انهمار الفتاوى بوجوب القتال في سوريا دفعني لإفراد فتاوى القتال في سوريا بهذا المقال. ما يحدث في سوريا هو قتال بين طرفين, الأول هو الدولة السورية بالجيش العربي السوري, وتقف معها إيران وحزب الله وروسيا والصين. والثاني هو الثوار بالجيش الحر, وتقف معه قطر والسعودية ومصر وتركيا وجبهة النصرة وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرهم. سوريا بلد مسلم,ومن يباشرون القتال فيها طائفتين سوريتين, و كلاهما من أمة محمد صلى الله عليه واله وسلم, كلاهما مؤمنتين, نظام ومعارضة يضلا مؤمنين, سنة وشيعة يضلا مؤمنين, مقاومين ومطبعين يضلا مؤمنين, ظالمين ومظلومين يضلا مؤمنين, دولة ومتمردين يضلا مؤمنين, مخطئ ومصيب يضلا مؤمنين معه سلاح ثقيل ومعه سلاح غير ثقيل يضلا مؤمنين. تقف معه إيران وحزب الله أو تقف معه قطر والسعودية ومصر وتركيا وجبهة النصرة يضلا مؤمنين, تسنده روسيا والصين أو تسنده أمريكا وبريطانيا وفرنسا يضلا مؤمنين. من يقتلون في هذا القتال هم مؤمنون, من يشردون هم مؤمنون, من يعتقلون هم مؤمنون, من يمثّل بهم هم مؤمنون, من يرملن هن مؤمنات, من ييتموا هم مؤمنون, من تخرب بيوتهم ومدنهم وأحياءهم هم مؤمنون, من يعيشون حياة كأنها في الجحيم هم مؤمنون. البلد الذي تدور فيه القتال ويخرب هو بلد من بلاد المسلمين. في سوريا طائفتين سوريتين مؤمنتين تتقاتلان, وفي القتال إلى جانب أياً منهما هكذا "لا وجود لشيء اسمه "جهاد في سبيل الله". فلا يكون القتال "جهاد في سبيل الله" مع نظام ضد معارضة ولا العكس, ولا جهاد مع سنة ضد شيعة ولا العكس, ولامع مقاومين ضد مطبعين ولا العكس, ولا مع دولة ضد ثوار ولا العكس, ولا حتى مع مصيب ضد مخطئ, ولا مع مظلومين ضد ظالمين؟!. ولكن هناك آلية قرآنية دينية لمن أراد أن يتدخل بينهما باسم الدين, وحتى يكون تدخله "جهاد في سبيل الله". عندما تتقاتل طائفتان مؤمنتان لا يجب أن يتوزع غيرهما من المؤمنين كلا إلى جانب طرف منهما, ويقسم بذلك المؤمنين جميعا إلى جبهتين متناحرتين. لا يجب ان يتحول غيرهما من المؤمنين إلى "مسعرين " لحروب ومحرضين كلا إلى جانب طرف أياً كانت المبررات وأياً كانت الأسباب أو المخاوف أو وجهات النظر. التكليف الشرعي, القرآني' الواضح 'الصريح' السهل للدور الذي يفترض ان يلعبه غير المتقاتلين من المؤمنين هو الإصلاح بينهما, فأمر الله لغير المتقاتلين هو إصلاح ذات البين ووقف التناحر وحقن الدماء وتأمين الخائفين, والنظر في أسباب التقاتل والتوصل إلى صلح يتم فيه تصويب أي خطاء ورد أي مظلومية "... فأصلحوا بين أخويكم.. هذا هو أمر الله. مجتمع المؤمنون مجتمع مثله مثل غيره من المجتمعات تحصل بين مكوناته الخلافات والمشكلات والتنافرات, ومنها ما يتفاقم إلى فتنه ويصل إلى قتال. ووصوله إلى القتال بين طائفتين مؤمنتين هو أمر منكر, ولكن الأشد نكراً منه ان يأتي بعض المؤمنين من غير المتقاتلين ليقاتلوا مع أي طرف ضد الآخر او يحرضوا احدهما ضد الآخر من قبل ان ترفض أياً من الفئتين حل مشكلتها مع الأخرى بالإصلاح. فكيف إن كان ذلك قبل ان يتم التدخل للإصلاح بينهما أصلاً. لا وجود لقتال " حق " وباسم الدين مع أي طرف قبل هذا الإصلاح بين الطرفين المتقاتلين, والأمر بالقتال لم يأتي باسم الدين إلا ضد الطرف الذي يكون باغيا, والطرف الباغي هو الطرف الذي يرفض المضي إلى الإصلاح لحل النزاع ويصر على القتال عندما يتدخل غير المتقاتلين للإصلاح. هذه هي آلية الله عز وجل لتدخل المؤمنين عندما تتقاتل طائفتان أو فئتان منهم, التدخل للإصلاح بينهما, ومن يرفض الإصلاح يجب مقاتلته لإرغامه على العودة إليه وحلّ المشكلة بينه وبين الطرف الآخر دون قتال. على علماء الأمة المسلمة ان يفتوا بان على الحكام وكل مكونات الأمة الإسلامية العمل على الإصلاح بين المتقاتلين في سوريا أياً كانت أسمائهم وصفاتهم واتجاهاتهم ومكوناتهم, وان يفتوا بحرمة التدخل بالقتال إلى جانب أياً منهما قبل التدخل بالإصلاح, وعندما يتم التدخل بالإصلاح ويرفضه طرف أياً كان من المتقاتلين ويتحدد من منهما هو الطرف الباغي, والذي يجب ان يرد بالقوة إلى امر الله, فحينها فليفتوا بوجوب التدخل لقتال الباغي لإجباره على آلية الإصلاح, و تكون الفتوى بالتدخل رسميا باسم الدول والحكومات لا باسم جماعات أو طوائف أو أحزاب. لن اعلق على الفتاوى التي صدرت من بعض العلماء ولكني سأضع أمام علماء الدين, الأمر الإلهي 'الواضح' السهل وهو (فتوى كتاب الله عز وجل).. "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين" صدق الله العظيم. وبذلك ليس أمام من أرادوا أن يفتوا إلا خيارين, اما ان يفتوا أولاً بأن أي طرف من الأطراف في سوريا كافر معتدي – ان كانوا يقدروا - وعلى ذلك يجب قتاله وهو جهاد في سبيل الله!!!, أو أن يفتوا بالإصلاح بين الطرفين ومن يرفض منهما حل النزاع بالإصلاح فهو باغي ويجب قتاله لإجباره على ذلك. مالم فالعلماء مدعوون ليستجيبوا لفتوى كتاب الله عز وجل أولاً.