هناك قيادات في أحزاب اللقاء المشترك وعلى وجه التقريب في قيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح تدفع بالأزمة في بلادنا صوب المواجهات والصدامات العسكرية كخيار لا ثاني ولا آخر له لتحقيق الحسم «الثوري»..ونراها اليوم تحرك عناصرها وأعضاءها وبقايا الشباب المستقلين المتواجدين في ساحات الاعتصامات عبر المسيرات والمظاهرات التي تسيّرها وعبر الشعارات التي ترددها نحو المطالبة بالحسم الثوري والتلويح باستخدام السلاح وإشعال الحرب الأهلية بين أبناء الشعب كمطلب أساسي لتحقيق الحسم!.. ولكن هل تدرك هذه القيادات مخاطر التوجه نحو هذا الخيار في ظل الانقسام الشعبي الواضح الحاصل في اليمن؟.. هل تدرك مخاطر هذه الخطوة على مستقبل التغيير المطالب به والمتفق على تحقيقه من كافة أبناء الشعب؟!.. هل تدرك هذه القيادات المتعطشة للدم والساعية صوب إشعال الحرائق في البلاد مخاطر الحسم العسكري على الحرية والديمقراطية، وتأثيراته على الأمن المحلي والإقليمي والعالمي؟!.. هذا الخيار الذي تراهن عليه قيادات الإخوان والمتحالفون معهم من قوى الإرهاب والخارجين عن النظام والقانون لن يؤدي إلى تحقيق الحسم والنصر «الثوري» كما يزعم ويتوقع هؤلاء، بل على العكس من ذلك سيؤدي إلى انهيار الوطن كلياً اقتصادياً وأمنياً وسياسياً واجتماعياً، وستبرز ظاهرة العنف بشكل جلي، ومن الصعب بعد ذلك الحديث عن يمن واحد وكبير..، يمن مستقر وآمن، يمن تسود في ربوعه وأرجائه معاني الإخاء والمودة والتسامح والحوار والوسطية والاعتدال!.. تخيلوا كيف سيكون حال اليمن في ظل سيطرة العنف، واشتعال الحرائق وتسيّد لغة السلاح والقتل والدم؟!.. لا أعتقد أن هناك من يرغب في اجترار تلك اللحظات إلى عقله اليوم وهو يعيش أجواء القلق والخوف من القادم المجهول الذي يقودنا إليه نفر من أبناء هذا البلد بسبب سيطرة العناد والمكابرة على عقولهم وقلوبهم ورفضهم الجنوح للسلم وحل الأزمة القائمة عبر الحوار بما يؤدي الوصول إلى التغيير المنشود..، والحفاظ على أمن واستقرار اليمن وتلافي الوقوع في مستنقع الفوضى العارمة والدخول في النفق المظلم.. من يتوقع أن الثمن لن يكون باهضاً فهو مخطئ..، ومن يتوقع أيضاً أن هناك «مدداً» سيصله من الخارج وسيحسم الأمر لصالحه فهو أيضاً مخطئ..، وبالنتيجة فإن «الصوملة» هي أقرب الطرق إن أصر حزب الإصلاح وبقية أحزاب المشترك على المضي في طريق اللاعقل الذي تسير عليه اليوم!.. ارحموا هذا الشعب يادعاة الدين وحماته من الانهيار الذي تقودونه إليه بدم بارد.. ارحموا هذا الشعب من العنف الذي تمارسونه بحقه بغية الوصول إلى السلطة بعيداً عن رغبته وإرادته وعلى حساب أمنه واستقراره وسلمه الاجتماعي.. إن رهان الإخوان وحلفائهم على تحقيق الحسم عسكرياً لن يقود إلى شيء بقدر ما سيؤدي إلى جر الشعب بأكمله إلى العنف وبالتالي إحراق كل شيء في هذا الوطن.. ومع ذلك نقول ورغم كل المخاطر المتوقعة فلن ينال الإخوان المسلمين وحلفاءهم غير الخزي، ولا يعتقد هؤلاء أن خيارهم العسكري الذي نراهم اليوم وهم يحاولون جر القوات المسلحة والأمن وأبناء الشعب إليه سيصادر حق الشعب في أن يعيش بأمن وحرية وكرامة، كما لا يعتقدون أن الشعب سيسمح لهم بمصادرة إرادته الحرة أو تجاوز آماله وأحلامه كونه هو من يقرر من يحكمه والطريقة في ذلك معروفة ولا تحتاج إلى تعريف!.. الشعب أكبر من هذه الأحزاب، وأكثر قوة وقدرة على مواجهة كل من يسعى إلى الإضرار بحياته ومصالحه، وقبل ذلك الإضرار بوطنه!.. ولن يسمح أن تكون اليمن صومالاً أخرى.. كما لن تجد قيادات الإخوان المسلمين وبقايا المشترك المتحالفون معهم غير هذا الشعب من سيقف لها بالمرصاد وسيحبط كل أهدافها ومراميها الانقلابية حتى وإن استعانت بجحافل الروم والفرس، أو استدعت هولاكو وريتشارد قلب الأسد ونابليون بونابرت من قبورهم!.. ليس أمام هذه الأحزاب مجتمعة سوى أن تعي أن الحسم العسكري لن يقودها إلى شيء يذكر، ووفقاً لذلك يجب عليها أن تكف عن اللعب بالنار، وتدرك مخاطر ما تقوم به من أفعال وأعمال مضرة على الوطن وأبناء الشعب.