. * المصدر: الجزيرة