الدولة المدنية هي دولة الجميع ويحكمها الشعب ليست أرستقراطية أو شمولية أُحادية, لقد جاءت الدولة المدنية كحل أساسي للحد من الخلاف بين الطوائف والفرق والمذهبية والمناهج القروية بحكم موقفها المُحايد وخلاص وحيد للإنتهازية الذي تمارسها النخب كما كانت تمارسها الحركات الفاشية التي كانت تصعد وتفرض وجودها عندما تدخل البلاد على فراغ دستوري وتقتوم بالسيطرة على المؤسسات والشركات المنتجة لتفرض مبادئها عنوةً على المجتمع .الدولة المدنية هي السير مع العالم في طريق التمدن والتحضر واللحاق بركب الدول ذات ذات الطابع التقدمي والصناعي. الدولة المدنية ليست فكر ثابت أو مُتحجر وإنما خاضع للتحوير والتعديل والإدخال وكذلك النقد بما يتناسب مع مُتطلبات المجتمع والتطور الحضاري والإقتصادي لكل الأمة. لقد ظهرت مُصطلحات جديدة وهي الإسلام الديمقراطي والحداثي والحضاري وهي مصطلحات غير واقعية وتُعد من باب المغالطة والتلاعب بالمصطلحات حيث أن الدين منزل من عند الله بينما الديمقراطية فكر وممارسة من وضع البشر وقابلة للتغير فضلاً عن الرفض عند بعض الأمم الأخرى. من المعروف أن الشعوب قد مارست تجاربها وهي الآن تسعى نحو إقامة أنظمة ديمقراطية جديدة تحقق لها مبدأ العدالة الإجتماعية وتضمن لها الحرية وتؤمن لها الرخاء الإقتصادي وتركز على الوضع المعيشي بشكل كبير. وإن ما يثير ويحزن النفس أن نرى واقع اليمن المرير الذي كان تاريخياً صرحاً شامخاً للمدنية والحضارة وقبلةً للنهل من المعارف والعلوم وشتى أنواع الفنون قد صار أرض أشبه بالخراب ونسيجهُ الإجتماعي يشهد تمزق ووحدته الجغرافية والمصيرية تكاد تفتت, اليمن الذي كان إنشودة الحب ورمز الأنس والجمال صار أرض دماء وساحات إقتتال, اليمن الذي كان يُطلق عليه اليمن السعيد قد أصبحت التراجيديا لصيقةً بهِ وبأبنائه .لقد صار هذا الوطن الكبير ملاذاً للمُتخلفين وتحت إمارة مشائخ مُدججين بالسلاح الذي يتفاخرون به ويُقدمونه على القلم فهؤلاء هم أعداء الحياة والتقدم. إن المخرج الأساسي من هذه الفوهات والعوائق التي تعتري بناء الدولة هو العمل على هيكلة الجيش وتوحيده على أساس الولاء للشعب والوطن ومن ثم إعادة صياغة الدستور على أساس وطني متين وبما يتطلب مع ظروف هذه المرحلة الحساسة خصوصاً وأن اليمن لا زالت تمر بمرحلة إنتقالية.إتخاذ النظام المدني هو النظام الذي يجب أن يُطبف في كل أروقة الحكم بإعتباره مطلب شعبي وثوري وحضاري. الشعب اليمني يُدرك جيدا أنهُ لن يبدأ من الصفر فخارطة اليمن ليست مُعقدة بتلك الصورة النمطية وإنما اليمن بشعبها مرن وطموح ومُتطلع للحياة والعيش الرخي والإنفتاح. فاليابان خاضت أقسى الحروب في تاريخها, التي دمرت معظم ملامح المدينة ولكنها أستطاعت أن تخرج متن هذه التجربة المريرة وتداركت الأخطار وأنفتحت مع العالم وسلمت بالأنظمة المدنية الديمقراطية التي من خلالها بنو العنصر البشري واستثمروا الإنسان بشكل أساسي لينتجوا إنسان مستنسخ آلي يعمل معهم ويشاركهم في مسيرتهم التنموية كُل هذا لتصبح اليابان من أقوى دول العالم إقتصادياً حيث يُعد التصنيع إحدى ركائز الإقتصاد الياباني لأنها تُعتبر دولة تحتل موارد طبيعية قليلة.