كنا قبل أسابيع قليلة قد سمعنا وقرأنا عبر وسائل الإعلام أن هناك احتجاجات وإضرابات لموظفي الكهرباء بالبيضاء ، وذلك على خلفية قضايا حقوقية ومطلبية تخصهم ، فعلمنا بعدها بأنه تم تعيين مديراً جديداً للمؤسسة هناك ، فإذا بنا نفاجأ بأنه تم الاعتداء على المدير العام الجديد إلى مكتبه بحجة أنه قد ارتكب جرائم فساد كثيرة وكبيرة وخطيرة وهو لم يكد يتسلم مهام منصبه بعد! ، فحبسنا أنفاسنا في ذهول من هول ما سمعنا ، كوننا نعرف الرجل حق المعرفة ، فلو أنه من الفاسدين في الدولة لرأينا لديه ما نراه لدى بعض زملاءه الذين أوكلت إليهم مثل هذه الأعمال ، ولرأينا بدلاً عن الشقة السكنية التي يعش فيها هو وأبناءه في أحد أحياء صنعاء عمارة أو اثنتين ، وبدلاً عن السيارة الهيلوكس المملوكة للمؤسسة سيارة أو اثنتين من التي نراها اليوم مع كثير من الفاسدين صغارهم وكبارهم . مع ذلك فقد انتظرنا حتى نتبين من حقيقة الأمر وقلنا ربما يأتي من يطالعنا بوثائق تؤكد أن الصورة التي في أذهاننا عن هذا الرجل خاطئة ، وأن أفعاله الحقيقية التي نراها جيدة ربما بحسن نية من قبلنا تجاهه قد لا تعبر بالضرورة عن حقيقة سلوكه ، وبينما نحن منتظرون تلك الوثائق فإذا بالمعتدين على مكتب الكهرباء ومديره العام الجديد قد أقبلوا علينا بوثائق هي أقرب إلى إدانتهم وتجريم أفعالهم منها إلى إثبات فساده ، فقد أتوا بشيكات تم السطو عليها من مكتبه ، ومنها حسب زعمهم شيك بستة مليون ريال ، وعند الحديث مع المدير المهندس صالح حول هذا الشيك ذكر بأن لجنة مختصة تم تشكيلها لفحص أعمال زميله السابق ، كانت قد أقرت صرف ذلك المبلغ كونه يمثل التزامات متأخرة على المكتب ، وأن ذلك الشيك لم يكن قد تم التوقيع عليه أصلاً من قبله قبل أن تتخطفه أيادي حمران العيون ، فمن أعطاهم الحق بالسطو على تلك الشيكات؟ ، ولماذا لم ينتظر هؤلاء حتى يتم التوقيع على تلك الشيكات ومن ثم بعد ذلك يتم الطعن في مشروعيتها من عدمه ؟ إن هذا التصرف المتهور والمتسرع من قبل بعض موظفي المكتب ضد مديرهم الذي لم يكد يتسلم مهام عمله ، إنما يؤكد بأن هناك رغبات أخرى لا علاقة لها بالفساد ، خصوصاً أن هناك إصرار من قبل بعض هؤلاء الموظفين على تعيين شخصاً بعينه ينتمي إلى المنطقة في مكان المدير ، وذلك على مذهب الصاحب من صاحبه ، وليس على أساس المسائلة والمحاسبة القانونية السليمة . وعليه نقول ما هكذا تورد الإبل يا جماعة الخير ، اليمن يتسع الجميع ومثل هكذا أفعال لا تخدم الوطن ولا تشرف أبناء البيضاء الذين عرفناهم أبعد ما يكونوا عن العنصرية البغيضة ، فلنطالب جميعاً تشكيل لجنة من قبل وزير الكهرباء الدكتور صالح سميع ، وهو رجل لا يشك أحد في نزاهته ، فإن أدانت اللجنة المدير الجديد سيتخذ الوزير ما ينبغي فعله ضده ونحن مع أي إجراء يحارب الفساد أينما وجد ، ولا نريد غير العدل وتطهير مؤسسات الدولة من كل فاسد يثبت فساده ، وإن أثبتت اللجنة نزاهة المدير الجديد أخذ المعتدون جزاءهم العادل ، وذلك لكي لا تكون هناك فتنة ويصبح كل أبناء منطقة معينة يفرضون من يريدون بعصبية مناطقية لا تخدم المصالح العليا في البلاد ، وحتى لا يتم استغلال هذه الثورة المباركة مطية لتحقيق مصالح شخصية معينة ، فالثورة أتت لإحقاق الحقوق وصيانتها والحفاظ عليها ، وليس إهدار هذه الحقوق ، والثورة أتت لتصفية الفساد ورموزه بالمحاسبة القانونية والقضائية العادلة وليس بالأهواء الشخصية . لقد كان هذا المدير قبل وصوله إلى البيضاء في عمران ، وخلال فترة تواجده هناك تمكن من تحقيق إيرادات لم تكن تستطع المؤسسة تحصيلها من قبل في هذه المحافظة ، وليشهد له بذلك حسابات المؤسسة عن الفترة التي كانت قبل تسلمه لعمله هناك وبعدها ، وعندها تداعى عليه مجموعة من عتاولة الفساد هناك ممن لم يروق لهم تحصيل تلك المستحقات فأزاحوه من مكانه ، واليوم وقبل أن يقف على قدمه في منصبه الجديد يتم استخدام نفس السلاح في وجهه! ، فبأي منطق عقلاني يمكن أن نصدق أن هؤلاء دعاة لمحاربة الفساد وهم يمارسون عملية السطو على مكتب حكومي وتسليمه لشخص آخر خارج الأطر القانونية وقبل أن يتم التثبت من فساد المدير إن هم صدقوا؟ إننا نكتب اليوم إلى الرأي العام لكي لا تقوم علينا الحجة إن لم نجد عدل الدولة بعد هذه الثورة المباركة ، بعد أن كان قد مسنا ظلم هذه الدولة قبل الثورة ، موجهين رسالة للأخ وزير الكهرباء ولقيادة محافظة البيضاء والشخصيات الاجتماعية في هذه المحافظة ، بأن كل ما نطلبه هو العمل على كف الأذى وتشكيل لجنة تتولى مهمة دراسة المشكلة ومحاسبة كل من ارتكب جرم على قدر جرمه .