رغم الحراك الانتخابي الضعيف في الشارع الأردني قبل 25 يوما فقط من الموعد المقرر في ال23 من الشهر القادم، تبدو التحليلات للقوائم والمرشحين أكثر إثارة، عوضا عن ظهور المال السياسي بوضوح في الانتخابات التي يقاطعها الإسلاميون. أحدث قرارات الهيئة المستقلة للانتخابات تمثلت في إلغاء قائمة كانت قد حملت اسم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وبررت الهيئة موقفها -عبر تصريحات نسبت لمصادر فيها نقلها موقع عمون الإخباري- بعدم جواز حمل القائمة اسم شخص اعتباري، والشخص الاعتباري -وفقا للهيئة- ليس الرئيس العراقي الراحل وإنما اسم أحد المرشحين على القائمة الذي يحمل اسم 'صدام حسين'. لكن مصادر سياسية قالت للجزيرة نت إن رد الهيئة 'القانوني' لا يلغي أسبابا سياسية لتحسس الأردن الرسمي من ترشح قائمة باسم الرئيس العراقي الراحل، ولا سيما أن عمان استقبلت قبل أيام فقط رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، كما حصلت على دعم من الكويت لاقتصادها الذي يعاني من أزمة أدت لتوترات في الشارع ضد النظام الملكي الشهر الماضي. ورفضت الهيئة المستقلة أيضا اعتماد صورة رئيس الوزراء الأردني الراحل وصفي التل شعارا لقائمة انتخابية الذي قتل باغتيال من قبل مجموعة فلسطينية في القاهرة عام 1970. وكانت قائمة 'أبناء الحراثين' التي تشكلت من نشطاء يساريين أبرزهم الكاتب ناهض حتر قد طلبت اعتماد صورة وصفي التل شعارا لها، وأبدت القائمة 'تفهما' لمبررات الهيئة، وقالت في تصريح منسوب لها إن التل 'سيبقى رمزا للأردنيين'. وكشفت الأيام الأولى للحملات الانتخابية عن قائمة مدعومة من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) يترأسها وزير سابق بالحكومة الأردنية وعدد من السياسيين والنقابيين بعضهم أعضاء معروفون بحركة فتح. غير أن قياديا بارزا في حركة فتح بالأردن نفى للجزيرة نت وجود أي قائمة للحركة تتنافس في انتخابات البرلمان الأردني. لكن القيادي -الذي فضل عدم الإشارة له- أقر بوجود شخصيات محسوبة على الحركة مترشحة للانتخابات عبر القوائم أو المقاعد الفردية، وأن هناك توجها لدعمهم 'دون وجود قرار مركزي بذلك'. وكان البرلمان المنحل الذي انتخب عام 2010 قد شهد دخول ثلاثة من أعضاء حركة فتح له، وسط حديث سياسيين عن صمت رسمي على الحراك الفتحاوي في المناطق ذات الأغلبية للسكان من الأردنيين من أصول فلسطينية لحث جمهورها على التوجه للانتخابات في ظل مقاطعة جماعة الإخوان المسلمين التي تستحوذ عادة على النصيب الأكبر من أصوات هذه الشريحة. المال السياسي سياسيا أيضا ظل المال السياسي أكثر ما يثير الانتباه بعد أيام من بدء الحملات الانتخابية، وبعد أن تكشف قيام سياسيين ورجال أعمال بالدفع لمرشحين للترشح في قوائمهم أو بناء قوائم انتخابية لتكسير أصوات قوائم أخرى. وفي أول رد فعل له، أكد رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب عبد الإله الخطيب وجود 'معلومات وردت إلى الهيئة مفادها وجود مال سياسي'. وقال في محاضرة له بجامعة آل البيت الأربعاء الماضي إن هذه الحالة تتطلب متابعتها من الجهات الأمنية المختصة وحال توفر الدلائل سيصار إلى تحويل أصحابها إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة حيالهم. واعتبر الخطيب أن الدولة الأردنية لا تحتمل العبث في العملية الانتخابية، وأن الهيئة ستعمد إلى اتخاذ كل الإجراءات المتعلقة بنجاح العملية الديمقراطية وحال وجود أي اختلالات سيصار إلى إعلانها للرأي العام. من جهته، اعتبر المحلل السياسي رئيس مركز المشرق الجديد للدراسات جهاد المحيسن أن قرار الهيئة المستقلة بإلغاء قائمة باسم صدام حسين صائب، 'رغم الإقرار بالاحترام الكبير الذي يحظى به الرئيس الراحل في الشارع الأردني'. وقال للجزيرة نت 'حتى لو لم يكن هناك موانع قانونية فإن اعتماد قائمة باسم صدام حسين سيوتر العلاقات مع العراق الذي يتطلع الأردن لبناء علاقات اقتصادية إستراتيجية معه بعد زيارة نوري المالكي قبل أيام، وفي ظل قيام الكويت بتحويل وديعة للبنك المركزي الأردني لدعم استقرار الدينار في ظل وضع اقتصادي مأزوم'. وحلل المحيسن قرار الهيئة المستقلة برفض اعتماد صورة وصفي التل لقائمة انتخابية بالرغبة 'بعدم توتير أجواء الانتخابات، عوضا عن أن هناك من حملة فكر التل من هم مقاطعون للانتخابات البرلمانية ويرون أن الذهاب لها مناقض لمشروع وصفي التل السياسي'. واستغرب المحيسن وجود قائمة مدعومة من حركة فتح في الانتخابات، لكنه اعتبر أن ترشح القائمة مؤثر في العاصمة عمان والمدن الرئيسية التي تعد نسبة التصويت فيها 'الأقل في المملكة تاريخيا ولا تتجاوز ال30% في حال مشاركة الإخوان المسلمين'. واعتبر المحيسن أن الحساسية المفرطة من القائمة 'غير ضرورية'، وتابع 'حركة فتح لا تملك الحضور الجماهيري كما هو حال حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي يعد حضورها أوسع في صفوف الأردنيين من شتى الأصول'.