مقدمة: اردت أن اكتب مذكراتى عن الوحدة اليمنية من نقطة -أ- فى 22 مايو 1990 حتى قيام الساعة لأنه لايوجد ي لقصة الوحدة اليمنية. اكتب هذا باسلوب سهل ومبسط للقارىء العربىء وجيل ما بعد 1990 ولم ادخل بالتفاصيل المملة كى لا يمل القارىء من ناحية وكى اكتب حقائق لا يختلف عليها إثنان. والهدف من كتابتى لهذا الموضوع هوإستخلاص العبر وكشف الحقائق واستنباط المفاهيم التى يجب ان يبنى عليه الوعى اليمنى. فقد كثرت الاضاليل والأكاذيب والتشويش على الجيل الجديد وممن لا يعرفون حقيقة الوضع فى عالمنا العربى خاصة والعالم أجمع. * ( 1 ) اليمن قبل 22 مايو 1990 منذ ما بعد ثورة 26 سبتمبر 1962فى اليمن الشمالى وثورة 14 اكتوبر 1963 فى اليمن الجنوبى، دخل اليمن فى المنظومة الدولية وتبع اليمن الشمالى منظومة دول عدم الإنحياز، وتبع اليمن الجنوبى المحور الاشتراكى الشيوعى التى تقوده روسيا. ومع قيام حرب الخليج الاولى بين إيرانوالعراق، انقسم العرب الى قسمين كما هو حالهم. قسم يدعم إيرانسوريا وليبيا واليمن الجنوبى، وقسم يدعم العراق بقية الدول العربية وفى مقدمتها دول الخليج ومصر واليمن. أثناء السبعينات والثمانينات قامت مناوشات كثيرة بين من حكموا اليمن الشمالى و من حكموا اليمن الجنوبى. ودعم كل طرف الجبهات التخريبية التحررية ضد الطرف الأخر. هدف حكام الجنوب تصدير الشيوعية الى الجزيرة العربية، وهدف حكام الشمال إنهاء المد الشيوعى مشروعين متضاربين والطرفان يتقاتلان من أجل تحقيق اهم هدف لثورتى سبتمبر واكتوبر وهو تحقيق الوحدة اليمنية. أنتهت حرب الخليج الاولى سنة 1989 بإنتصار العراق و دخل اليمن الشمالى فى ما يعرف بمجلس التعاون العربى بين العراق ومصر والاردن واليمن، وكان هذا متزامنا مع بداية إنهيار المنظومة الإشتراكية. ظروف الوحدة فى الشمال 1- الشمال ميسور الحال إقتصاديا حيث حظى بالدعم الخليجى طوال فترة الثمانينات وبعده دعم مجلس التعاون العربى. 2- 2 مليون مغترب يمنى داخل السعودية يدخلون بالهوية الشخصية وبدون جواز سفر ويمارسون كافة اشكال العمل والتجارة بافضلية عن باقى الجنسيات العربية والاسلامية. اضافة الى الاف المغتربين فى دول الخليج الاخرى والاف اخرى فى دول العالم. 3- اكتشاف النفط فى الشمال. 4- العلاقات الطيبة مع كل دول العالم بما فيهم الولاياتالمتحدة. 5- الحريات الفردية المعقولة مقارنة باليمن الجنوبى. 6- الإنفتاح الإقتصادى على الجيران والعالم وقيام الصناعات الخفيفة. 7- 12 مليون تعداد سكانى وهو معقول. 8- الاستقرار النسبى. ومع هذا فقد استمرت المناوشات الحدودية بين الشمال والجنوب وكادت كفة الشمال ترجح فى 1989 وذلك للإستعانة بخبراء عراقين وانهيار الاتحاد السوفيتى. اضف الى ذلك الدعم العالمى والعربى للشمال. ومع كل هذا فقد كانت هناك حركات فى الشمال قبلية ومناطقية وسياسية تستعد للإنقضاض على حكم الرئيس على عبد الله صالح بدافع التنافس على السلطة من جهة وبدافع تحقيق الوحدة من جهة. ظروف الوحدة فى الجنوب 1- ضيق اقتصادى ومديونية 13 مليار دولار خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى. 2- تناحرات سياسية ومناطقية، والتى زادت بعد مجزرة 13 يناير 1986 التى قام بها الحزب الاشتراكى ضد الرئيس الجنوبى السابق على ناصر محمد، ونتج عن هذه الاحداث قتل اكثر من 10000 برىء من أبناء الجنوب فى اقل من اسبوع، تلت هذه الفترة تصفيات جسدية وعدم استقرار سياسى فى الجنوب. هروب الرئيس على ناصر محمد و المنتمين له الى اليمن الشمالى، وتدخل الرئيس على عبد الله صالح شخصيا للصلح بين الجنوبيين ووقف المجازر. وبعد احداث 13 يناير تولى السلطة فى الجنوب على سالم البيض. 3- توقف التنمية، المتوقفة أصلا منذ رحيل الاحتلال البريطانى 4- توترات فى الجنوب، خاصة مع تهجير قسم كبير منهم الى الشمال وتهديد حقيقى لوجود الحزب الاشتراكى. 5- تهجير القوة الإقتصادية الرئيسة من سكان الجنوب وهم الحضارم والذين يعتبرون ركيزة اساسية من ركائز الإقتصاد الخليجى والعالم، وكذلك تهجير الكتاب والمفكرين سواء كانوا من الليبراليين او الإسلامين. ولم تتمكن هذه الشريحة المهمة من العودة الا بعد الوحدة. 6- 3 مليون نسمة، نسبة السكان،ويعتبر تعداد منخفض نسبيا مقارنة بمساحة البلاد التى تعتبر مرة ونصف اليمن الشمالى، ولكن يغلب عليها الصحراء. قيام الوحدة اليمنية قامت الوحدة اليمنية فى 22 مايو 1990 بين ما كان يعرف باليمن الشمالى الجمهورية العربية اليمنية والجنوبى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. ووقع الوحدة الرئيس الشمالى على عبدالله صالح والجنوبى على سالم البيض وتم إعلان الجمهورية اليمنية مع تغير العلم والنشيد الوطنى الى علم ونشيد جديد. نجح النظامان بإنقاذ نفسيهما وذلك بتحقيق اهم منجز يمنى وعربى فى القرن العشرين. وفعلا سادت حالة الرضى الشعب اليمنى فى شماله وجنوبه. شُكل مجلس رئاسة واصبح رئيس مجلس الرئاسة للجمهويرة اليمنية "على عبد الله صالح" واصبح نائبه "على سالم البيض. وتم تقاسم السلطة بين المؤتمر الشعبى العام الذى اصبح حزبا سياسيا والحزب الاشتراكى "المخضرم". ظهرت أحزاب سياسية أخرى فى اليمن مع الإنفتاح السياسى والذى يعتبر شرط من شروط قيام دولة الوحدة. واهم هذه الاحزاب هو حزب الاصلاح الذى يتبنى ايدلوجيات الإخوان المسلمين فى مصر، وأحزاب أخرى أهمها حزب البعث، والحزب الناصرى، وحزب الحق حزب الحوثى. تبادل حزب الاصلاح والحزب الاشتراكى العداء من اول يوم للوحدة، وهذا العداء ايدلوجي صرف. فالاول يتهم الثانى بالكفر والثانى يتهم الاول بالرجعية. ومع هذا كله فقد ساد الشارع اليمنى نوع من الرضى والاستقرار وحصل على حريات كبيرة لم يكن يحلم بها. دخل النظام السياسى فى اليمن فى ما يعرف بالفترة الانتقالية والتى انتهت مع بداية اول إنتخابات برلمانية فى دولة الوحدة فى ابريل 1993. اساسيات ومفاهيم يجب أخذها بالإعتبار إستنادا الى ما سبق 1- الوحدة اليمنية كانت مطلبا جماهيريا فى الشمال والجنوب وكانت اهم هدف لثورتى سبتمبر 1962 واكتوبر 1963 وهى نتيجة تضحيات قوافل من الشهداء فى الشمال والجنوب. 2- قامت بمعنى عادت الوحدة فى 1990 بين الشمال والجنوب ولم تكن وحدة بين نظامين بل لحمة لشعب واحد. 3- الوحدة قامت بالتراضى والحب ولم تفرض فرضا من قبل أحد. 4- الوحدة اليمنية اهم منجز يمنى وعربى فى القرن العشرين. 5- الوحدة فرضها الشعب على النظامين فى الشمال والجنوب فهى وحدة شعب وليس وحدة انظمة. 6- لا يحق لأى طرف فرض وصايته او التحدث بإسم جزء من الشعب خارج المؤسسات الدستورية. 7- شرعية اى إنسان فى النظام او المعارضة مستمدة من شرعية الوحدة وليست شرعية الوحدة قائمة على شرعية النظام او المعارضة. فالوحدة هى من تعطى الشرعية، وليست الانظمة والكتل السياسية واصحاب المصالح هم من يضفون الشرعية على الوحدة. حقائق يجب تذكرها قبل مواصلة الحلقة الثانية 1- الحزب الإشتراكى فى اليمن الجنوبى هو حزب مؤدلج سياسيا وكان يتبع المنظومة الشيوعية. 2- حزب المؤتمر الشعبى فى الشمال لم يتشكل كحزب الا بعد قيام الوحدة وهو عبارة عن تجمع من كافة اطياف الشعب وليس حزبا مؤدلجا سياسيا. 3- كان هناك عداء بين الحزب الاشتراكى فى الجنوب والزعيم السابق للجنوب على ناصر محمد الذى خرج مع مؤيديه - بعد احداث 13 يناير الدامى- من الجنوب الى الشمال. 4- ظهر حزب الإصلاح المعارض حزب مؤدلج سياسيا وهو إمتداد لحركة الإخوان المسلمين فى مصر الى العلن بعد الوحدة مباشرة ومنذ اليوم الاول للوحدة لم يخفى عدائه الايدلوجى للحزب الإشتراكى تحت ذريعة التكفير ومحاربة الشيوعية والماركسية وقد بادله الإشتراكى نفس العداء. 5- ظهرت الاحزاب السياسية الاخرى الى العلن اكثر، مثل الحزب الناصرى والبعثى وحزب الحق ._._الخ ومعظمها له علاقات بأحزاب المنشاء فى مصر والعراقوإيران بالترتيب. 6- إشترط الحزب الإشتراكى الذى يتزعمه البيض على الرئيس على عبد الله صالح قبل التوقيع على اتفاقية الوحدة "مغادرة الرئيس السابق على ناصر محمد وبعض الزعامات الجنوبية الموالية له" وغادر الرئيس على ناصر محمد الى سوريا. 7- الوحدة ضاعفت ديون دولة الوحدة من نصف مليار دولار الى 13 مليار ونصف دولار أمريكى. 8- حرب الخليج الثانية العدوان الثلاثينى على العراق زادت الطين بله، فقد رجع اكثر من مليونى يمنى الى اليمن تاركين معظم اموالهم واعمالهم وراء ظهورهم، نتيجة لما إعتبرته دول الخليج وقوف يمنى مع صدام حسين. مع ان اليمن كان ضد غزو الكويت وضد الحرب على العراق. 9- كان المصدر الرئيسى للدخل القومى هو نفط مأرب فى الشمال، حيث ان القطاع النفطى ومصفاة عدن كانت متوقفة فى الجنوب ولم يتم اكتشاف النفط بالكميات الحالية فى الجنوب الابعد الوحدة والذى ينتج الان بفس الكمية التى تنتج فى الشمال وعموما فإن انتاج النفط فى اليمن يعتبر قليل جدا مقارنة بدول الجوار. إذا فما يروج له من أن الثروة فى الجنوب، هو كذبة كبيرة يثيرها هذه الايام أعداء الوحدة لإيهام البسطاء بان الجنوب مصدر الثروات وأنه غنى، وكلام لا يجب ان يقال فالحال من بعضه.