تحولت جدران شوارع القاهرة الى ساحة حرب بين جماعة الاخوان وانصار السيسي، وتشمل هذه الحرب تبادلا للاتهامات بالكذب والخيانة والقتل والشتائم بألفاظ بذيئة احيانا. وعمدت جماعة الاخوان بعد حظرها الى تصعيد كتابة الشعارات المعارضة للنظام على الجدران، وهو ما جعلها تبدو منتصرة في هذه الحرب، وكأنها ترد بطريقتها على تغييبها وحملات انتقادها العنيفة في وسائل الاعلام الحكومية والخاصة. وتعد عبارات مثل ‘السيسي قاتل والسيسي خائن' و'يسقط حكم العسكر' و'الانقلاب هو الإرهاب' من أبرز الشعارات التي يكتبها انصار الاخوان، في حين يكتب المؤيدون للسيسي عبارات مثل :'الاخوان كاذبون'، و'يسقط حكم المرشد'، و'الموت للإخوان'، و'الجيش والشرطة والشعب إيد واحدة' وهي تنتشر في كثير من الشوارع الرئيسية والفرعية في القاهرة وعدد من المحافظات. وتتميز بعض الشعارات ايضا بان لها طابعا انثويا، مثل شعار ‘ستات مصر موجودة'، وبعض الشعارات لها طابع ديني مؤيد للثورة، مثل جدارية ضخمة على جدار الجامعة الأمريكية مكتوب فيها بخط ملون آية قرآنية: ‘قالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل'. ولا تكاد تمر بشارع أو حارة في القاهرة أو باقي المحافظات، إلا وتجد جدرانها ممتلئة بالكتابات أو الشعارات المؤيدة للفريق عبد الفتاح السيسي، أو رافضة لما تعتبره ‘الانقلاب العسكري'. وبدأت القصة بعد الثورة مباشرة، إذ امتلأت جدران القاهرة فور تنحي الرئيس السابق حسني مبارك بالشعارات التي تحيي الثورة وشهداء 25 يناير، ولكن سرعان ما ظهر التوتر بين الثوار والمجلس العسكري وبدأت الشعارات تأخذ منحى آخر معادياً ل'حكم العسكر'، كما بدأ مؤيدو المجلس العسكري في نفس الوقت يعلنون عن موقفهم، ومن هنا أصبحت الجدران ميداناً للصراع بين الطرفين. ويختلف تعاطي السلطات مع تلك الشعارات، ففي الوقت الذي تترك فيه السلطات الشعارات المؤيدة للفريق السيسي، تقوم يوميا بطمس الشعارات الرافضة ل'الانقلاب العسكري'، عبر إعادة طلاء الجدران المكتوبة عليها تلك الشعارات، مما يدفع الشباب لإعادة كتابة الشعارت في نفس اليوم كنوع من التحدي مع كتابة عبارات ساخرة، مثل ‘مبروك الدهان الجديد' ،و ‘يسقط حكم العسكر' . ويقول محمد أبو زيد ،طالب ثانوي، إنه وأصدقاءه يقومون بالكتابة على الجدران، بهدف إيصال رسالة للناس ‘الذين أعمى الإعلام أعينهم عن الحقيقة'، معتبرا أنه لو لم يكن لما يقومون به فائدة لما قامت قوات الانقلاب بطمسه يوميا. وقال أبو زيد ‘تكلفة الكتابة على الجدران ليست كبيرة، ونقوم بجمعها من مصروف المدرسة ،كما نقوم أحيانا بجمع الأموال من المشاركين في المسيرات'. وقامت الجبهة الوسطية بإطلاق حملة ‘زيل شعار وجمل الجدران' لإزالة جميع الشعارات التي يدونها عناصر جماعة الإخوان والجماعات الموالية لها على جدران الحوائط سواء كانت هذه الجدران تابعة لمؤسسات الدولة أو ممتلكات خاصة. وقال صبرة القاسمي مؤسس الجبهة ‘نأمل أن تعود شوارع بلادنا لعهدها القديم حيث كانت تتمتع مصر صاحبة ال7 آلاف سنة حضارة بالمناظر الجميلة، بينما نحن الآن تظهر أمام عيوننا شعارات مدونة بمواد حديثة على جميع الحوائط تسيء للجيش المصري' . ودعا جميع المواطنين بالتعاون مع مؤسسات الدولة لإزالة هذه الشعارات التي تسيء لنا جميعا، مشيرا إلى أن شباب الجبهة سيبدأون الاسبوع القادم بإطلاق حملة ‘زيل شعار وجمل الجدران' . وقال أحمد منصور دكتور علم النفس الاجتماعي بجامعة الزقازيق إن الكتابة على الجدران ليست عادة جديدة فالمصريون القدماء بدأوا هذا الأمر بتسجيل تاريخهم على الجدران، وظلت هذه العادة متوارثة بين الأجيال فمثلا من كان يسافر إلى الحج أو يعود منه كان يرسم على الجدران وظل هذا التقليد لسنوات، ولكنه عادة بقوة مع ثورة الخامس والعشرين من يناير انتشر هذا الأمر بشكل مبالغ فيه فأصبحت وكأنها ظاهرة جديدة. فقد تحولت جدران شوارع وميادين القاهرة إلى ساحات لحرب الشعارات، التي تعكس خلفيات الصراع الخفي والمعلن بين الاتجاهات والتيارات السياسية المختلفة في مصر، فالشعارات المكتوبة والمعدلة والمشطوبة تحكي قصص هذا الصراع بكل تفاصيله.