سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خلية التجسس الإيرانية تطيح بالعلاقات اليمنية الايرانية وتوقعات بانضمام اليمن إلى التحالف الدولي الإقليمي ضد ظهران..تحليل العلاقات الإيرانية- اليمنية.. مهددة بالانهيار
طالب الرئيس عبد ربه منصور هادي الأسبوع الماضي إيران الكف عن التدخل في شئون اليمن، بعد ساعات على إعلان وزارة الدفاع القبض على شبكة تجسس إيرانية تعمل على الأراضي اليمنية منذ سبع سنوات , وقالت الوزارة على موقعها الإلكتروني (سبتمبر نت) بأن شبكة التجسس الإيرانية التي تم ضبطها ويديرها قيادي سابق في الحرس الثوري الإيراني تقوم بعمليات تجسس في اليمن ومنطقة القرن الإفريقي وتضم عناصر إيرانية ويمنية، مؤكدة بأن التحقيقات استكملت مع أعضاء شبكة التجسس الإيرانية وسيتم إحالتهم لمحاكمة علنية بعد شهر رمضان مباشرة. وقال الرئيس هادي في محاضرة ألقاها الثلاثاء الماضي أمام طلبة الكلية الحربية في صنعاء بأنه " كان هناك وما يزال من يرغب بحدوث الحرب الأهلية في اليمن، ولكن الدول الشقيقة والصديقة وقفوا جميعا مع اليمن بعد أن أقروا أن اليمن إذا ذهب إلى حرب أهلية سيتأثر ويؤثر على المنطقة والعالم اجمع كون موقعه الجغرافي في هذه المنطقة من العالم يقع في نقطة وصل حساسة بين الشرق والغرب وستتأثر المصالح العالمية جراء اي مخاطر تتهدد اليمن".. وأضاف الرئيس اليمني في اتهام مباشر لإيران بالتدخل في الشأن اليمني الداخلي " نأمل من أشقائنا في إيران عدم أي تدخل في شؤون اليمن ومراعاة الظروف الدقيقة التي يمر بها اليمن في هذا الظرف الدقيق والحساس " مؤكداً أن اليمن " لم يتدخل يوما في شؤون أي دوله قريبه أو بعيدة، ونقول للجميع من هنا من الكلية الحربية, اتركوا اليمن وشأنه والى هنا وكفى ". اتهامات الرئيس هادي لإيران بالتدخل في الشأن اليمني، والذي تزامن مع إعلان وزارة الدفاع القبض على خلية تجسس إيرانية في اليمن يتزعمها أحد عناصر الحرس الثوري الإيراني، أخرجت الأزمة في العلاقات اليمنيةالإيرانية إلى العلن في الأيام القليلة الماضية، بعد سنوات من الأزمة الصامتة على خلفية الحروب الست التي خاضها الجيش اليمني بين عامي 2004، 2010 مع حركة "الحوثيين" المسلحة في محافظة صعده (شمال غرب اليمن) والتي ينتمي زعيمها عبد الملك الحوثي، ومن قبله من قيادات الحركة للمذهب الزيدي "الشيعي" أقرب مذاهب وطوائف الشيعة إلى السنة، وكان أن فشل الجيش اليمني في حسم تلك الحروب لجهة القضاء على التمرد "الحوثي" واستعادة السيطرة على محافظة صعده التي باتت اليوم ومنذ نهاية الحرب السادسة خاضعة لسيطرة ونفوذ "الحوثيين" بالإضافة إلى مناطق واسعة في المحافظات المجاورة لمحافظة صعده، وخلال سنوات الحرب الدموية الطاحنة بين القوات الحكومية، و"الحوثيين" في محافظة صعده والتي امتدت في الحرب الخامسة إلى مناطق خارج صعده في محافظاتعمران، والجوف، وحجة، وصنعاء، لم تخف صنعاء في عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح شكوكها لجهة دعم إيراني لجماعة "الحوثيين"، غير أنها اقتصرت على اتهام مرجعيات "دينية" في طهران في دعم "الحوثيين" بالمال والسلاح، واتسعت دائرة الاتهامات من قبل صنعاء لتشمل طوائف "شيعية" في دول خليجية ومنها البحرين، وحزب الله في لبنان رغم أن اتهام الأخير كان على استحياء، وسارع كما فعلت الحكومة الإيرانية إلى نفي تلك الاتهامات جملة وتفصيلاً، وفي أكثر من مناسبة زعمت طهران أن اتهامات الحكومة اليمنية عارية عن الصحة، وأكدت بأنها لا تتدخل في الشئون الداخلية للدول، وتحترم خيارات الشعب اليمني، ودعت الحكومة اليمنية إلى التحاور مع "الحوثيين" بدلا عن الخيار العسكري وسفك دماء اليمنيين، وكثيراً ما اتهمت طهران دولاً مجاورة لليمن (المملكة العربية السعودية) بالتدخل في اليمن ودعم الحكومة اليمنية في ضرب "الحوثيين" في محافظة صعده. والحاصل أن الرئيس هادي، وحكومة الوفاق الوطني يشعران بقلق غير مسبوق لجهة تدخل إيران في اليمن، بعد أن تجاوز دعم "الحوثيين" ليمتد تأثيره إلى المحافظاتالجنوبية عبر جماعات "الحراك الجنوبي" الانفصالية التي يديرها ويحركها من بيروت نائب الرئيس السابق علي سالم البيض وعدد من القيادات الجنوبية الموجودة خارج اليمن منذ حرب صيف 1994، حيث يتبنى البيض -الذي اختفى عن المشهد السياسي في اليمن لأكثر من 16 عاماً- مشروع انفصال الجنوب عن دولة الوحدة، وتتهمه الحكومة اليمنية وأحزاب "اللقاء المشترك" بتمويل حركة الاحتجاجات الانفصالية في الجنوب، وما يرافقها من أعمال مسلحة، وحملة تحريض بين أبناء الجنوب على الانفصال، وإقامة دولة الجنوب العربي، والتنكر لهويتهم اليمنية، وهذا النشاط المعادي للدولة اليمنية الذي يقوم به البيض يتم من بيروت حيث يتمتع بحماية "حزب الله" اللبناني، ويتلقى - بحسب المصادر الحكومية- أموالاً من طهران لتمويل المشروع الانفصالي في جنوباليمن، بالإضافة إلى شعور الحكومة اليمنية بأن النفوذ الإيراني في اليمن لم يعد محصوراً في الجماعات والمناطق الشيعية في شمال الشمال، وإنما بدا تأثيره واضحاً في محافظات سنية مثل تعز، وإب، والمحافظاتالجنوبية، وهو ما يعني أن إيران تتمدد في اليمن بشكل لافت، ومقلق، خصوصاً وأن جماعة "الحوثيين" في محافظة صعده لم يترددوا في الآونة الأخيرة في تأييد المطالب "الانفصالية" لجماعات "الحراك الجنوبي" المدعومة من البيض، بالإضافة إلى تبني دوائر إيرانية رسمية عقد مؤتمرات، وندوات في بيروت استضافت فيها المئات من الشخصيات السياسية والبرلمانية والإعلامية اليمنية لبحث مستقبل الدولة اليمنية، وكلها بتمويل إيراني مباشر وغير مباشر، وفقاً لادعاءات مصادر حكومية وحزبية يمنية. وخلال سنوات الحرب في محافظة صعده التي سقط فيها عشرات الآلاف من اليمنيين بين قتيل وجريح معظمهم من القوات الحكومية، وبينهم مدنيون، وألحقت دماراً كبيراً في تلك المحافظة النائية، وتسببت في نزوح معظم سكانها إلى مناطق، ومخيمات آمنة، رفضت الولاياتالمتحدة الأميركية، وشركاؤها الأوروبيون طلبات - ألحت فيها صنعاء - على إدراج جماعة "الحوثيين" في قوائم "الإرهاب" على غرار حزب الله في لبنان، خصوصاً وأن "الحوثيين" يرفعون شعار (الموت لأميركا، الموت لإسرائيل)، ويتلقون الدعم المالي، والعسكري من طهران لبسط النفوذ الشيعي الإيراني في شمال اليمن المتاخم للحدود الجنوبية السعودية مع اليمن.. كانت واشنطن ترد على طلبات الحكومة اليمنية بأنها لا تمتلك أدلة، ولم تقدم الحكومة اليمنية ما يثبت اتهاماتها لإيران، وفي الأثناء كان صوت أحزاب المعارضة المنضوية في تحالف "اللقاء المشترك" مسموعاً في الدوائر الدبلوماسية الأميركية والغربية في اليمن، وفي حين كانت أحزاب "اللقاء المشترك" تتجنب اتهام "الحوثيين" بالتمرد المسلح على النظام، والخروج على القانون والدستور حتى لا تخدم نظام الرئيس السابق علي صالح، كانت في ذات الوقت تصف حرب صعده بأنها من صنع النظام، وتصفها بالعدوانية ضد أبناء صعده، وذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك حين اتهمت الرئيس السابق بإثارة الحرب مع "الحوثيين" في صعده، وأن اتهام إيران بالتورط في دعم "الحوثيين" يهدف إلى إثارة مخاوف دول الجوار الخليجي وواشنطن من وجود مخطط إيراني لتوسيع نفوذ طهران في شمال اليمن، وبالتالي ابتزاز السعودية ودول الجوار الخليجية، والحصول على مزيد من الدعم السياسي الأميركي لصالح الذي يمكنه من الاستقواء بالسلطة وإقصاء المعارضة، والتملص من مطالبها المشروعة لجهة إجراء إصلاحات سياسية، ودستورية، تحد من تفرد الحزب الحاكم بالسلطة، وتضمن لها الشراكة الحقيقية في الحكم والثروة، وتمنع صالح من تمرير مشروع توريث الحكم لنجله، وتؤدي إلى التداول السلمي للسلطة وتكافؤ الفرص في الانتخابات العامة في اليمن. كانت القوى المعارضة لنظام الرئيس صالح تأمل في خروجه من حرب صعده مهزوماً، وجيشه منهكاً، في حين تحيط بحكمه أزمات داخلية تراكمت، وضغوط خارجية تزايدت لجهة تنفيذ إصلاحات شاملة تستوعب مطالب المعارضة، وتحد من الفساد المالي والإداري في مفاصل الدولة، وتمكن الدولة اليمنية من فرض سيطرتها على مناطق النفوذ القبلي التي يستفيد منها تنظيم "القاعدة" في توسيع نشاطه "الإرهابي" انطلاقاً من اليمن، ومعالجة أسباب الاضطرابات التي تشهدها المحافظاتالجنوبية منذ منتصف عام 2007.. كانت أحزاب المعارضة تعتقد بأن خطر "الحوثيين" ينحصر على تقويض حكم صالح، وأن تطلعاتهم في توسيع نفوذهم لن يتجاوز محافظة صعده، وكانت ترى أن "الحوثيين" صنيعة صالح ثم انقلبوا عليه، وأنه من السهل احتواؤهم في إطار جبهة معارضة واسعة لنظام صالح.. ومع اندلاع الاحتجاجات الشبابية، والاعتصامات الشعبية المناهضة لصالح والمطالبة برحيله، وإسقاط النظام في منتصف فبراير من العام الماضي والتي أصبحت تعرف ب"ثورة الشباب السلمية" سارعت أحزاب "اللقاء المشترك" إلى السيطرة على تلك الاحتجاجات، وسمحت لآلاف الشباب من أتباع وأنصار "الحوثيين" المشاركة في ساحة الاعتصام، وفي التظاهرات المناوئة لصالح، وبعد تنحي صالح عن الحكم وفقاً للمبادرة الخليجية التي أسفرت عن تسوية سياسية للأزمة اليمنية، والتي وقعت عليها أحزاب "المشترك"، أعلن "الحوثيون" رفضهم لتلك المبادرة، وطالبوا بتحقيق أهداف "الثورة" الشبابية المتمثلة في إسقاط النظام، واتهموا أحزاب "المشترك" بسرقة الثورة الشبابية، ورفض "الحوثيون" مغادرة ساحة التغيير في صنعاء التي تحولت في عديد مرات إلى ساحة مواجهة بين "الحوثيين"، وشباب حزب التجمع اليمني للإصلاح، واشتباكات بالعصي والسلاح سقط فيها عشرات الجرحى من الطرفين. ورغم أن اتهامات الرئيس هادي لإيران، وإعلان السلطات اليمنية القبض على شبكة تجسس إيرانية تابعة للحرس الثوري جاءت تأكيداً لما كان ذهب إليه الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحكومته السابقة في اتهام إيران، وتحديداً مرجعيات دينية، وعسكرية في طهران في السنوات الماضية بدعم حركة التمرد "الحوثية" في محافظة صعده بالمال والسلاح، والخبراء العسكريين خلال حروب صعده بين القوات الحكومية وجماعة "الحوثيين" بزعامة عبد الملك بدر الدين الحوثي بين عامي 2004،2010، والتي شهدت محاكمات لعدد من العناصر الموالية للحوثي بتهمة التخابر مع إيران، ورغم أن اتهامات الرئيس هادي لطهران، تأتي متزامنة مع اتهامات أطلقتها أحزاب "اللقاء المشترك" في وقت سابق ضد الرئيس السابق، وحزبه "المؤتمر الشعبي العام" بالتحالف مع جماعة "الحوثيين" وتمكينها من الانخراط في وحدات الجيش الموالية لصالح وأقاربه في إشارة إلى قوات الحرس الجمهوري التي يرأسها نجله العميد أحمد علي صالح، بهدف إربك عملية التسوية السياسية للأزمة الراهنة، وخلط الأوراق على الرئيس هادي في ظل حالة الانقسام القائمة في الجيش منذ منتصف العام الماضي.. إلا أن هذا التطور اللافت في العلاقات اليمنيةالإيرانية من شأنه حدوث تداعيات على الصعيد الإقليمي، والدولي في المنطقة تفتح الباب أمام كل الخيارات بما فيها انضمام اليمن إلى منظومة التحالف الدولي/ الإقليمي ضد إيران.