سيدي الأمير لقد وفقتم بدرجة كبيرة بإنشاء قناة " الجزيرة " التي أحدثت نقلة ايجابية لا توصف للإعلام العربي وباتت قبلة المشاهدين في كل أنحاء العالم . ولعل سر نجاح " الجزيرة " كان في مساحة الحرية الكبيرة التي حظيت بها من قبل سموكم ، وكذا طواقمها التي كانت عبارة عن " كوكتيل " من مختلف المشارب والتيارات السياسية والفكرية وعصارة تجارب مهنية لمدارس صحفية . وبالطبع لقد دفعت قطر ثمنا لحرية " الجزيرة " وهي الحرية التي تجعلنا ندرك أنها نبعت من حُسن نواياكم وصواب خطواتكم في إنشاء هذا المنبر الإعلامي الكبير . وفي الآونة الأخيرة لمسنا جدلاً متصاعدا بشأن توجهات القناة وأدائها وإدارتها وتعامل الأخيرة مع المعاملين في القناة والشبكة عموماً ، وابرز ما يطرح بشأن القناة ينحصر في توجهاتها وميولها نحو التيار الإسلامي المتشدد والتعاطف معه ومع طروحاته بصورة أخلت بالتوازن المهني ، حتى أن البعض يطرح أن هذا التيار يسيطر على معظم الوظائف الصحفية والإدارية في القناة وربما الشبكة ، في المقابل جاء ذلك على حساب العاملين ذوي المشارب السياسية الأخرى ، سواء القومية أو اليسارية أو الليبرالية . ولعل ذلك يتجسد في أن القناة خسرت عددا غير قليل من ابرز الوجوه الإعلامية في الساحة العربية ، مثل : أكرم خزام ، حافظ المرازي ، يوسف الشريف ، يسري فوده ، خالد الحروب ، سامي حداد وأخيرا وربما ليس أخرا حسين عبد الغني ، وربما فاتتني بعض الأسماء . بالطبع ، ربما أسباب رحيل هذه الأسماء الإعلامية اللامعة ، ليست كما يُطرح من اختلاف مع التيار المُشار إليه ، ربما تكون إدارية ، ولكن ألا تعني هذه القائمة وهذه الأسماء شيئاً ل " الجزيرة " ؟ سيدي الأمير : لا يخفي على احد أن أي وسيلة إعلامية ناجحة ، لا بد وان تجد منافسين وحروبا غير معلنة ، لكن – باعتقادي – أن لا احد تمكن من " الجزيرة " ، وان العلة هي بداخل القناة نفسها ! ودليل جديد على أن تياراً معينا ومتزمتا ، بات يُسيطر على القناة ، هو الأزمة الأخيرة التي نشبت مع خمس مذيعات ، قدمن استقالاتهن وتسربت أنباء صحفية أن الأزمة حول " احتشام " المذيعات ، والكل يشهد أن مذيعات " الجزيرة " محتشمات ومحترمات ومحترفات للعمل الصحفي ، وبالتالي ماذا يراد ب " الجزيرة " من أهلها ؟! . سيدي الأمير : لا اعتقد انه يعيبكم ، كأشقاء في قطر ، أن يقال أنكم دولة صغيرة وان " الجزيرة " هي من أشهرت هذه الدولة ، فلكم مواقفكم القومية التي لا يستطيع أن يزايد عليها احد ، ولكم مساعيكم في المصالحة في لبنان والسودان وفي اليمن وجيبوتي واريتريا وغيرها . لقد اكتسبتم بتلك المواقف احترام وحب الشعوب العربية ، ولا اعتقد أنكم ستسمحون بان يُخرب انجازكم الإعلامي من قبل بعض ممن وثقتكم فيهم وقربتموهم . الخلاصة .. إذا استمر حال " الجزيرة " على ما هو عليه .. فبعد وقت ليس بالقصير أو الطويل .. ستفقد ألقها ومصداقيتها !!