بقلم / سالم علي بامثقال العصرية نت حينما يُؤذن للقلم بإن ينطق ، ويسير الحبر ليترجم لما تحوكه النفس مما في جوانحها الخفاقة وتتأمل في من حولها ، فتنسج بها ومن خيوطها الملوّنة أجمل الكلمات والتعابير ، لتصور مناظرها الخلابة ، فقد لا يلمسها الكثيرون ، وتقرب بعدساتها مما لاتراه العيون ، وتنحت على جوانبها جدولاً ليجد الماء طريقاً ليصل إلى الغدير ، والعصافير تغرد نحوها بأعذب التغاريد وهي تتنقل بين أغصان الأشجار . فعندما ينطق القلم ، ترى عيوناً ذات رموش وهي تطبق الأولى على أختها بكل بطئ لتعبر عن إعجابها ، أو عندما ينطق القلم فترى شفاة قد ضُمّت من أوساطها وتنفرج من أطرافها لتعبر عن بسمة ملأت دهشة وكأنها كانت في صيف حارقة وتهديها السماء بقطرات المطر ، ليتحول الكون إلى ربيع بها نسمات باردة ، أو حينما ينطق القلم وفي أول حروفه تجد أن للحروف سطور على جدار القلوب تنتظر لتظفر بأن تكون عليها . ولكن كيف بأقلام قد جف حبرها ، وصارت جامدة ، وإن وجدت ثمة قطرات من الحبر الأسود ، وذابت بعض بقاياها ، فتجدها تبعثر ببياض الأوراق الناصعة . فتراها قد شُلت أعضائها فلا يوجد أعضاء سليمة منها إلا العينان التي كالمجهر فهي لا تنظر إلا للعثرات من الأقلام ، وما من قلم تخلوه العثرات . أو قلب فيه سويداء الضغينة التي تخالطه صديد الحسد على من شق طريقه للنجاح وعضو ثالث ذو العشرة اصابع فلا يحسن سوى كسر الأشواكي من بين الورد ليضعها تحت أعتاب دروب الناجحين . فلقد سطر المنتنبي في أروع ما سطره قلمه الناجح حين قال : لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى * * * حتى يراق على جوانبه الدم وإن مما يرسمة القلم الجامد طريقاً معاكساً ليصل بمن ينال منه إلى غابات الفشل ليكون بجواره ويرافقه دروب الفشل ، أو يتسلق على أكتافه لعله يسقط أويتقهقر إلى الوراء ليصل إلى ما وصل إليه الفاشل ، وقد يفرض على الاخرين بأنك صفراً ويوهم نفسه بذلك ، لتكون صفراً في ناظريه . ويعجبني قول المنتبي حينما قال : وإذا أتتك مذمتي من ناقص * * * فهي الشهادة بأني كامل فها أنا أشير إليك بأصبع التحذير فتحذر أيها القلم الجامد ، وأعلم إنه قد علمتني الأيام ، بأن أمضي ولا ألتفت لمن خلفي كي لا تتناقص الهمم ، وعلمتني الأيام إنها لا تُرمى بالحجارة إلى الأشجار المثمرة ، وعلمتني الأيام بأن أزرع الإبتسامة وأرسلها إلى كل من ملأت قلوبهم الحسد والكراهية ، وأجمل ما سطره قلم الإمام الشافعي رحمة الله حينما قال : وعاشر بمعروف وسامح من أعتدى * * * وإدفع ولكن بالتي هي أحسن فهذا كان ذئبُ أقلام أدبائنا في من سلف ويا ليتهُ يتحلى به فيمن خلف