الشعوب العربية والإسلامية عامة وثورات الربيع العربي خاصة مطوقة تجاه الثورة الفلسطينية بواجبين: الواجب القومي والإسلامي الذي يفرض على الأمة مجتمعة بذل كل الجهود، وتسخير كل الإمكانات المتاحة لمناصرة الثورة الفلسطينية حتى تحرير فلسطين وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني العظيم، والواجب الثاني، هو واجب رد الجميل من بلدان ثورة الربيع العربي حيث كانت الثورة الفلسطينية -في يقيني- ملهمة للشعوب العربية في هذه الثورات، كما هي تجربة عملية للشارع العربي. ولست هنا مقللا من وعي ويقظة وثورية الشعوب العربية، سواء في بلدان ثورة الربيع العربي أو في غيرها، فللشعب العربي عامة تاريخ نضالي أكبر من أن ينكره أحد، ورصيد كفاحي متميز في مقاومة الظلم والاستبداد ومجاهدة الاستعمار مما أودع الذاكرة الشعبية رصيداً ضخماً وتاريخاً ناصعاً وتجربة فذة في مقاومة الظلم والمستعمرين حيث ظل هذا التراكم الكفاحي والنضالي زاد حاضراً يلهم هذه الشعوب صناعة المواقف لمواجهة قوى الظلم والاستعمار، كما رسخ ذلك التراكم ثقافة ثورية مهما سكنت أو توقفت بعض الأحيان فسرعان ما تثور رافضة الظلم أو الاستكانة والاستسلام. وما قدمته الثورة الفلسطينية والمقاومة الباسلة للشعب العربي اليوم شيء مختلف تماما، فلقد وجدت نفسها -طيلة سنوات مضت كفصائل مقاومة- وحيدة إلا من دعم شعب معنوي في معظمه، فواجهت فصائل المقاومة الفلسطينية غطرسة الكيان الصهيوني وكل آلته العسكرية المتنامية والتي يقف وراءها الغرب مؤيداً ومسانداً للعربدة الصهيونية وجرائمه الوحشية والهمجية، فتصدت فصائل المقاومة الإسلامية لكل تلك الاعتداءات السافرة بصمود وثبات وإصرار اتسم بالديمومة والاستمرار وشراسة المواجهة وفاعليتها. وهنا بيت القصيد فيما أشرنا إليه بما قدمته الثورة الفلسطينية لثورات الربيع العربي. حيث مثل ذلك الصمود الأسطوري والإصرار البطولي في المقاومة والصمود الذي كان الفلسطينيون يقدمونه كدروس يومية فلم ينهاروا أمام تلك الآلة العسكرية الكثيفة والمتطورة بعدما أبرزوا التضحيات والصمود والبطولات النادرة، فكان أن انتقل هذا الصمود والثبات والتصميم إلى الشعوب العربية التي اتخذت من الثورة الأم (الثورة الفلسطينية) أسوة وقدوة في الصمود أيام همجية الحكام المستبدين في تونس ومصر مرورا بليبيا واليمن وسوريا. لقد تشربت ثورات الربيع العربي ذلك الصمود وقوة الإرادة وروح التضحية من تلك البطولات التي كان الفلسطينيون يقدمونها كدروس يومية في مواجهة التسلط الصهيوني الجبان، وهو ما طبقته الشعوب العربية في مواجهة الأنظمة الاستبدادية التي أسقطتها ثورة الربيع العربي. وهنا فلابد لشعوب وبلدان ثورة الربيع العربي أن ترد الجميل للشعب الفلسطيني البطل الذي عزز لدى شعوبنا الصمود والتضحية والإقدام وألا ينسوا هذا الشعب من تقديم كل أشكال الدعم الممكنة، ولتعش فلسطين حرة أبية.