تتابعت التحذيرات من كارثة اقتصادية ربما تقود إلى انهيار اقتصادي في حال استمرار طباعة العملة دون أن يقابلها إنتاج ونمو الناتج المحلى الإجمالي للدولة حتى لا ترتفع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار في السوق، حيث جاءت التحذيرات التي أطلقها اقتصاديون وسياسيون ومهتمون بالشأن المحلي بعد ان كشف الرئيس عبد ربه منصور هادي عن إفلاس الخزينة العامة للدولة خلال شهر يوليو من العام المنصرم 2012 واضطرار الحكومة لطباعة عملة نقدية دون غطاء. وتشير المعلومات إلى أن الرئيس هادي قال خلال اجتماع استثنائي للحكومة والبرلمان الأسبوع الماضي إن الدولة كانت مفلسة الأمر الذي استدعى إصداره توجيهات بطباعة 27 مليار ريال ما يساوي 135 مليون دولار أمريكي من دون غطاء نقدي وعلى المكشوف لافتاً إلى أنه تمت طباعة المبلغ خلال الفترة من يوليو وحتى سبتمبر 2012. ويرى خبراء اقتصاد أن لجوء الحكومة لطباعة العملة هو نتيجة طبيعية لعدم قدرتها في تحسين وزيادة الضرائب وعدم الحصول على قروض محلية او خارجية، وان عدم القدرة على زيادة الدخل من الضرائب يعني فشل الحكومة في رسم سياسيات اقتصادية تعمل على تحسين الموارد وخاصة الضريبية والجمركية. الأمر الآخر هو اللجوء إلى القروض لسد الاحتياج بدلا من طباعة العملة دون أن يقابل عملية الطباعة إنتاج إلا إن هناك معلومات تشير إلى ان القروض من أكتوبر 2011م إلى أكتوبر 2012م بلغت 300مليار ريال وهو رقم كبير كان يفترض أن يغطي الاحتياجات بدلا من اللجوء لطباعة العملة لتجنب الانعكاسات السلبية التي تخلفها هذه العملية. ما سبق خيارات اقتصادية لتوفير العملة أفضل بكثير من طباعتها غير ان هناك أرقام فيما يتعلق بفساد الموازنات تشير إلى عدم جدية الحكومة في ترشيد الإنفاق الذي سيكفل توفير مبالغ باهضة. ووفقا للمعلومات فان طباعة العملة استمر من يوليو وحتى سبتمبر 2012م، وخلال هذه الفترة وتحديدا في أواخر أغسطس الماضي كان وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي قد كشف عن إقرار الصندوق السعودي للتنمية وضع وديعة مالية بقيمة مليار دولار في البنك المركزي اليمني لدعم استقرار العملة الوطنية وتعزيز جهود الحكومة اليمنية الهادفة إلى مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة. تغطية الفشل بدلا من جمع الموارد الضريبية يقول الدكتور محمد جبران أستاذ المحاسبة بجامعة صنعاء إذا كانت المعلومات التي تحدثت عن طباعة العملة صحيحة وحصل هذا باتفاق بين رئيس الجمهورية ومحافظ البنك المركزي بدون معرفة الوزارات الاقتصادية والتي معظمها مسندة إلى وزراء المعارضة فلماذا لم يخرج هؤلاء الوزراء ليوضحوا رأيهم ورأي المعارضة، كون هذا يتعارض مع توجهات المعارضة وان كان هذا حصل بعلمهم فانه يقود إلى ثورة مضادة وسوف يترتب عليها انهيار اقتصادي وارتفاع في الأسعار سوف يلحق الضرر بالمواطن. وأضاف: وكأن الحكومة تغطي فشلها في إدارة الملف الاقتصادي بطباعة العملة بدلا من جمع الموارد الضريبية التي تزيد عن تريلون ونصف، أي ما يعادل 7 مليار دلاور مابين تهريب ضريبي وجمركي ونهب موارد النفط من قبل الشركات التي يمتلكها النظام السابق وأقربائه وأتباعه من تكلفة ما يسمى بنفط الكلفة وكذلك ضياع ما يقارب 3مليار دولار من صادرات الغاز ولم تحرك حكومة الوفاق ساكنا لمنع الفساد في المؤسسات والتي هي كفيلة للانتقال باليمن نقلة اقتصادية دون الحاجة إلى المنح والقروض وطبع العملة. وفي السياق ذاته كان مصدر في مجلس الوزراء قد اكد في تصريح صحفي نشرته وسائل اعلام خارجية إن توجيهات الرئيس عبد ربه منصور للحكومة بطباعة المبلغ دون غطاء لتغطية العجز النقدي جاءت بناء على موافقة من البنك الدولي إثر جهود بذلها دبلوماسيون غربيون مراعاة للظرف الاستثنائي الذي يمر به اليمن. وقال الخبير الاقتصادي والمالي، محمد نبيل لموقع العربية. نت إن هذه الواقعة تشبه لجوء السلطات في منتصف تسعينيات القرن الماضي إلى طباعة نقود بدون غطاء نتيجة الأزمة الاقتصادية التي عاشتها البلاد أثناء الأزمة السياسية وخلال حرب صيف 1994، وهو ما أدى حينها إلى انهيار العملة اليمنية من 40 ريالاً مقابل الدولار إلى نحو 180 ريالاً مقابل الدولار الأمريكي آنذاك، لافتاً إلى أنه نتج عن ذلك اضطرار الحكومة في 1995 إلى تطبيق روشتة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عبر برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري، والذي تم من خلاله اللجوء إلى أذون الخزانة لامتصاص السيولة النقدية وإيقاف نزيف العملة، وفي المقابل تضررت نسبة كبيرة من المجتمع جراء رفع الدعم عن كثير من السلع لتنهار الطبقة الوسطى ويتحول المؤشر البياني إلى رصد قلة قليلة تشكل طبقة ثرية فيما تبقى وأغلبية ساحقة في خانة الفقراء. وحذر من الاستمرار في طباعة نقود بدون غطاء من النقد الأجنبي والعملات الصعبة، وقال: طباعة النقد والبنكنوت دون غطاء ستؤدي إلي كارثة اقتصادية وتقود إلى انهيار اقتصادي»، مشيراً إلى أن البنك المركزي دائماً يتجه إلى إعادة طبع الأوراق التالفة كل فترة، ولكن لا تصل هذه الأموال إلى المليارات، ولذلك فإن طباعة النقد تربطها عدة معايير وضوابط متعلقة بالغطاء من الذهب وحجم الإنتاج من السلع والخدمات ونمو الناتج المحلى الإجمالي للدولة، حتى لا ترتفع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار في السوق، وأن اللجوء إلى طبع نقود دون وجود مقابل لها سيؤدي إلى تدمير الاقتصاد اليمني، لأنه يؤدي إلى انخفاض القيمة الشرائية للريال اليمني بصورة كبيرة، وارتفاع الأسعار بصورة غير مسبوقة، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة التضخم بدرجة عالية، مشدداً على ضرورة عدم إصدار أوراق نقد لتمويل عجز الموازنة بدون غطاء، منوها إلى أن هناك بدائل عدة أمام الحكومة لسد عجز الموازنة بدلاً من طبع أوراق بنكنوت، ومنها إلغاء الدعم على المواد البترولية، والعمل علي إيصاله لمستحقيه، وتحريك أسعار السلع الاستهلاكية بما لا يؤثر في الحالة الاقتصادية للمواطن اليمني، فضلاً عن الاستفادة من ضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة. مكتب وزير المالية: طباعة العملة تمت في 2011 في اتصال بمدير مكتب وزير المالية للاستفسار حول عملية طباعة 27 مليار في يوليو الماضي أكد ان المعلومات غير صحيحة وان عملية الطباعة تمت في 2011م قبل مجيئ حكومة الوفاق الوطني، مؤكدا على انه خلال فترة حكومة الوفاق لم تتم أي عملية طباعة نهائيا. وكانت وسائل إعلام محلية قد نشرت معلومات الخميس الماضي على لسان مصدر في رئاسة الجمهورية على أن ما كشف عنه الرئيس هادي في اجتماع الأربعاء الماضي بمجلسي الوزراء والنواب، بشأن طباعة العملة، حدث خلال أزمة العام 2011 وليس خلال العام الماضي 2012، وقال إن ما نقلته وسائل إعلام إلكترونية من حديث هادي بهذا الخصوص لم يكن دقيقا حيث ذكرت أنه تمت طباعة العملة في شهر يوليو 2012 وهذا غير صحيح، بل هو في منتصف العام 2011، ولم يأتِ شهر أكتوبر من نفس العام إلا وقد تم تجاوز الأزمة.