قليلة هي الوجوه النسائية التي تتكلم في الشؤون السياسيّة في إعلامنا العربي، إذّ أن هذه المهنة باتت ذكورية بامتياز، ومن النادر أن نرصد “محللة سياسية” في “بلاتو” عربي، رغم كثرة القنوات، وتناسلها المزمن والمستمر .. أصبحنا انطلاقاً من هذه الموضوعة الإعلامية نأخذ – ولوكنّا غير راغبين طبعاً – بما كان يقوله العقاد ويستعجبه من التاريخ، حيث أعتقد ابن “أسوان المصرية” أنه يندر جداً أن تجد لقب “فيلسوفة أومفكرة” في الشرق والغرب .. ورغم أن العقاد كان رجعياً في هذا، وذكورياً للغاية لأسباب هزائميّة، فصّلها تلميذه “أنيس منصور ” لسنا بوارد ذكرها، ولكن ما كتبته ” حنا أرنت” و”روزا لوكسمبورغ” يبزّ ما كتبه ثلاثة أضعاف من الرجال، مسوّمين في المعاني، ومجندين لصالح اللغة .. ،، طرائف النساء في برنامج الاتجاه المعاكس : في كل أعداد برنامج “الاتجاه المعاكس ″ السابقة، لم تحظ المرأة بالاستضافة إلا خمس مرات فقط، وفي كل مرّة يحدث شيء طريف، يسلّي المشاهد قليلاً، ويخفّف عنه فجاجة السياسة، ومقاليد الخلاف .. في التسعينيّات استدعى د.فيصل القاسم ضيفتان، واحدة مصريّة والأخرى أردنيّة، وحين حثّت الأردنيّة زميلتها ” صافيناز كاظم” على الحفاظ على التهذيب، غضبت الناقدة المصريّة، وقامت أثناء الحلقة، وقالت فيما معناه : يا فيصل ” إن ضيفتك وصفتني بعدم التهذيب” . ردّ فيصل : سيدة صافيناز نحن على الهواء ؟ صافيناز : يارب نكون في القمر وانا مالي، ألغي رحلتي . وانسحبت . الحادثة الأخرى والأكثر طرافةً، بطلتها الروائية المغربية السيدة ” خناتة بنوتة”، في حلقة تتناول موضوع الإرهاب، ومن غرائب الصدف أن الكاتبة كانت تدافع عن “أسامة بن لادن”، وبلغت الطرافة حدّها الأقصى حين غضبت في وجه فيصل القاسم وضيفه المقابل، وقالت لهما : أنا لست رجلاً مثلكم للأسف، لوكنت كذلك لكنت على الجبهة، ولست في الأستوديومثلكم ” . الحادثة الثالثة، بطلتها الممثلة السورية ” لورا أبوأسعد” يقابلها الكاتب اللبنانية “رفيق نصر الله “، وكان الموضوع حول “الدراما التركية والسورية”، وحين بدا أن فيصل ورفيق نصر الله في صفّ واحدٍ ضد لورا، قال فيصل إنه سوف يتوازن حتى لا يعتقد الجمهور بأنهما ” تحاملا” سويّة ضد امرأة .. ليختمها رفيق نصر الله بغزلية رقيقة، مخاطباً لورا (صوت نور التركية في المسلسل) : ” بالمناسبة أنت أجمل من نور بكثير” .. في حلقة الثلاثاء الماضي، كانت السيدة التونسية حازمةً إلى حدّ ما، وغير واضحة التوجه السياسي، ولكن لا أحد فينا ينكر أنها خلطت أوراق الحلقة ولم يستطع المشاهد أن يدرجها ضمن خط سياسي واضح، هنالك من قال إنها من فلول بن علي، وربما يصبح الأمر ناجزاً لدى الفلول عامةً حين يغيرون المعاطف تبعاً لأحوال الطقس السياسي، ولدينا في برهان بسيس خير دليل عن الحال التونسي . ،، لا أحد من القنوات الجزائرية مهتمٌ ب” اللغة العربية” : يمرّ اليوم العالمي للغة العربية مرور الكرام في الإعلام الجزائري، فلا حديث عن أزمة اللغة في هذا البلد، ولا نقاش يستهدف الإحاطة بجذر المشكلة، كل ما هنالك حتى الساعة، مروراً هادئاً في عرض البرامج، كأن الجزائر لا تعاني حقيقة من مشكلة “التعريب” .. كل القنوات الجزائرية لا تهمها الثقافة، فقط هي منساقة طيلة الوقت في “النشريات الإخبارية” عمّن تظاهر أومات أوسقط سقف بيته أوانهارت سيارته في جسر شبه جويّ … وكل هذه أخبار مهمة جداً لأنها تُعنى بالمواطن، ولكن الأزمات الثقافية التي تأخذ صفة المشكلة/ الجذر، هوأمر غاية في الأهمية أيضاً، ذلك أن من يسير في أغلب مدن الجزائر يلحظُ الاستعمال الكثيف للغة الفرنسية، أما المدن الكبرى فغالباَ تفتش فيها عن العربية وليس العكس .. ولكن لا يفوتنا أن نذكر أنه منذ أمرية 16 أفريل 1976 التي تنصّ على التعريب، وكل الإدارات والمصالح الحكومية الجزائرية لا تتعامل إلا بالفرنسية، باستثناء القضاء والمؤسسة العسكرية للمفارقة الغريبة والعجيبة . بمعنى أنه بعد وفاة بومدين انتهى مفعول تلك الأمرية وحفظت للتاريخ فحسب . طبعًا القنوات الجزائرية لا يهمها الموضوع كثيراً، لأن “التابلود” أولى وأكرم . ،، الإمامة والمثلية الجنسية يلتقيان في قناة “ DW ” العربية : في برنامج ” شباب توك” على القناة الألمانية الناطقة بالعربية ” DW “، قصّ لنا “إمام المسجد” ( أحمد لودفيك زاهد ) عن مثليته الجنسية، وكيف أنه أخبر عائلته بذلك، وعن زواجه وقيامه بفريضة الحج وسنة العمرة خمس مرات كاملة، وربما قابلة للزيادة ما توفر المال والقصد .. لا شك في أن هذه الظواهر موجودة في الحياة، و”غمطها” بالتستّر عنها لا يعني على الإطلاق القضاء عليها أوالتنكر لها، ولكن هل فعلاً قام إعلامنا العربي بمعالجة الأمر أمّ أنه اعتبرها من “الطابوهات” حتى أصبحنا نراها في إعلام الغرب عنا، وبلغتنا وبمواردنا البشرية .؟؟ نحن مع فتح كل الملفات، وحقنا في المعرفة والإطلاع عن الظاهرة وليس عن الأشخاص ومهامهم، لأجل أن نحصل على “مانشيت” فضائحي ..ولنناقش بهدوء ورويّة دون تكفير أوتهديد أوغلبة وبالتأكيد دون إنكار الأمراض أوالاختلافات أوالعقد الاجتماعية، بإمكان أي شخص أن يطلق الكلمة التي يريد، الاختلاف يكمن في أن تطرح مشاكلك من هناك، خوفاً مما قد يصيبك هنا . * كاتب عربي من الجزائر Tweet