قال سفير إيران في لبنان سابقاً حجة الإسلام فخر روحاني في تصريح نشرته صحيفة اطلاعات الإيرانية عام 1984 "إن لبنان الآن يشبه إيران عام 1977، ولو نراقب ونعمل بدقة وصبر، فإنه إن شاء الله سيجيء إلى أحضاننا، وبسبب موقع لبنان وهو قلب المنطقة، وأحد أهم المراكز العالمية، فإنه عندما يأتي لبنان إلى أحضان الجمهورية الإسلامية، فسوف يتبعه الباقون". لقد حققت طهران بعض أهدافها في لبنان حتى أصبحت تشارك في مشيئة حكومته عن طريق حلفائها الممسكين بفيتو القرار السياسي ومبادرة الفعل العسكري. لكن لا أحد أعجب بالتجربة الإيرانية في لبنان بل إنها دقت جرس الإنذار في كل أنحاء المنطقة. استذكار مثل هذا الكلام مع استقراء السياسة الإيرانية تجاه اليمن يعطي المؤشرات لآفاق الطموحات الإيرانية في الوطن العربي. فبعد لبنان والعراق جاء دور اليمن على باب المندب حيث منفذ التجارة العالمية وبوابة إفريقيا على الجزيرة العربية والعمق الاستراتيجي لدولة الحرمين السعودية، ولاشك أن كل ذلك يثير شهية القوى الطامحة للممارسات الإمبراطورية. والسيطرة على اليمن تحقق أكبر انقلاب استراتيجي في جنوب الجزيرة العربية والقرن الإفريقي، لأن طهران تستطيع أن تشكل في هذا البلد دولة معادية لمحيطها العربي ومتحكمة بالأمن الإفريقي ومهددة للتجارة العالمية، حيث يمكنها التحكم في أهم مضيقين لنقل الطاقة العالمية، وهيهات أن يستطيع العالم وقتها لي يد طهران في النووي أو في غيره من المصالح القومية الإيرانية إلا عبر حرب عالمية ثالثة. إن أمن أية دولة في العصر الحديث لا يتحقق بحماية الحدود فحسب، إنما بحجم النفوذ الذي تمارسه خارج حدودها بما يجعلها مؤثرة بالأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، وهو ما يؤمن به نظام طهران - القلق دوما على وجوده - مستخدما كل الوسائل المتاحة دينيا وسياسيا وعسكريا.