امرأة يمنية في السعودية تصرخ: زوجي في السجن لأنه يعمل عند غير كفيله ولا معي غير أطفالي، انقذوني! شاب يموت بحادث مروري فترفض الجوازات والهجرة تسليم جثمانه لأهله في تعز، بحجة «دخل متسللاً» أصدرت السلطات السعودية مرسوماً ملكياً لنظام عمل قد يلحق الضرر بنصف مليون مغترب يمني الملك أو وزير الداخلية السعودي بإمكانهما استثناء المغتربين اليمنيين من القرار لو تدخل الرئيس أو رئيس الحكومة يا لها من مفارقة مؤلمة. في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الداخلية عن تقديم أكثر من 400 شخص سوري حق اللجوء إلى اليمن، كانت قوات حرس الحدود السعودية تلاحق بشدةٍ متناهية وتعتقل 1500 متسلل يمني على حدودها، كانوا في مهمة خلق اللجوء القسري لِلُقمة عَيش تسُد رمق جائعٍ حُر، يأبى أن يعيش إلا بعرق جبينه. شواظ الألم تحط في مراسي الاغتراب، يصطلي بها اليمنيون في البلدة الشقيقة، الحاضنة للبيت العتيق الذي يتباهى به اليمنيون مُذ وطأت قبيلة جرهم الأرض اليباب، وأذِن الله لإبراهيم برفع القواعد. تقنين العذاب من قبل السلطات السعودية غير لائق على شكلها الرسمي الذي يتفاخر بعلاقة الأخوة والأواصر العميقة مع بلدان الجوار. يوم السبت الماضي اتصلت مغتربة يمنية في السعودية إلى مدير العلاقات العامة في وزارة المغتربين قالت له: أيها المسؤولون عنا: زوجي في السجن لأنه يعمل عند غير كفيله، وهو لديه إقامة نظامية، وأنا الآن لا يوجد معي غير أطفال.. فإما أن تخرجوا زوجي، وإما أن ترجعوني بلدي، كانت تبكي بحرقة، هذا الموقف جعل من ثائر الشرعبي، مدير العلاقات العامة يعزم النية لتقديم استقالته، قال الشرعبي: عندها تسمرت لساني عن الكلام، سأقدم استقالتي إن لم يوجد حل. وتأتي الممارسات السعودية عقب قيام سلطاتها بتعديل المادة (39) من نظام العمل الأمر الذي سيلحق الضرر بما لا يقل عن نصف مليون مغترب يمني. وينص التعديل على أنه لا يجوز لصاحب العمل أن يترك عامله يعمل لدى الغير، ولا يجوز للعامل أن يعمل لدى صاحب عمل آخر، كما لا يجوز لصاحب العمل توظيف عامل غيره، ولا يجوز لصاحب العمل أن يترك عامله يعمل لحسابه الخاص، وتتولى وزارة الداخلية ضبط وإيقاف وترحيل وإيقاع العقوبات على المخالفين من العاملين لحسابهم الخاص (العمالة السائبة) في الشوارع والميادين والمتغيبين عن العمل (الهاربين)، وكذلك أصحاب العمل والمشغلين لهؤلاء والمتسترين عليهم والناقلين لهم وكل من له دور في المخالفة وتطبيق العقوبات المقررة. وتكمن الإشكالية في مكاتب التفويج التي تشتري فيز من 10 ألف ريال سعودي وتبيعها على طالب الهجرة والاغتراب بمبلغ 15 ألف ريال، هذه الفيزة لا يوجد معها عقد عمل مبين فيه الحقوق والواجبات نهائيا، وعندما يدخل العامل إلى المملكة يلتقي الكفيل، إن كان معه عمل قام بتشغيله، وإن لم يكن للكفيل عمل، فيسمح له بالبحث عن عمل عند من يريد شريطة أن يقتطع له مبلغاً من شقاه وعرقه. المعلومات تؤكد أن معظم المغتربين اليمنيين الحاليين (حوالي 90%) يعملون عند غير كفلائهم، وبطريقة نظامية عندما تنتهي الإقامة يذهب للكفيل الأصل، ويعطيه مبلغاً مقابل تجديد الإقامة. مدير العلاقات العامة بوزارة المغتربين قال للأهالي أن السعوديين "الكفلاء الأصليين" الآن يقومون بالإبلاغ عن المغتربين بأنهم هربوا «خوفا من الغرامة التي ستعاقبه بها وزارة الداخلية»، والمعنى أن الكفلاء يبلغون عن اليمنيين بأنهم هربوا للعمل مع غيرهم تفادياً من السلطات السعودية. الأمر الذي ينعكس بثقله على المغترب اليمني. وبالعودة إلى التأريخ، فإن معاهدة الطائف المبرمة عام (1934) كادت تساوي بين اليمنيين والسعوديين في الحقوق والواجبات، ولكنها أهملت فيما بعد، عند ترسيم الحدود. ولتفادي كارثة قادمة تشبه تلك التي حملها عام90م عندما أيد علي صالح صدام حسين في غزو العراق، وإيجاد حلول للمستهدفين من تعديل المادة (39) التي تعني خروج الآلاف من المغتربين في الأيام القادمة، يرى ثائر الشرعبي بأن على الأقل يمكن استثناء المغتربين اليمنيين من القانون السعودي أو أن يُفتح المجال لنقل كفالتهم إلى من يعلمون معهم. لكن الشرعبي مُطلع على مثل هكذا لوائح، لذا هو يرى أن هذا لايتم إلا على مستوى عال جدا، خاصة وقد صدر مرسوم ملكي بذلك، إذ لابد من تدخل رئيس الجمهورية شخصيًا، ودولة رئيس الوزراء، ووزير المغتربين، والعمل على إصدار مرسوم باستثناء المغتربين او تصحيح نقل كفالاتهم. مؤكداً أن القرار السعودي لا يمكن إلا أن يتدخل في تعديله أحد عدا الملك شخصيا أو وزير الداخلية، بمعنى، أنه لابد من بحث الموضوع بمستوياته القيادية مالم فإننا أمام كارثة حقيقية لا مفر منها. وقائع مؤلمة! منذ أسابيع وصل المغترب اليمني طه عبدالله العباسي، ضمن دفعة "ترحيل" من المملكة العربية السعودية، كان في سجن الشمسي (معتقل لتجميع اليمنيين من شتى الأراضي السعودية وترحيلهم إلى صنعاء)، كان طه يبتسم أمام كاميرا تلفون صديقه ليلتقط له صورة داخل السجن، بينما هو شاهر جوازه اليمني. طه العباسي مغترب منذ سبعه أشهر، واشترى فيزا بمبلغ 20 ألف ريال سعودي، والإقامة كلفته مبلغ 5 ألف ريال سعودي، لكنه لم يعد سوى بالحسرة، لأنه ببساطة: لا يعمل عند كفيله، حسب ما وُجه إليه. قبل أشهر عاد المغترب اليمني في السعودية محمد عثمان حسن ، كان قبلها قد باع ذهب زوجته واستلف مبلغاً ثقيلاً من أجل الفيزا والدخول إلى أراضي المملكة بشكل قانوني. لكن وبعد خلافٍ مع "الكفيل" ألغى الرجل كفالته بعد أن أكله عشرين ألف ريال سعودي ولم يعطه الجواز ولا الإقامة، فيما ظل محمد في العزبة سنة ونصف «مجهول»، يعيش في دوامة العودة ودوامة الدين ودوامة الغربة. بعد سنة ونصف من العيش داخل الدوامات الثلاث، استطاع أن يتسلل إلى الحدود والعودة إلى اليمن، قبلها كان صديق محمد من نفس قريته صلاح أحمد سعيد مع شخصين من عزلة الهشمة محافظة تعز في طريق العودة إلى اليمن ولكنهم ودَعوا غربة الدنيا إلى الأبد إثر حادث مروري مؤلم، علماً أن جميعهم قد دخلوا السعودية بطريقة غير شرعية مثقلين بحلم شرعي هو أن يعيشوا على وجه هذه الأرض. كان صلاح قد جمع مبلغاً لا بأس به من المال، وقرر العودة تسللاً كما أتى، وفي طريق الدمام قضى نحبه وحلمه، وتعلقت مخيلة والدته بصورة ابنها الصغير وهو يلبس الثوب المزركش، وضلت حبيسة الصورة حتى اليوم، بعد أن دُفن ولدها في أرض الغُربة، نظراً لاجراءات الجوازات والهجرة السعودية التى رفضت تسليم الجثة وترحيلها إلى اليمن. قصتان، إحداهما نظامية وأخرى غير نظامية، لكن ألم المكابدة هو القاسم المشترك بينهما. مكرمة ملكية بترحيل 1072 يمني ويمنية على ذمة قضايا عادلة! في منتصف يناير الفائت استقبل منفذ الطوال البري الدفعة الأولى من السجناء اليمنيين في شعبة السجن العام بمنطقة جازان بالمملكة العربية السعودية، تباهى موقع وزارة الدفاع اليمني بمكرمة العفو الملكي لعدد 467 سجينا وسجينة، بشرَ رئيس الجالية اليمنية في جيزان وقتها بدفعات أخرى سيتم ترحيلها بموجب عفو ملكي عن عدد كبير من السجناء اليمنيين على ذمة قضايا عادية. رئيس الجالية ذاته لم يجد بُداً من تملق الجوازات والهجرة السعودية لحسن «دعمهم وحسن معاملتهم للسجناء وتوفير الاستقبال اللائق لهم»، كان ذلك بعد أربعة أيام فقط من وصول الدفعة الأولى، لكن في زمنٍ مخصص لتوديع الدفعة الثانية. بعد أيام خفَ التباهي اليمني من الجانب الرسمي لاستقبال السجناء اليمنيين، إذ كفت عن نقل نبأ عودة الألم بطائرتي الدفعة الثالثة والرابعة، هذه المرة، نقل موقع وزارة الدفاع خبر وصول الدفعة الخامسة مرفقاً بإجمالي العائدين على قضايا عادلة وليسوا متسللين. وبحسب الخبر المُشار إليه فإن ميناء الطوال البري استقبل الدفعة «الخامسة والأخيرة من المرحلة الأولى» لإطلاق سراح اليمنيين من السجون السعودية بموجب المكرمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وهو ما يؤكد وجود مراحل تالية تحمل في طياتها توديع الكثير من الدُفع، أو مجاميع السجناء في المعتقلات السعودية لأسباب عادلة. مدير عام السجون بمنطقة جيزان رافق الدفعة الخامسة حتى اليمن، قال إن زيارته تلك تأتي ترجمة لمدى حبه واحترامه لليمن وشعب اليمن الذي تربطه علاقات قرابة وأخوة وعقيدة واحدة مع شقيقه الشعب السعودي، وفي ظل القيادة الحكيمة للبلدين الشقيقين، مشيراً أن مرافقته للدفعة الخامسة من اليمنيين المفرج عنهم بموجب «المكرمة» هي من باب إظهار مدى حبه لليمن ولليمنيين. في النهاية تبين سبب الترحيل الذي أفصح عنه مسؤول في الجالية اليمنية، قال «إن إجمالي من تم الإفراج عنهم في الدفعات الخمس بلغ 1072 سجيناً وسجينة وجميعهم كانوا مسجونين على ذمة قضايا عادلة». جديد! لم تكن وزارة المغتربين معنية بالتواصل مع أبنائها في الخارج، لأن الوزارة ليس لديها ممثل لها في معظم الدول خصوصاً الخليجية، إذ كانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هي المكلفة بذلك. الآن تم نزع هذا الاختصاص وأصبحت الوزارة هي المعنية بتفويج العمالة للخارج ومخاطبة وزارات العمل في تلك الدول وارسال مندوبيها لمتابعة المغتربين وحل قضاياهم. هذا القرار صدر قبل أسبوعين من قبل مجلس الوزراء، وبحسب ثائر الشرعبي للأهالي فإن الوزارة ستقوم خلال الأيام القادمة بمنع أي طالب عمل في الخارج من الذهاب والالتحاق بسوق العمل الخارجي ما لم يكن لديه عقد عمل وموافق عليه من قبل الوزارة حتى نستطيع حماية حقوقه. [email protected]