ذكرت تقارير إعلامية أن المفاجأة التي وعد بها الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، بعد غد الاثنين، والخاصة بكشفه معلومات تؤكد تورط إسرائيل في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، تثير انقساما بين الأوساط السياسية اللبنانية بين مؤيد ورافض لهذا التوجه الجديد للحزب، وذلك في الوقت الذي حذرت فيه وسائل اعلام عبرية من انهيار صورة إسرائيل المستمرة دولياً في ظل اتهامات نصر الله، لتل أبيب بالتورط في اغتيال رفيق الحريري. وللمرة الاولى منذ زمن بعيد، يلجأ الحزب الى الكشف عن وثائق ومعلومات تتعلق أساساً بالحرب الامنية المفتوحة بينه وبين إسرائيل منذ نحو عقدين، تلك الحرب التي تطورت تطوراً غير مسبوق في الاعوام القليلة الماضية، والتي اتاحت للجانبين التعرف على امور كثيرة لا يعرفها لا الجمهور في لبنان ولا حتى الجمهور الاسرائيلي. ومن المتوقع أن يجدد نصر الله التأكيد في مؤتمره المرتقب على معادلة الجيش والشعب والمقاومة، في سياق ما سيقدمه من عرض يتصل بالأوضاع الداخلية وخاصة موضوع التحقيق الدولي في قضية اغتيال الحريري، ولا سيما مسألة الكشف عن معطيات أمنية يملكها الحزب وهي على جانب كبير من الخطورة، نظرا لما يمكن أن تحدثه من تداعيات على صعيد نجاح المقاومة في خرق بنيان المؤسسة العسكرية والأمنية في إسرائيل. في هذه الأثناء، استبق سياسيون لبنانيون ما سيعلنه نصر الله بعد غد، فتمنى عضو تكتل "لبنان أولا"، النائب نهاد المشنوق: "لو كان نصر الله قد توجه مباشرة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري من دون خوض الإعلام في معلومات قد تكون مثيرة للاشتباك وللخلاف حول عناوينها"، مؤكدا أن "أي معلومات عند نصر الله إطارها الطبيعي هو اللقاء المباشر بينه وبين الحريري". وحسبما ذكرت صحيفة "الشرق الاوسط" السعودية الصادرة في لندن، اعتبر أن "فرضية توجيه الاتهام إلى حزب الله في قضية اغتيال الحريري هي مسألة بالغة التأثير على السلم الأهلي وليس فقط على حزب الله، فعلى الرغم من أنها افتراضية، لأن أحدا لا يعرف ماهية القرار الظني بعد، فإن حزب الله الذي رأى في ذلك استهدافا مباشرا له، استنفر مباشرة وعلى أعلى مستوياته". ورأى المشنوق أن حزب الله، "لجأ إلى العنوان الخطأ إذ إن ما يقوم به هو مجرد تعبئة لجمهوره وأن نصر الله مستمر في حالة التعبئة التي يقوم بها منذ أسابيع". بدوره، دعا عضو كتلة "المستقبل" النائب جمال الجراح، الى "وضع ما سيكشف عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد غد الاثنين من معطيات وأدلة حول عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بتصرف المحكمة الدولية". وأوضح في حديث الى صحيفة "الأنباء" الكويتية الجمعة، أن "الجميع سيكون بانتظار ما سيقدمه السيد نصر الله من معطيات تكشف ضلوع إسرائيل في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وذلك انطلاقاً من حرص قوى "14 آذار" على كشف الحقيقة، وعلى عدم اتهام بريء وتبرئة قاتل"، لافتاً الى أن "المحكمة الدولية ستكون أيضاً بانتظار ما سيكشف عنه نصرالله من معطيات وعد بها". من جانبه، اعتبر عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب أنطوان زهرا أن "مصداقية المعطيات التي لدى السيد حسن نصر الله تسقط لأنه مر عليها 5 سنوات من دون أن يكشفها، وسننتظر ما سيصدر عنه لكي نرى إلى أي درجة يمكن التعاطي معه بجدية". وأشار إلى أن "ثبوت اتهام إسرائيل باغتيال الرئيس رفيق الحريري يريح الحياة السياسية ويناسبنا أن يكون العدو هو المجرم وليس أي طرف داخلي أو عربي"، وقال إن "المحكمة الدولية عنوان تفصيلي في قلب الأزمة الكبرى.. ومن حقنا انتظار ما سيصدر عن المحكمة الدولية ليتم التعاطي معه، وأن أي قرار ظني لا يستند إلى أدلة وإثباتات لن يتم التعامل معه بجدية". أما منسق الأمانة العامة لقوى "14 آذار"، النائب السابق فارس سعيد، فعلق على معلومات نصر الله في هذا الخصوص، وقال: "نحن نستغرب كيف أن حزب الله الذي يحارب إسرائيل يمتلك مثل هذه المعلومات ويحجبها عن لجنة التحقيق الدولية والمحكمة الدولية". وسأل: "ما دام أن حزب الله يعرف بهذه الأمور، لماذا لم يعزز وجهة نظره التي تقوم على اتهام إسرائيل بالاغتيال؟ فإذا كانت إسرائيل هي التي اغتالت الرئيس رفيق الحريري وسائر الشهداء فهذا يكبر شهداءنا ويزيد من قدر شهادتهم، ولكن على السيد نصر الله أن يقدم ما لديه من معلومات إلى المحكمة وليس إلى الشعب اللبناني". علامات استفهام كانت صحيفة "اللواء" اللبنانية ذكرت في عددها الصادر الخميس، ان نصر الله فجر قنبلة قد يكون تأثيرها على الداخل اشد وطأة من قنبلته الاولى وهو اتهامه اسرائيل بأنها وراء اغتيال الحريري، وان لديه من الوثائق والبراهين ما يثبت مسؤولية اسرائيل عن الاغتيال. وقالت: "هذه القنبلة التي فجرها الامين العام لحزب الله بعد مرور خمس سنوات على اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه واغراق لبنان بأزمة، طرحت عند الكثير من لبنانيين وعرب وغيرهم علامات استفهام حول الاسباب التي دعت نصر الله الى ان يخفي هذه الوثائق التي تدين اسرائيل بالاغتيال عن الرأي العام اللبناني والعربي والدولي طوال هذه المدة ولم يبادر الى الاعلان عنها عندما كانت اصابع الاتهام توجه الى السوريين، بل بادر اليها عندما لاحت عبر بعض وسائل الاعلام الغربية والعربية مؤشرات الى احتمال ان يدين القرار الاتهامي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان عناصر من حزب الله بالضلوع في جريمة الاغتيال". اضافت: "هل يصدق احد ان الامين العام لحزب الله لا يعرف بأن سكوته على هذه المعلومات الخطيرة طوال هذه المدة التي عصفت بالاحداث الداخلية الخطيرة، وكادت ان تحدث حرباً سورية لبنانية، خطيرة ويساوي جريمة الخيانة العظمى او كما يجمع عليه رجال القانون الجزائي بأن الساكت عن مرتكب الجريمة يعتبر بمثابة شريك في ارتكابها". وتابعت: "غير ان هذا الطرح يقابله طرح آخر معاكس من جانب المقربين من حزب الله وهو ان الحزب لم يكن يملك اية معلومات او وثائق تشكل قرينة اتهام اسرائيل بجريمة الاغتيال وعندما توافرت هذ المعلومات والوثائق سارع الامين العام للحزب الى الوعد بالاعلان عنها موثقة الى الرأي العام اللبناني اولاً والعربي والدولي حتى يطلع الجميع على الحقيقة، التي يريدها حزب الله اي طرف آخر، لان معرفة حقيقة من اغتال الرئيس الحريري تريح الجميع وتريح البلد الذي يتخبط منذ وقوع الاغتيال بأزمة خطيرة تهدد مصيره ووحدته".
مخاوف إسرائيلية
في غضون ذلك، حذرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير لها الخميس من انهيار صورة إسرائيل المستمرة دولياً في ظل اتهامات حسن نصر الله، لتل أبيب بالتورط في اغتيال رفيق الحريري. وأوضحت الصحيفة أن الوضع علي الحدود والاشتباكات الأخيرة التي جرت مع الجيش اللبناني لن تؤدي إلي حرب جديدة مع حزب الله، مضيفة في تقريرها أن التهديد الحقيقي الآن هو النتائج التي ستسفر عنها التحقيقات في مقتل الحريري في ظل تهديدات حسن نصر الله بامتلاكه أدلة علي تورط إسرائيل في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق. وأضاف كبير محللي الصحيفة الإسرائيلية أن الاشتباك الذي وقع بين الجيشين الإسرائيلي واللبناني علي الحدود لن يؤدي إلي وقوع حرب جديدة مع منظمة حزب الله اللبنانية، خاصة أن حكومة بيروت حكومة هشة وضعيفة إلي جانب أنها تتخذ جانب الاعتدال ولا ترغب في حرب جديدة مع إسرائيل، موضحا أن الخطر الحقيقي يكمن في الأدلة التي قال أمين عام حزب الله إنها تكشف عن تورط تل أبيب في مقتل الحريري واصفا تلك الأدلة بأنه بعد كلمة نصر الله فإن قضية رئيس الوزراء اللبناني لم تعد مشكلة سورية سعودية لبنانية بل أصبحت إسرائيلية أيضا. وقال إن اتهامات نصر الله لإسرائيل تأتي وسط اتهامات أخري لها بالتورط في اغتيال القيادي بحركة حماس ،محمود المبحوح، والذي لقي مصرعه نهاية يناير الماضي في دبي، واتهمت الحركة الفلسطينية وشرطة دبي جهاز الموساد الإسرائيلي باغتياله، وأوضح المحلل الإسرائيلي أن موجة الاتهامات المستمرة ضد تل أبيب تسيء لسمعة تل أبيب ومكانتها الدولية، حسب وصفه.