قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن عودة المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الدكتور محمد البرادعي، في فبراير/شباط الماضي واعتزامه الاستفرار في مصر بشكل نهائي وسعيه المستمر لإحداث حراك سياسي للحياة السياسية المصرية من خلال دعوته إلى تغيير الدستور أو على الأقل تعديل مواده المثيرة للجدل، سببت إرباكا لكل حسابات النظام الحاكم برئاسة حسني مبارك خاصة المتعلقة بخطط توريث الحكم لنجله الأصغر جمال مبارك رئيس لجنة السياسيات في الحزب الوطني الحاكم. اضافت المجلة أن تعرض الرئيس مبارك، والذي دخل عامه ال 83 منذ أيام قليلة، لوعكة صحية وإجرائه عملية جراحية بألمانيا في شهر مارس الماضي ولا يزال يعاني من آثارها حتى الآن ، زاد من مخاطر تخليه عن السلطة لأسباب صحية قبيل انتخابات 2011 قبل أن ينهي "مخطط التوريث"، الأمر الذي اضعف فرص جمال مبارك في خلافة والده لحكم مصر. ونقلت صحيفة "المصري اليوم" المستقلة عن تقرير المجلة، أن مبارك الابن حاول خلال السنوات القليلة الماضية تهيئة الأوساط السياسية والشعبية في مصر لقبوله "وريثا" لحكم مصر، خاصة في ظل التعديلات والإصلاحات الدستورية التي أجرتها السلطات المصرية عام 2007، والتي حاولت تمهيد الطريق له نحو السلطة. وأشارت المجلة إلى أن جمال مبارك سعى خلال العامين الماضيين إلي إقناع المؤسسة العسكرية بأن طموحه فيما يتعلق بخطط الإصلاح السياسي لن يحد من مصالحهم الاقتصادية أو نفوذهم السياسي. واعتبرت أن مثل هذه الأجواء، تضع جمال مبارك في موقف صعب، إذ أن تنامي مكانة البرادعي تزيد من المخاوف من السماح بانتقال السلطة إلي جمال مبارك، مشيرة إلي أنه على الرغم من الاختلاف حول من سيرث الحكم إلا أن البرادعي استطاع أن يكسب شهية الكثير من المصريين المتعطشين للتغيير. ونوهت المجلة إلى أن البرادعي يحظى بتأيد مجموعة متنوعة من المصريين، سواء من الجمهور العادي أو المفكرين أو حتى بعض أفراد النخبة المحافظة، فضلا عن أنه يتبني نهجا أقل تصادمية من أي شخص في الحكومة في تعامله مع الإخوان المسلمين. وشددت على أنه بصرف النظر عن إمكانية ترشيح البرادعي لنفسه في الانتخابات الرئاسية العام المقبل من عدمها، إلا أنه وأنصاره على استعداد أن يلعبوا دورا في مستقبل مصر السياسي، كحافز للاحتجاج اعتمادا على طريقة العصيان المدني. وأشارت "فورين بوليسي"، إلى "أن الرئيس مبارك يمكنه أن يرضخ للضغوط المحلية والدولية التي تطالبه بتعديل الدستور المصري للسماح بعملية انتخابية مفتوحة، وانتخابات رئاسية حقيقية، في ظل تنامي شعبية البرادعي، الذي حظى بمكانة سياسية مرموقة غير متوقعة منذ عودته إلي مصر، واحتمالية فوزه بالرئاسة في حالة وجود انتخابات حرة مفتوحة للجميع". كانت "شبكة العلاقات الدولية والأمن" السويسرية ذكرت في تقرير سابق لها أن البرادعي أصبح يشكل تهديدًا كبيرًا للرئيس مبارك بالرغم من أنه أعلن أنه لن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة إلا في حالة حدوث تغيير دستوري مناسب يسهل فرصة أي مواطن مصري في الترشح للانتخابات الرئاسية. وأضاف التقرير السويسري - الذي نشر علي موقع الشبكة علي الإنترنت - أن البرادعي منذ عودته إلي مصر حقق عددًا من النجاحات أهمها حشد المثقفين والأكاديميين والناشطين من حوله في إطار الجمعية الوطنية للتغيير، ودعم الإعلام له بشكل غير مسبوق علي عكس الغيبوبة السياسية التي سقطت فيها مصر منذ انتخابات 2005، مؤكدا أن أهم النجاحات التي حققها البرادعي منذ عودته إلي مصر حفاظه علي استقلاله عن التيارات السياسية المختلفة، وهو ما جعله قادرًا علي طرح نفسه بقوة كبديل للحزب الوطني الحاكم وكذلك جماعة الإخوان المسلمين. "الوقت المناسب"
الدكتور محمد البرادعي كانت مجلة "نيوزويك" الأمريكية ذكرت في عدد سابق لها أن البرادعى اختار"الوقت المناسب لإحداث التغيير في مصر"، فيما وصفت جمال مبارك بأنه "ذكى ووسيم وأنيق، إلا أنه ليست لديه كاريزما". وتحت عنوان "رجل واحد ضد آل مبارك" قال الكاتب الأمريكي كريستوفر ديكى إن "مصر على أعتاب تغيير جذري سواء كانت مستعدة له أم لا، وأكدت أهمية اكتساب البرادعي ثقة الشعب وهزيمة مناخ الخوف". وأضافت المجلة أن مصر والدول العربية تتبع في حكمها مبدأ واحداً في جميع جوانب الحياة، وهو "أن الشعب يهدف إلى الفوضى وأن اليد الحديدية للدولة البوليسية، هي التي تستطيع فرض النظام"، موضحة أن نتيجة ذلك إيجاد "مناخ من الترهيب السياسي" في ظل مراقبة أجهزة الأمن. وذكرت المجلة أن البرادعى يحاول أن يقوم بشيء أكبر بكثير من التغيير، بعيداً عن توقعات المصريين، وأشارت إلى أنه يهدف إلى قيادة حركة جماهيرية للتغيير. وأشارت المجلة إلى أن مصداقية جمال مبارك تتضاءل وسط مشاعر واسعة بأنه ذكى ووسيم وأنيق، إلا أنه ليست لديه كاريزما على الإطلاق. ونوهت المجلة عن رغبة البرادعي في قيادة طريق جديد نحو مستقبل تقدمي وديمقراطي لصالح العالم العربي بأكمله، مضيفة أن مؤيديه يصلون من أجل هذا الأمل. وذكرت أن الوقت عصيب بالنسبة لأي شخص يريد التغيير. وقالت "إن المفارقة الكبرى داخل الدولة الأمنية المصرية هي ترويض التطرف واستخدامه لتبرير تكتيكات الشرطة"، ووصفت ما يحدث ب "كليشيه" مستوحى من النظام السياسي المصري، وقالت إنه لو لم يجد مبارك "الإخوان" ليعارضوه، فعليه "اختراع" معارض له. "التغيير قادم لا محالة" في غضون ذلك، وفي أول رد فعل له على خطاب الرئيس مبارك الذي القاه الخميس بمناسبة "عيد العمال" وأكد فيه عدم تعديل الدستور، قال البرادعي "إن التغيير قادم لا محالة". وبث رسالته القصيرة عبر موقع "تويتر" على صفحته الشخصية، مشيرا إلى أن "توقيت التغيير، ومداه مرهون بإرادة شعبية قوية وواضحة ممثلة في التوقيعات، مصيرنا بيدنا". وكان مبارك قد ألمح في خطابه الى انه "لا مجال في هذه المرحلة الدقيقة، لمن يختلط عليه الفارق الشاسع بين التغيير والفوضى وبين التحرك المدروس والهرولة غير محسوبة العواقب، أو لمن يتجاهل ما اعتمده الشعب من تعديلات دستورية منذ عام 2005، وما يتعين أن يتوافر للدساتير من ثبات ورسوخ واستقرار". من جانبها، رفضت المعارضة المصرية ما جاء في الخطاب من رفض التعديلات الدستورية، حيث أكد جورج إسحق، القيادى بالجمعية الوطنية للتغيير، أن الجمعية وجميع قياداتها مستمرة قدما نحو التغيير، وأن القوى السياسية بمختلف توجهاتها أوضحت رؤياها المختلفة وطلباتها المختلفة حول التغيير والإصلاح السياسى والدستورى دون أى جدوى في من يستمع إليها، قائلا "النظام لا يستمع إلا لنفسه فقط". وحسبما ذكرت صحيفة "ألقبس" الكويتية، رأى المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، عصام العريان، ان ما قاله الرئيس مبارك من أن مصر لا تحتاج شعارات للخروج من المأزق، يجب ان يوجه "في المقام الأول لقيادات الحزب الوطني التي دأبت على رفع شعارات رنانة وبراقة السنوات الأخيرة دون تنفيذ أي شيء منها على أرض الواقع"، موضحا أن المعارضة لديها خطط وبرامج ورؤى في مجال الاستثمار والاقتصاد "لن يكون منها غلق المصانع وتشريد العمال وتركهم ينامون بالشهور على رصيف البرلمان، كما فعل الحزب الوطني وسياسته"، مضيفا أن المعارضة "لا تعطي العرب والأجانب الأرض والمصانع والعمال بأبخس الأثمان". بينما أكد القيادي بحزب التجمع حسين عبد الرازق أنه لو أنصت رجال الحكومة الى برنامج الحزب ما تعرضت مصر للأزمة الاقتصادية الأخيرة والأطروحات الخاصة بالتعديلات الدستورية، بجانب الدراسات الثلاثة التي أصدرها الحزب حول قضية الأجور والتى لم ينصت إليها الرئيس والحكومة.