العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    غارات على صنعاء    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    «CNN»:الصاروخ على مطار بن غوريون خرق أمني لأكثر المواقع تحصيناً في «إسرائيل»    قال حزب الله إن العملية البطولية اليمنية في قلب الكيان الصهيوني تؤكد فشل العدوان الأمريكي ..حركات المقاومة الفلسطينية تبارك الضربة النوعية لمطار بن غوريون    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى "إسرائيل"    سريع يعلن المطارات الاسرائيلية اهداف عسكرية في سياق حصار جوي شامل    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الدكتور عبدالله محمد المجاهد    الدكتور عبدالله العليمي يعزي العميد عبده فرحان في استشهاد نجله بجبهات تعز    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    بن بريك والملفات العاجلة    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    التركيبة الخاطئة للرئاسي    أين أنت يا أردوغان..؟؟    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوحدة اليمنية من نقطة البداية حتى قيام الساعة
نشر في البيضاء برس يوم 22 - 03 - 2010

د. فائد اليوسفي يستعرض فى هذه الحلقة ما جرى خلال الفترة الإنتقالية بعد الوحدة فى اليمن وما كانت إيجابيات وسلبيات تلك الفترة ويحلل اسباب ماجرى وعلاقته بما يجرى الأن.
د. فائد اليوسفي
الوحدة اليمنية من -أ- إلى .... قيام الساعة (2)

الفترة الإنتقالية


حقائق فى إتفاقية دولة الوحدة ودستور الجمهورية اليمنية يجب عدم نسيانها:

1- وحدة إندماجية تلغى كلا من الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية (الجنوب) وهذا فى نص المادة الأولى لإتفاقية دولة الوحدة.
مادة (1) : تقوم بتاريخ 22 من / مايو عام 1990م الموافق 27/10/1410ه بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية ، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (شطري الوطن اليمني) وحدة اندماجية كاملة تذوب فيها الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد يسمى (الجمهورية اليمنية) ، ويكون للجمهورية اليمنية سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة .

2- فترة إنتقالية لمدة سنتين ونصف

3- دستور دولة الوحدة ومن أهم ما ورد فيه:

a) تقسم اليمن الى دوائر إنتخابية من حيث عدد السكان وليس المساحة.
المادة(41) يتألف مجلس النواب من أعضاء ينتخبون بطريقة الاقتراع السري العام لحر المباشر والمتساوي، وتقسم الجمهورية إلى دوائر انتخابية متساوية من حيث العدد السكاني مع التجاوز عن نسبة 5% زيادة أو نقصان، وينتخب عن كل دائرة عضو واحد في مجلس النواب.
b) المواطنون متساوون فى الحقوق الدستورية (مواطنة متساوية)
المادة((42) حق الانتخاب والترشيح مكفول لكل مواطن.
يشترط في الناخب الشروط الآتية.
a. أن يكون يمنيا.
b. أن لا يقل سنه عن ثمانية عشر عام.
يشترط في المرشح لعضوية مجلس النواب الشروط الآتية.
c. أن يكون يمنيا.
d. أن لا يقل سنة عن خمسة وعشرين عاما
e. أن لا يكون أميا
f. أن يكون مستقيم الخلق والسلوك
c) الخيانة العظمى
المادة(101) يكون اتهام رئيس وأعضاء مجلس الرئاسة بالخيانة العظمي أو بخرق الدستور أو بأي عمل يمس استقلال وسيادة البلاد بناء على طلب من نصف أعضاء مجلس النواب، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء ويبين القانون إجراءات محاكماتهم، فإذا كان الاتهام موجها إلى جميع أعضاء مجلس الرئاسة تباشر هيئة مجلس النواب مهام مجلس الرئاسة مؤقتا حتى صدور حكم المحكمة، ويجب أن يصدر القانون المشار إليه خلال دور الانعقاد العادي الأول لمجلس النواب التالي لسريان هذا الدستور، وإذا حكم بالإدانة على أي منهم اعفي من منصبه بحكم الدستور مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى. وفي جميع الحالات لا تسقط بالتقادم أي من الجرائم المذكورة في هذه المادة.
d) 22 مايو 1990 يجب ما قبله وما قبل 22 مايو يعتبر من لتأريخ، فالكل بعد 22 مايو متساوون ولا وصاية لأحد على أحد او على جزء من الوطن خارج نطاق الدستور والمؤسسات الدستورية.
المادة(129) يعتبر هذا الدستور نافذا من تاريخ إعلان موافقة الشعب في شطري اليمن عليه بالاستفتاء العام.
وقد تم الإستفتاء على دستور دولة الوحدة فى 20/ 5 / 1991 ومن صوت لصالح الدستور بنعم 98.3 % وبرفض 1.5 %. واصبح من كان يحكم الشمال لايمثل الشمال ومن كان يحكم الجنوب لايمثل الجنوب وذلك بنص المادة 132 فالوطن واحد والشعب واحد.
المادة(132) تعتبر الحكومتان القائمتان في شطري اليمن من تاريخ نفاذ هذا الدستور مستقيلتين، كما يعتبر المجلس التشريعيان القائمان فيهما من هذا التاريخ محلولين ويؤلف مجلس الرئاسة المؤقت الحكومة وتمارس الاختصاصات المخولة للحكومة في هذا الدستور إلى أن ينتخب مجلس رئاسة وفقا لاحكام هذا الدستور.
e) المحافظة على الوحدة هى أساس شرعية المؤسسسات والأحزاب والتنظيمات السياسية وأساس العمل المؤسسى والحزبى والسياسى، والمساس بها تلميحا أو تصريحا يعتبر من الموبقات وعلى هذا أقسم جميع من فى مؤسسات الدولة ليحظوا بالشرعية.
المادة( 135) اليمين الدستورية التي يؤديها رئيس وأعضاء مجلس الرئاسة وأعضاء مجلس النواب ورئيس وأعضاء الحكومة نصها كما يلي "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهورية وان احترم الدستور والقانون وأن أراعى مصالح الشعب وحرياته رعاية كاملة وأن أحافظ على وحدة الوطن واستقلاله وسلامة أراضيه"


المؤسسات الدستورية للجمهورية اليمنية فى الفترة الإنتقالية:
تم تقاسم المؤسسات الدستورية مناصفة بين حكام الشمال (المؤتمر) و حكام الجنوب (الحزب الإشتراكى) وسأضرب بعض الأمثلة لهذا التناصف:
a. مجلس رئاسة دولة الوحدة له صلاحيات كبيرة مكون:
i. على عبد الله صالح رئيسا والقائد الأعلى للقوات المسلحة
ii. على سالم البيض نائبا للرئيس
b. حكومة من 38 وزيرا (ويعتبر اليمن أول دولة يختلق فيها هذا الكم من الوزرات) وأهم الوزاء:
i. المهندس حيدر أبو بكر العطاس –رئيساً للوزراء (إشتراكى)
ii. د. عبدالكريم الإرياني- وزيراً للخارجية (مؤتمر)
iii. صالح أبو بكر بن حسينون – وزيراً للنفط والثروات المعدنية (إشتراكى)
iv. د. فرج بن غانم – وزيراً للتخطيط والتنمية (إشتراكى)
v. العميد هيثم قاسم طاهر- وزيراً للدفاع (إشتراكى)
vi. غالب مطهر القمش – وزيراً للداخلية والأمن (مؤتمر)
vii. علوي صالح السلامي – وزيراً للمالية (مؤتمر)
c. البرلمان: وهو عبارة عن حاصل دمج مجلس الشورى (فى الشمال) ومجلس الشعب الأعلى (فى الجنوب):
i. رئيس البرلمان: د. ياسين سعيد نعمان (إشتراكى)

قامت حرب الخليج الثانية وتم إحتلال الكويت ونتج عن هذا الإحتلال حصار العراق وبعد ذلك ضربه، وقد فُسر الموقف اليمنى بأنه دعم مطلق للعراق لإحتلال الكويت الا أن حقيقة الموقف اليمنى كان ضد إحتلال الكويت وضد ضرب العراق (حل عربى عربى)، ونتج عن حرب الخليج الثانية:
1- إنهيار مجلس التعاون العربى كقوة إقتصادية.
2- ترك اكثر من 2 مليون مغترب يمنى لأراضى الخليج مما زاد الضغط الإقتصادى على دولة الوحدة.
3- مؤامرات وضغوط سياسية على وحدة اليمن من قبل الأشقاء فى الخليج وعاش اليمن فى فترة تشبه الحصار الغير معلن.
4- إنهيار العملة اليمنية

وما زاد الأمر سؤا هو الحرب فى الصومال ونزوح عدد كبير الى اليمن. ومع هذا كله فقد إستمرت عجلة الوحدة فى الدوران. واستمرت اليمن فى الإزدهار السياسى وزاد عدد الأحزاب المسجلة وزاد عدد الصحف والمطبوعات وشهد اليمن حرية سياسية حقيقية. ولكن كان هناك منغصات للفترة الإنتقالية.

منغصات الفترة الإنتقالية:
1- العداء العقائدى بين حزبى الإصلاح (الإسلامى) والحزب الإشتراكى (الشيوعى): هذا العداء جعل الحزب الإشتراكى يتوجس خيفة، خاصة مع الإنتشار الواسع لحزب الإصلاح فى محافظات الجنوب، فبدأت المساجد فى الظهور والزيادة، وبدأ دورها بالبروز وبدأ الحجاب والنقاب يظهر بشكل ملفت. ولم يخفى الحزب الإشتراكى قلقه وبدأ يتصرف بردة الفعل وهاجم رموز الإصلاح بما فيهم الشيخ عبد المجيد الزندانى. كانت حرب فكرية قوية ينقصها إطلاق النار. وقد لعب الرئيس على عبد الله صالح دورا مهما فى تلافى التصادم بين هذين الفريقين لا كما يقول بعضهم أنه هو السبب.
2- تهميش جزءا كبيرا من ابناء الجنوب الذين كانوا قد هربوا الى الشمال فى سنوات التشطير وخاصة بعد أحداث 13 يناير 1986. هؤلاء الجنوبيين منعوا من تولى مناصب قيادية بل ومضايقتهم احيانا من قبل إخوانهم الجنوبيين فى الحزب الإشتراكى ولجأ كثير منهم الى ترك اليمن نتيجة لهذه المضايقات الممنهجة. هذا التهميش والرفض لهؤلاء جاء نتيجة ضغوط مارسها الحزب الإشتراكى على شريكه فى الشمال مما جعل هذه الفئة تشعر بالظلم فبعضهم إنظم الى حزب الإصلاح نكاية فى تصرفات الإشتراكى وبعضهم ارتضى بالتهميش وبعضهم مارس الثأر ضد بعض رموز الحزب الإشتراكى.
3- الإغتيالات السياسية لأعضاء بارزين فى الحزب الإشتراكى. هذه الإغتيالات لم يكن معروفا من السبب فيها الا أن قيادة الإشتراكى قبيل اول إنتخابات برلمانية نهاية الفترة الإنتقالية وفى خضم المعترك والتنافس الإنتخابى إستغلت من يقتل من كوادرها للتباكى عليهم وذلك لإظهار الحزب الإشتراكى بأنه مظلوم ومحارب من قبل القوى الرجعية فى الإصلاح ومن قبل حزب المؤتمر. وفعلا كان له ما يريد فقد تعاطف معه الكثيرون نتيجة هذه الدعاية. وسواء كانت الإغتيالات نتيجة تصفيات بين أجنحة الحزب الإشتراكى او نتيجة الثأر ممن هرب مع على ناصر او مؤامرة من متطرفين فى الشمال سواء من الإسلاميين او من حزب المؤتمر، فقد إستغل الحزب الإشتراكى هذا لكى يكسب اكبر تعاطف شعبى معه.
4- رفض الحزب الإشتراكى وعرقل إندماج الجيش حتى بعد الإنتخابات. لا ادرى هل كان الحزب الإشتراكى يضرب حساب الفشل ومن ثم العودة الى ما قبل 22 مايو، خاصة فى ضل عداء دول الخليج لنظام صنعاء بسبب الموقف من حرب الخليج الثانية، أم أنه كان بسبب التوجس والخوف من مؤامرة ما تحاك ضده، أم كان بسبب إشكالات تقنية. والجدير ذكره أن وزير الدفاع كان من الجنوب ويتبع الحزب الإشتراكى. الا أن خليطا من هذه الأسباب هو الراجح.
5- التوجيه الخاطىء للتابعين لكل من حزب الإصلاح والإشتراكى. فحزب الإصلاح يزرع فى نفوس اتباعه بشكل مغلوط أن الإشتراكى والكفر وجهان لعملة واحدة، والإشتراكى لا يتردد بوصف الإصلاحين بابشع الأوصاف فى كل الوسائل الإعلامية. طبعا المستفيد الاكبر من كل هذا هو حزب المؤتمر.
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا لماذا لم يكن الرئيس حاسما وقويا؟
أنا اعتقد أن اسباب عدم الحزم فى ما حدث بين الحزبين (الإشتراكى والإصلاح) وكذلك قضايا الإغتيالات هى:
a. تقاسم السلطة مع الإشتراكى، فحزم مع الإشتراكى فى وجود جيش غير موحد يعتبر كارثة، بل يعرض دولة الوحدة للإنهيار خاصة وأن وضع اليمن بعد حرب الخليج يرثى له.
b. حزم مع الصلاح قد يفقد حزب المؤتمر شعبيته داخل الوسط الشعبى حيث سيقول القائل ان المؤتمر يتحالف مع الكفار ضد الدين وقد قالها بعض رموز الاصلاح لكن ليس على مستوى القيادات بل على مستوى القيادات من الدرجة الثالثة. كما أن المؤتمر ليس غبيا أن يدخل نفسه فى صراع قد تُكسِب الإشتراكى الإنتخابات.
c. ضعف الدولة بشكل عام على إتخاذ مثل هذه القرارات. فالفترة الإنتقالية كانت فترة كسب ود الشعب من جميع الاطراف لدرجة أنه من ليس لديه وظيفة كان يوظف بالهوية الحزبية. وإذا ظلمك المؤتمر فالإشتراكى ملجأ والعكس بالعكس.
d. الكل استغل هذه الإغتيالات ليس من اجل الحقيقة والعدالة بل من أجل الإنتخابات. فالإشتراكى يتهم الإصلاح والمؤتمر بتصفية قياداته مع ان معظم من قُتِلوا لم يكونوا على ود مع القيادات العليا للإشتراكى. والإصلاح يتهم السلطة بحجة المنافسة بين الفريقين (المؤتمر والإشتراكى)، والمؤتمر يتهم الاشتراكى والإصلاح (بحجة أنهم اعداء)، المهم الجميع يرمى الإتهامات والمتهم غير معروف والجميع يستغل هذه الإغتيالات ويوظفها إنتخابيا.

هذه الاحداث لعبت دورا كبيرا فى تغير وجهة الناخب فيما بعد. فاليمنى ذكى بالفطرة. فمن كان يؤيد الإشتراكى قبل الوحدة بدأ يشك فيه او يغير وجهته عنه وكذا جميع الأحزاب. فمثلا كان الحزب الإشتراكى يراهن اساسا على ابناء المحافظات الشمالية الجنوبية مثل تعز (معقل مؤسسى الحزب الإشتراكى) وإب والبيضاء. وفعلا كان رهانه صحيحا الا أن الفترة الإنتقالية غيرت الصورة الى حد كبير. فقبل الوحدة كان سكان هذه المحافظات يميلون الى الحزب الإشتراكى بسبب قبيلة الدولة فى الشمال وعدم سيادة القانون، فكان هؤلاء يتمنون أن يأتى الحزب الإشتراكى بدولة حقيقية تحترم القانون وتحارب الرشوة.
الا أنه ما حدث فى الفترة الإنتقالية كان مخيبا جدا، فقد تصرف موظفوا الحزب الإشتراكى بشكل أبشع مما كان يتصرفه القبيلى فى الشمال. فالرشوة حدث ولا حرج فقد جاؤا من كهف اصحاب الكهف من شدة الجوع، والسطو على المال العام ونهب خزينة الدولة حدث ولاحرج، وعدم المساواة بين المواطنين كانت سياسية واضحة لدرجة اننى كنت حينها الثالث على مستوى الجمهورية ولم احصل على منحة لست أنا بل العشرة الاوائل من الشمال وكل المنح او معظمها لأبناء الجنوب وخاصة من لهم علاقة بالحزب الإشتراكى تحت مبررات واهية وكان وزير التعليم حينها إشتراكيا. فعلا لقد اصيب المواطن فى الشمال بخيبة الامل من هذه التصرفات. وكان التوظيف فى كل المصالح وحتى الجيش بالهوية. فمن كنا نرجو منهم القانون والمساواة تصرفوا بعنصرية.
كما ان ظهور حزب الإصلاح وخاصة فى تعز وإب جذب اليه عددا كبيرا من المواطنين وسحب جزءا كبيرا ممن كانوا يرون في الحزب الإشتراكى الأمل والمخرج.
وعموما الجميع لعب بورقِهِ، فالمؤتمر لعب بجذب المواطنين عن طريق شراء الذمم والإعتدال والقبيلة ومستغلا منجزاته السابقة كحاكم لليمن الشمالى. والاصلاح لعب بورقة الدين والتكفير للجميع. والإشتراكى لعب بورقة المظلوم الذى يحاول المتطرفون قتله. والمواطن فكر بعقلية واحد تعرفه أحسن من واحد ما تعرفوش، وعقلية المجرب لا يجرب. أمور متشابكة أخذها المواطن فى الإعتبار قبل ان يصوت لصالح أحد.
وما يهمنا أن الجميع دخل الإنتخابات وهو ينظر الى كعكة الثانى بأنها من ستناصره. وقامت اول إنتخابات ديمقراطية وشفافة وبأعلى مشاركة فى تاريخ العالم. ليحصد كل منهم نصيبه.

الإنتخابات
مثلت الانتخابات النيابية الأولى التي جرت في 27 إبريل 1993م تظاهرة ديمقراطية شدت إليها أنظار المراقبين السياسيين في العالم كونها الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، تجري على قاعدة التعددية الحزبية كما مثلت أول اختبار حقيقي للأحزاب والتنظيمات السياسية لخوض التجربة الديمقراطية والتنافس فيما بينها لتعرف مدى قدرتها على الوصول إلى الجماهير وكسب ثقتها.
وقد شارك في الانتخابات 22 حزباً وتنظيماً سياسياً فازت 8 أحزاب سياسة.
* 41% للمؤتمر الشعبي بواقع 122 مقعدا.
* 21% لحزب الإصلاح بواقع 63 مقعدا.
* 19% للحزب الاشتراكي بواقع 56 مقعدا.
* حزب البعث العربي الاشتراكي (7) مقاعد .
* حزب الحق "مقعدان". (حزب الحوثيين)
* التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري "مقعد واحد".
* التصحيح الشعبي الناصري "مقعد واحد".
* الحزب الديمقراطي الناصري "مقعد واحد".
كما حصل المستقلون -رغم كثرتهم- على نسبة 16% بواقع 48 مقعدا فقط بالمجلس، واستحوذت خمسة أحزاب أخرى على ال3% الباقية من عدد المقاعد.

الخلاصة:
1- الوحدة قامت بالتراضى والغت الدولتين السابقتين فمن يقول بفك الارتباط والعودة الى الماضى فهو واهم بجميع المقاييس.
2- الوحدة كانت اندماجية بين شعبين وليس محاصصة بين نظامين. وما يقوم به الحزب الإشتراكى الأن هو إعلان للإنفصال بتواطؤ من بعض أحزاب المعارضة والتى للأسف أهمها حزب الإصلاح.
3- من ينادى بالفيدرالية إنما ينادى بالإنفصال والتشرذم، لأنه لا معنى للفيدرالية فى ظل الحكم المحلى واسع الصلاحيات. وهو تجاوز لدستور دولة الوحدة وحنوث بالقسم وخرق للدستور وخيانة عظمى للوطن.
4- من يقول أن هناك مواطنة غير متساوية فهو كاذب وافاق فدستور الوحدة واضح وشفاف فى هذا الصدد ويجب التفرقة بين ممارسات الأفراد العنصرية وبين القانون والدستور الذين يرفضان العنصرية ويعاملان جميع المواطنين على اساس واحد. بل إن هؤلاء هم من ينادون بالعنصرية ولايساوون بين المواطنين فهم يخترعون كل ما يدعو الى العنصرية من "شمالى جنوبى، شافعى زيدى، فوق تحت، ....الخ.
5- من ينادون بتصحيح مسار الوحدة هم من يريدون حرف مسار الوحدة (فمرة فيدرالية، ومرة جنوب شمال، ومرة شركاء الوحدة ولابد من الرجوع الى التقاسم، ومرة اوصياء على الجنوب او اوصياء على الشيعة).
6- إن من أعلن الإنفصال فى 1994 هم نفسهم من يعلن ويحرك اليوم وهم نفسهم 1.5 % الذين صوتوا بلا على دستور الوحدة. والقضية ليست قضية اراضى او وظائف (رغم ان هذه المشاكل موجودة فى الشمال والجنوب) فهل عندما أعلن هؤلاء الإنفصال فى 1994 كان بسبب الاراضى والوظائف والتهميش الكاذب.
7- أعداء الوحدة فى الامس هم اعداء الوحدة اليوم + اصحاب المصالح الانانية الضيقة وتجار الفوضى والعنف، ومطالبهم بالأمس هى مطالبهم اليوم (السلطة، الإنفصال، الفيدرالية).
8- إن من لا يَحترِم قسمه لا يُحترَم مهما تشدق بالكلام وضحك على البسطاء. ومن لا يحترم الأخرين لا يحترم موقعه، من لا يحترم رئيس بلده كسلطة لا يحترم نفسه كمعارضة، ولذلك هم لا يتصرفون كمعارضة بل كخارجين عن القانون، فالمعارضة تحترِم الثوابت والمجرمون لا يحترمون الثوابت.


http://www.yemenparliament.com/content.php?lng=arabic&id=45
http://www.almotamar.net/22may/showdetails.php?id=34
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/C836F037-306D-48EA-8124-F1EA5C23B730.htm


يتبع فى الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.