تبادل سكان العاصمة اليمنية صنعاء ومدن أخرى التهاني مع أفراد الجيش والأمن المرابطين في نقاط تفتيش كثيفة أكثر من تبادلهم التهاني مع أقاربهم وأصدقائهم, في مشهد وزع فيه الجميع الابتسامات التي لم ترتسم حقيقة على الناس ابتهاجاً بالعيد؛ كونهم يعتقدون حتمية اندلاع المواجهات في أي لحظة, وذات المخاوف بالنسبة لأفراد الجيش الذين يتخوفون من أن يكونوا وقود صراع الجنرالات. نقاط التفتيش في العاصمة اليمنية صنعاء باتت تفوق في كثافتها مراكز الاتصالات ومقاهي الإنترنت وأسواق القات مجتمعة, وهي تتوزع بين نقاط تابعة للقوات المنشقة عن النظام والتي أعلنت تأييدها للثورة الشبابية وينتمي أغلب أفرادها الى الفرقة الأولى مدرع التي يقودها اللواء علي محسن صالح الأحمر, وبين القوات النظامية التي تتنوع بين أمن مركزي وشرطة عسكرية وقوات نجدة وعدد محدود جداً من أفراد الأمن العام. وبرغم أن أغلبية الناس يتفقون في تذمرهم من كثرة نقاط التفتيش التي تعيق حركتهم وتوقفهم لساعات مولدة ازدحاماً غير مبرر، فضلاً عن تكرار طلب فتح شنطة السيارة في كل نقطة ما يرهق السائقين ويعطل الكثير من الأبواب الخلفية نتيجة الفتح المتكرر, الا أن الكثيرين من المواطنين يضبطون أعصابهم ويحرصون على خلق علاقات ودية مع أفراد الجيش والأمن خشية أن يتحولوا من أناس متذمرين إلى أناس متهمين. واللافت أن كثيراً من سائقي السيارات والمركبات ابتكروا أساليب كفيلة بخلق أجواء نفسية طيبة مع أفراد الجيش والأمن المرابطين في نقاط التفتيش جعلتهم يتفادون التوقف الطويل والتفتيش الممل ويحصلون على ضوء أخضر بمرور سريع ودون عناء. الأغاني الوطنية للحكومة والقرآن للمعارضة سامي عبدالحق موظف حكومي يقود سيارته الخاصة التي تجعله يمر من عشرات النقاط المنتشرة بين مكان إقامته جنوب العاصمة ومقر عمله في الجهة الشمالية من صنعاء. قال سامي ل"العربية.نت" إن الكاسيتات هي وسيلته لخلق أجواء حميمية مع العسكر، مضيفاً: "عندما أمرّ بنقاط تابعة للحرس الجمهوري والقوات النظامية الأخرى أضع كاسيتات تمجّد الرئيس علي عبدالله صالح وترصد إنجازاته العظيمة - كما يراها مناصروه - ومن ذلك "عاهدنا الله, وكتاب الله, والثورة وعلي عبدالله.. سر بالأمة يا أبوأحمد.. والثورة وعلي عبدالله"، وأيضاً أوبريت "خيلت براقاً لمع" الذي يعد ملحمة غنائية وطنية أشرف الرئيس صالح بنفسه على إنتاجها لمناسبة العيد الوطني العاشر للوحدة اليمنية في مايو/أيار 2000. ويتابع سامي عبدالحق قائلاً: "أما عندما أمرّ بقوات الفرقة الأولى مدرع التي تتبع اللواء علي محسن الذي يتهمه النظام بدعم الإرهابيين والأصوليين، فأعمد الى سماع أناشيد دينية أو قرآن كريم". أما محمد ناجي، وهو مالك متجر أقمشة، فيرى أنه لا يحتاج لكل هذا التبديل والمغالطة في الكاسيتات ويرى أن "الأغاني الوطنية الرائعة للفنان اليمني الكبير أيوب طارش كفيلة بتحقيق الهدف، حيث إنها محل إجماع واتفاق المؤيدين للرئيس صالح ومناهضيه, وبالتالي فإن المرور بالسيارة مصحوب بصوت طارش يجعل الجميع يحس بالقرب منه"، فالمناهضون يعتقدون أن محمد شخص ثوري مؤيد للشباب فيما يرى فيه المؤيدون رجلاً وطنياً مخلصاً للمبادئ الشرعية الدستورية وضد المخربين ودعاة الفتنة والانقلابات. "اللوك الكاجوال" يعفي من التفتيش ويرى الشاب نبيه حاتم (20 عاماً) أن المسألة لا تحتاج إلى مثل هذا التعقيد. ويضيف "نقاط التفتيش الأمنية والعسكرية تبحث عن الأسلحة والرجال المسلحين. يكفي أن أتعمد الظهور بملابس شبابية ونظارات سوداء آخر صرعة وموسيقى غربية صاخبة توحي بأني شاب (صايع) ومتسكع, كل أفراد نقاط التفتيش الموالية والمنشقة لا تتركني أتوقف للحظة ولا تفتش شنطة سيارتي، بل إنها تطلب مني التسريع بالمرور ولسان حال أي من رجال الجيش والأمن، يقول: هذه سيارة مليئة بالمشط وأنواع العطور ومواد التجميل ولا مكان فيها للسلاح" .