عدوان أمريكي بريطاني جديد على الحديدة    إعلان حوثي عن عملية عسكرية استهدفت مدمرة وسفينتين في البحرين الأحمر والعربي    الرواية الحوثية بشأن حادث انهيار مبنى في جامع قبة المهدي بصنعاء و(أسماء الضحايا)    تفاصيل جديدة بشأن انهيار مبنى تابعًا لمسجد ''قبة المهدي'' ومقتل مواطنين    "هوشليه" افتحوا الطرقات!!!    ''استوصوا بعترتي'' و استوصوا بالمعزى!!    يورو 2024.. هذه قيمة الأموال التي سيجنيها اللاعبون والمنتخبات المشاركة    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي يدعو برامج المنطقة لزيادة عدد الألعاب والمسابقات والاهتمام بصحة اللاعبين    تهيئة لمهمة قادمة.. سياسي بارز يكشف عن تحركات رئاسية وإقليمية جادة بشأن ''أحمد علي''    أول رد للحكومة الشرعية على حملة الاختطافات الحوثية المسعورة ضد موظفي المنظمات    فتح طريق جديد غربي اليمن    ارتفاع حصيلة ضحايا مجزرة النصيرات إلى 244 شهيدًا وأكثر من 400 جريح    حفل مهيب لاختتام الدورات الصيفية بالعاصمة صنعاء والمحافظة    Motorola تطلق منافسا جديدا لهواتف سامسونغ    كيف يستقبل المواطنين في الجنوب المحتل العيد    إخراج امرأة من بطن ثعبان ضخم ابتلعها في إندونيسيا    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    منتخب الدنمارك يقهر نظيره النرويجي بقيادة هالاند    منظمة الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    غضب قيادات مؤتمرية بصنعاء لرفض الحوثيين السماح لهم بمرافقه "الرزامي" لاداء فريضة الحج    في الذكرى الثالثة لوفاته.. عن العلامة القاضي العمراني وجهوده والوفاء لمنهجه    عشرات الاسر والجمعيات المنتجة في مهرجان عيدنا محلي بصنعاء    وزير النقل: هناك عراقيل مستمرة لتقليل عدد المسافرين عبر مطار صنعاء    فريق بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق السويد يزور موانئ الحديدة    السلطة المحلية بحضرموت تنعي وكيل أول المحافظة الشيخ عمر فرج المنصوري    القرصنة البرتغالية في جزيرة سقطرى .. بودكاست    اصدار النسخة الثانية (صرخة غريب ) للكاتبة مروى المقرمي    جامعة عمران تدشن امتحانات القبول والمفاضلة للطب البشري    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    أحب الأيام الى الله    الافراج الشرطي وبالضمانات ل89 سجينا بصنعاء    روسيا تعلن بدء مبيعات مضاد حيوي جديد يعالج العديد من الالتهابات    ما علاقة ارتفاع الحرارة ليلا بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    بعد قرارات البنك المركزي بعدن .. تعرف على بوادر ازمة وشيكة وغير مسبوقة في مصارف صنعاء !    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    قوى 7-7 لا تريد ل عدن أن تحصل على امتيازات العاصمة    نادي ظفار العماني يهبط رسميا للدرجة الأدنى    الرفيق "صالح حكومة و اللجان الشعبية".. مبادرات جماهيرية صباح كل جمعة    انضمام مشائخ من كبار قبائل شبوة وحضرموت للمجلس الانتقالي الجنوبي    الحوثيون يعترفون بنهب العملة الجديدة من التجار بعد ظهورها بكثرة في مناطقهم    من 30 الى 50 بالمية...قيادي بالانتقالي الجنوبي يتوقع تحسنًا في سعر الصرف خلال الفترة القادمة    لا حلول لأزمات اليمن والجنوب.. ولكن استثمار    سياسة حسن الجوار والأزمة اليمنية    وديا ... اسبانيا تتخطى ايرلندا الشمالية بخماسية    ما حد يبادل ابنه بجنّي    "لن نفتح الطريق"...المقاومة الجنوبية ترفض فتح طريق عقبة ثرة وتؤكد ان من يدعو لفتحها متواطئ مع الحوثي    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    «كاك بنك» يتولى النسخة الثانية من فعالية العروض (DEMODAY)    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    أطلق النار على نفسه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا في ظروف غامضة (الاسم)    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي : مصر من أوائل دول المنطقة التي أقامت ألعابا وطنية    البعداني: البرواني استعاد جاهزيته .. ولا يمكن تجاهل أي لاعب يبلي بلاءً حسنا    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    تعرف على شروط الأضحية ومشروعيتها في الشريعة الإسلامية    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    البنك المركزي يؤكد سريان قراراته ويحذر من تداول الشائعات    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص مؤلمة وراء لجوء اليمنيين إلى الدجّالين والمشعوذين للاستشفاء من عللهم!
«علاج مميت بالضرب»و«مس شيطاني»وسحر وشعوذه علل محتالي«العلاج البديل»

شُفيت آمنة من آثار ضرب مبرح تعرضت له قبل ثلاث سنوات عندما لجأت إلى ما يسمى «معالجاً بديلاً». لكنها اليوم طريحة الفراش، تزداد نحولاً، فيما تزداد والدتها يقيناً بأنها «مصابة بمسّ». فمنذ اعتلالها، وعائلتها مقتنعة بعدو مفترض ربما ينتقم منهم ومنها، من دون التفكير في مرض عضوي أو نفسي... «هو الشيخ الذي رفضنا تزويجها له، لا بدّ أنه سحرها»، تقول والدة آمنة بحسرة، فابنتها التي لم تتجاوز الثانية والعشرين تنقلت من «معالج» إلى آخر، ولم تشفَ بعد. ذاقت الأمرّين، ولا تزال.
«الشيخ» الذي تتحدث عنه الأم كان أول معالجي آمنة. أخبر والديها أن «شرّاً» تلبّسها، وأنه يجب أن يضربها بعصا في كل جلسة «علاج»، لطرد تلك «الأرواح»، فيما الشابة تتلوى ألماً وترتجف خوفاً، وحيدة في غرفة مغلق بابها عليها مع معالجها. لكن «الشرّ» المزعوم لم يغادرها، وراحت حالتها تسوء، وآثار الضرب تغزو كل شبر من جسدها. فرأى «الشيخ» أخيراً أن الحل يكمن في تزويجه إياها. عندئذ فقط تأكد والدا آمنة من النية السيئة لمُعالجها، فتوقفت العائلة عن زيارة «عيادته».
«علاج مميت»
كثيرون في اليمن يلجأون إلى هذا النوع من «المعالجين» الدجّالين، ومعهم المشعوذون، في الخفاء والعلن، لتصحيح ما آلت إليه حياتهم، وللاستشفاء من عللهم، خصوصاً تلك التي يطول أمدها في أجسادهم أو التي يبدو لهم الطب عاجزاً عن شفائها.
ويُعرف بعض هؤلاء «المعالجين» بأسمائهم وشهرتهم التاريخية، كالمدعو «العوبلي». غير أن بعضهم يستتر بالدِّين، ويدّعي «العلاج الطاهر» لنيل مكاسب معينة، بالكذب والدّجَل، حتى يُكتشف تدليسهم ويُقبض عليهم بتهمة النصب والاحتيال. وعلى رغم إدراك الناس أن هناك مخادعين، فإنهم يشعرون بأن لا خيارات أمامهم، فيطرقون كل الأبواب ليتم لهم الشفاء، كَبُرت علاّتهم أو صغرت. وقد ينتهي الأمر ببعض هؤلاء في المحاكم، واللافت أن المتخاصمين كثيراً ما تربطهم صلة قرابة! وقد يعجز القضاة عن التعامل مع هذه القضايا، بسبب القصور القانوني في التعامل مع «قضايا الشعوذة» إذ لا أسماء قانونية لها، ما يضطر القاضي لمصالحة الخصوم على الطريقة القبلية.
ويحدث أن يُقدّم «مشعوذون» إلى القضاء بعد أن يشتكي أهل قرية معينة من أضرار حلّت بهم وبأبنائهم وذويهم، غير أن هؤلاء يمثلون أمام القضاء بتهمة النصب والاحتيال، خصوصاً إن أخذوا من الناس أموالاً مقابل الزعم بإصلاح حالهم، الأمر الذي لا يتحقق طبعاً. وكثيراً ما تعتقل الشرطة أشخاصاً يدّعون القدرة على شفاء الناس، فيتسببون بزيادة حالاتهم سوءاً، لا سيما على المستوى النفسي، إذ يفقد البعض سويّته العقلية، أو يبلغ الأمر بمن لجأ إلى هذا النوع من «العلاج البديل» إلى الموت أثناء ضربه على يد «المعالِج» الذي يدّعي أن ذلك سيشفيه مما هو فيه.
وتنص المادة 310 من قانون العقوبات اليمني على أن «يعاقب بالحبس، مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، أو بالغرامة، من توصل بغير حق إلى الحصول على فائدة مادية لنفسه أو لغيره، بطرق احتيالية (نصب) أو إن اتخذ اسماً كاذباً أو صفه غير صحيحة».
لم تُقم أسرة آمنة دعوى على «الشيخ» بعدما تدهور الوضع الصحي والنفسي للشابة التي لم يستطع الأطباء في قريتها النائية تشخيص حالتها، بل وصفوا لها أدوية أثّرت في صحتها سلباً. وما زال الأهل مقتنعين بأن «المُعالِج» صاحب العصا نحسها، بعد رفضهم تزويجه منها. وكل ما فعلته العائلة هو انها انتقلت إلى العاصمة صنعاء، ولم تتوقف والدتها عن زيارد «معالجين بديلين»، بالأعشاب وغيرها، والذين تنتشر «عياداتهم» في العاصمة. لكن شيئاً لم ينفع آمنة، على رغم الكلفة التي يتكبّدها والداها المقتنعان بأن «دواء» ابنتهما ليس عند الأطباء لأنها «مسحورة». واستنزف «العلاج البديل» العائلة الفقيرة أصلاً، ما اضطرها لبيع قطعة أرض صغيرة في قريتها النائية.
«آمنة» ليست حالة نادرة في اليمن. فكل من يتعرض لخسارة مالية أو وظيفية، أو تطول آلام جسده، أو تتعرض سيارته لحوادث مستمرة، أو لا تخمد الخلافات بينه وبين زوجته أو في أسرته الممتدة، غالباً ما يلجأ إلى خدمات هؤلاء المحتالين الذين يعتبرهم كثيرون أصحاب قدرات خارقة. وغالباً ما تكون غالبية زوار تلك «العيادات البديلة» من المصابين بحالات نفسية، فيعتقدون أو يعتقد أهلهم أن بهم «مسّاً» أو أن «عيناً حاسدة» أصابتهم، في حين تكون أسباب الاكتئاب والتوتر واضحة في حياتهم المهنية او الأسرية، ليصبح الذهاب إلى من يتعارف على تسميتهم «الشيوخ» و «المعالجين بالأعشاب» ظاهرة عابرة للطبقات الاجتماعية والمستويات التعليمية. يذكر أن اليمنيين يتكتمون على أسماء أمهاتهم وأخواتهم خوفاً من «الشرّ» وأصحابه.
آمنة ما زالت تتعذب
غير أن النساء هن الأكثر لجوءاً إلى هؤلاء «الشيوخ». وتفيد دراسة أعدها «ملتقى المرأة للدراسات والتدريب» (نُشرت عام 2010)، بأن عدد النساء اليمنيات اللواتي يقصدن هؤلاء سنوياً بلغ نحو 56 ألف امرأة، ينفقن نحو 140 مليون ريال يمني (نحو 651 ألف دولار) على وصفات وعلاجات وتمائم من مشعوذين. في المقابل، فإن العاملين في «العلاجات البديلة» هم رجال، ويندر أن تعمل نساء ك «شيخات» أو طبيبات أعشاب. ويُرجع أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء عبده علي عثمان، استمرار لجوء الناس إلى هذه الطرق للشفاء أو الانتقام من عدو، إلى انتشار الأمية والفقر، «فالوعي الزائف والاعتقاد بالخزعبلات يدفعان كثيرين إلى هذه الوسائل لحلّ المشاكل الصحية أو النفسية أو حتى الاجتماعية».
نذكر أخيراً أن آمنة ما زالت في دوامتها، وكل من يعرف بحالتها لا يتوانى عن تقديم «النصيحة». وما زالت الجارات والقريبات يقترحن على والدتها زيارة هذا «المُعالج» أو ذاك، ممّن «ثبتت بالتجربة» قدرته على شفاء حالات مماثلة، فتقصده الأم التي تتعلّق ببارقة أمل جديدة في شفاء ابنتها الشابة التي تذوي أمام عينيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.