a title="الشعب يريد دخول الحمام.. ثورة "المراحيض"" href="filemanager.php?action=image&id=18742" عادل عبده بشر لم يقتصر “ربيع الثورات” على الوطن العربي، بل امتد ليشمل دولاً أجنبية.. وطبعاً لكل دولة “ثوارها” ولكلٍ أسلوبه الخاص في التثوير. ففي الهند مثلاً، أطلقت ناشطة شابة ثورة “من نوع آخر” استحقت من خلالها ان تنال جائزة مالية ب”الدولار” كخطوة أولى.. فيما أصبح اسمها ضمن المرشحين ل”جائزة نوبل للسلام للعام 2012م”، وذلك لدورها في كسر العادات والتقاليد وتثوير النساء ضد المجتمع.. حيث ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية (أ.ف.ب) منتصف فبراير المنصرم أن منظمة غير حكومية كافأت شابة هندية تدعى “أنيتا نارية” بعشرة آلاف دولار، لأنها غادرت منزل زوجها بعد مضي أيام على زواجهما.. لأن “عش الزوجية” ليس به مرحاض “حمام”، رافضة محاولات زوجها و”عُقال” القرية اقناعها بقضاء حاجتها “في الهواء الطلق” مثل كل الناس هناك.. وخيرته بين “المرحاض أو الطلاق”. وبحسب ذات الوكالة فإن “نارية” شجعت النساء الأخريات على اقتفاء أثرها والخروج من منازلهن والتظاهر “سلمياً” فيما أسميت ب”ثورة المراحيض”. وللعلم فإن 600 مليون هندي- وفقاً لإحصائية للأمم المتحدة- لا تحتوي منازلهم على “حمامات”، وهذا يكلف الخزينة الهندية 54 مليار دولار سنوياً لمعالجة الأمراض الناجمة عن ظاهرة قضاء الحاجة في “الفضاء”. الطريف في هذا الأمر ان الثائرة “نارية” لم تهنأ كثيراً بلقب “قائدة ثورة المراحيض الشبابية السلمية”، حيث فوجئت بشخص من كوريا الجنوبية يدعى “سيم جاي دك” يدعي أحقيته ب”براءة اختراع” ثورة المراحيض، زاعماً بأن هذه الثورة بدأت من كوريا الجنوبية وأنه من تزعم هذه الثورة واستطاع أن يخفض عدد المحرومين من “المراحيض” في كوريا الجنوبية إلى النصف ليستحق عن جدارة لقب “أبو المراحيض”.. واحتفالاً بهذا اللقب قام “سيم جاي” ببناء منزل على شكل حمام كبير وخصص فيه 4 مراحيض.. وليس هذا فقط بل أسس جمعية باسم “الجمعية الدولية للمراحيض” معلناً بأنه سيعمل على تصدير ثورته إلى كل دول العالم. وحتى كتابة هذا المقال لا زالت الأجواء متوترة بين الثائرة الهندية “ناريه” والثائر الكوري “سيم جاي”، ويخشى مراقبون أن يصل الخلاف بين الثائرين إلى أزمة بين دولتين ويتطور الأمر إلى “قَح دبم”، بحسب تعبير صادق الأحمر حين قال في تصريح سابق ان القبيلي متعود على “قح دُبم”. والمتابع لمواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت “فيس بوك وتويتر” خلال الأيام الماضية سيجد ان خبر ثورة المراحيض نال الكثير من التعليقات، منها ان الثائرة الهندية “ناريه” أخرجت نساء ولاية “مادهيا برادش” وسط الهند إلى إحدى الساحات ونصبن خياماً على شكل “حمامات” ورفعن شعار “نريد دخول الحمام”. أما التعليق الذي لفت نظري فقد كان لشخص يدعى “ناريش” كشف فيه سر “ثورة المراحيض”، حيث قال بأن صحيفة هندية أجرت تحقيقاً شاملاً حول الثورة التي تزعمتها “نارية”، وخلص التحقيق الصحفي إلى اكتشاف السلطات المختصة بأن هذه الثورة يقف وراءها رجل أعمال أنشأ مؤخراً مصنعاً للمراحيض الجاهزة.. واستغل ثورات الربيع العربي لتطبيقها في الهند ولكن ليس لإسقاط النظام.. وانما لتسويق منتجاته بطريقة غير مباشرة، فدفع بالناشطة نارية إلى التمرد على الواقع المعاش منذ قرون، وقدم لها كل الدعم المطلوب لتثوير النساء واخراجهن إلى الشارع للتظاهر والمطالبة بشراء “حمامات”.. وأيضاً قدم مبلغاً مالياً لمنظمة غير حكومية كي تمنح الثائرة “نارية” جائزة الثورة.. وفعلاً نجحت تلك الحيلة حيث رضخت السلطة المحلية لمطالب النساء وتعهدت بشراء حمام لكل منزل على أن تدفع الحكومة 50 % من قيمته.. ونفس الشيء حدث في كوريا الجنوبية.. فقد أعلن رجل الأعمال بيل غيتس عن ابتكار مراحيض صديقة للبيئة. ولا يختلف ما يسمى ب”الربيع العربي” كثيراً عن ربيع “المراحيض” خصوصاً بعد ان أثبتت الأيام أن الفوضى التي خلفها هذا الربيع في ليبيا ومصر وتونس وسوريا وكادت ان تغرق فيها اليمن، يقف وراءها أشخاص وجهات لهم مشاريع خاصة لا تمت لمستقبل المواطن بأية صلة.. فاستخدموا ناشطين وناشطات من أبناء تلك البلدان وقدموا لهم الدعم المادي والمعنوي والإعلامي والجوائز المالية لتسويق مشاريع تآمرية خبيثة. غير أن ما يميز ثورة “دخول الحمام” عن ثورة “إسقاط النظام” أنها – أي الأولى – سلمية خالصة لا يوجد فيها مليشيات مسلحة ولا عصابات ولا متطرفون يهاجمون المعسكرات ويفجرون أنابيب النفط ومحطات الكهرباء ويعتدون على الممتلكات العامة والخاصة باسم “الثورة”.. وليس فيها سجون ومعتقلات ومحاكم تفتيش.. ولا تحتاج إلى حماية عسكر علي محسن أو تصريحات صادق الأحمر وبركات الزنداني.. والأهم من ذلك ليس فيها “مندسون” ولا “أمن قومي” أو “بقايا النظام”.