ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في شعر المناضل /عثمان أبو ماهر من منظور تنموي.

لست متخصصاً في الأدب والشعر، فذاك مجال له رواده وفرسانه، لكنني سأحاول في هذه الورقة قراءة شعر المناضل عثمان أبو ماهر من منظور تنموي،من خلال الرصد والتحليل، لديوانه (النغم الثائر)،وما دفعني لذلك ما لاحظته من إهتمام كبير تفرد به الشاعر في تركيزه على الزراعة،رغم انه خاطب المدينة والريف،وجميع مكونات الواقع اليمني، لكنه جعل للريف مكانة خاصة في شعره، ربما لأن الزراعة هي مجال العمل الواسع، والنشاط الإنساني اليومي الأكثر ممارسة لمجتمع الريف، برجاله ونسائه، كباره وصغاره .
وكان لهذا العمل أو النشاط، ومازال، روافده المختلفة، التي اعطت له زخماً كبيراً، وحافزا ودافعاً لمواصلة المسار، وبذل الجهد والسعي الدؤوب للوصول إلى مستوى معين من المحصول الزراعي الفصلي والسنوي، كمورد اقتصادي تعتمد عليه الأسرة في تسيير شئون حياتها على مختلف أيام العام .
وإحدى هذه الروافد إستخدام الإغاني والمهاجل والزوامل والاشعار والأمثال الشعبية، حيث تساعد في التنشئة الاجتماعية من ناحية، وتساعد على أداء العمل في نشوة وسعادة تحفز على إعطاء الأرض جهد يتناسب مع حاجتها وعطائها، فكان علي ولد زايد والحميد بن منصور، وعثمان ابو ماهر، وأيوب طارش عبسي، وغيرهم، جزءاً من هذا الواقع، من خلال ما قدموه من عطاء مختلف، يمثل جزءا من حياة المجتمع خاصة في الريف،وقل أن تجد من لا يعرفهم أو يسمع بهم، فبالرغم انني لم التقي عثمان ابوماهر، لكنني سمعت به من الأغاني التي أداها الفنان القدير ايوب طارش عبسي، وكوّنا في فترة ما ثنائياً كان يحمل خصوصية وميزة وهو أنه كان يرحل في عمق التربة اليمنية.. كانت الزراعة وما يتعلق بها من تقليب للتربة ومن بذر ومن حصاد هي المحور الأساس في كثير من الأعمال الغنائية التي غناها الفنان الكبير أيوب طارش لعثمان أبو ماهر،وهي أغانٍ على بساطة مفرداتها إلا أنها اكتسبت وقارها وجمالها من تقديسها للأرض التي كان المزارع اليمني القديم وثيق الصلة بها ومخلصاً لها، وفي أكثر هذه الاغاني يحث الشاعر المواطن العادي والمزارع على الاعتناء بالأرض وإعطائها ما تستحق.. فالأرض هي الرافد الحقيقي والمعطاء وهي رمز كرامة الشعوب وغناهم، فأغانيه لم تغادر هذه الواحة الخضراء بل تبدت سيمفونيات جميلة تعزفها شبّابة الفنان الكبير أيوب طارش في الحقول والوديان والمراعي الخضراء المترعة بجمال أخاذ، كانت أشبه بمهاجل يرددها الزّراع وهم في مرحلة البذر أو الحصاد، وقد طافت هذه الأغاني في عدد من سهول اليمن ووديانها وامتدت إلى أكثر مناطق اليمن من شباب حضرموت، وأبين ووصلت إلى أقصى غرب اليمن، في تهامة، ومن وادي بنا حتى مأرب، ومن الجند، حتى جماعة في صعدة، ومن بني حماد في تعز، حتى حجة .
ثم يأتي الفنان الكبير - دائماً - أيوب طارش ويُلبس هذه الأغاني الزراعية ألحاناً تجعل من يسمعها يذوب فيها ويتوحد معها..فما برحت أغانيه تتوهج في وجداننا حتى بعد مرور عقودِ من الزمن عليها.. فمن الصعوبة أن ننسى (معينة الزراع، هيامة الصراب، شُبّابة الساقية، مزارع امحب، نشوة العمار ، لحن الحقول) وغيرها من الأعمال الخالدة التي ساهمت موهبة الفنان الكبير أيوب طارش في أرشفتها في ذاكرة الناس.
من خلال هذا التمهيد، ندلف إلى محور قراءتنا، وتتكون من أربعة أقسام:
1-رافد تشكيل فكره ورؤيته :
2-رؤيته ومنظوره التنموي
3-مقومات التنمية كما هي في شعره.
4-الاستنتاجات .
وعلي النحو الآتي .
1-روافد تشكيل فكره ورؤيته :
من الملاحظ أن الشاعر ولد عام 1944ونشأ في فترة تاريخية، لها عواملها الإجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية، فالإتجاهات الفكرية والسياسية،في تلك الفترة، وعمله العسكري،ودراسته للقرآن الكريم في كتّاب قريته، ثم رحلته إلى مكة المكرمة، ودراسته في الرباط اليماني، الفقه والحديث والتجويد، فتفاعلت شخصيته مع هذه العوامل والظروف، وشكلت بمجموعها وعيه، وكونت فكره،وصنعت رؤيته،حول القضايا المختلفة،فكتب الشعر، في عمر 20 عاماُ، حتى صار عَلَمَاً من أعلام الكلمة المضيئة في بلادنا وواحداً من عمالقة الشعر والحرف والوطنية، شاعراً بحجم الوطن وكاتباً بمساحة الحقيقة،وممن أخذوا على عاتقهم النهوض بتقاليد النضال والحرية في ظروف سياسية وإجتماعية وثقافية صعبة،كان له قصب السبق في إجتراح الدروب الشائكة ورفع قضية التحرر عالياً في سماء شاهقة وأرض خصبة بالحياة،وكان لقصائده وقع الضوء في عتمة الجبال والسهول والأودية، كانت تحط مليئة ببذور المستقبل الواعد الذي ما يزال الوطن مثابراً في إنتظاره.
2-رؤيته ومنظوره في التنمية :
التنمية في منظوره مفهوم واسع ومتنوع، له مدخلاته وعملياته، ومخرجاته، ولا يقتصر على جانب دون آخر، فالتنمية الذاتية،والفكرية والسياسية، والإقتصادية، والإجتماعية، تساند بعضها بعضا،وكل منها له مجاله، وإمتداده .
أن الخير موجود في العقول والنفوس والمجتمع، والخيرات موجودة في الأرض، والتنمية في مفهومها الشامل، إذكاء للهمة، وتقوية للإرادة، وتنمية للمشاعر والإحساس،وغرس للقيم،وحشد للطاقات، وتجميع للجهود، وإدارة وتخطيط للموارد، فالتنمية بالنسبة له، تعني الوطن، الحضارة، اليمن السعيد، ولن يتحقق تكاملها، دون تفكير استراتيجي، وتخطيط للمستقبل، ولعل ما يسند ذلك الشواهد الآتية :
-تسمية ديوانه بالنغم الثائر .
-تكون الديوان من 60 قصيدة، ومسرحية واحدة .
-توزعت القصائد بين جوانب التنمية المختلفة، شملت 20 قصيدة في بعدها الفلسفي والفكري، 5 قصائد في البعد السياسي، 16 قصيدة بعدها الإنساني ،الذاتي، و10 قصائد في البعد الإقتصادي، و10 قصائد في البعد الإجتماعي،هذا فضلاً عن الثراء والزخم التي تضمنته مفردات القصائد، بألفاظ وكلمات معبرة عن عمق رؤيته ومنظوره التنموي .
-بدأ ديوانه بقصيدة (اهزوجة الشعب)،وختمها بقصيدة لم لا تسمو النفوس،فالأولى ترسم معالم الحرية،كبعد فلسفي وفكري، والأخيرة تدعو إلى سمو النفوس، والسلام والوئام كبعد إجتماعي، وبينهما تأتي الأبعاد الأخرى .
-وزع قصائده في الديوان حسب الموضوع وليس تاريخ كتابتها، قسم الديوان إلى قسمين أو مرحلتين، تمثلت الأولى بالتنمية كثورة،وتتضمن لقصائد ذات الصلة بقيم الثورة والحرية والعدل،والولاء والإنتماء الوطني، ورفض الإستبداد والظلم،والتضحية بالروح في سبيل الوطن، ليستقيم الأمر ويتأسس العدل، فأسست هذه المرحلة لمراحل أخرى ثم بعد ذلك تأتي المرحلة الثانية، مرحلة التنمية الاقتصادية والإجتماعية، وصولاً العزة والكرامة، الى إستعادة الحضارة المفقودة التي ينشدها،وما يوضح ذلك هي قصيدته (اغنية الفصل)،حيث فصلت بين المرحلتين، وأردفها بقصيدة النغم الثائر (عنوان الديوان) وتدور حول ثورة (26 سبتمبر) بإعتبارها نقطة فاصلة، وبداية تحول في التاريخ اليمني المعاصر،ثم جاء قصيدة (قبلة)،وتمثل هذه القصيدة (عنوان رؤيته، وجوهر منظوره) ، حيث قال فيها بوضوح :
قبلت جبهتك العريضة ألف مرة .
وشممت فيها الحب حبك ما أمره .
وبكيت بين يديك أرقت دمي لحبك ألف كرة .
وعصرت كل حصاك بين ضلوعي العطشى يا صنعاء خمرة
ثم يقول : بالأمس كانت ريحة البارود أنفاسي .
وكانت لغتي رصاصات البنادق
لتعيشي الف مرة
من أجل ان نحيا في ظلال الحب والأخلاق
في المزارع والمصانع والعرق الذي تزدان فيه الجبهة الشماء أقبلها وأرضع ثديها ظلاً وخضرة
من أجل ان أحيا صباح العدل فوق الدرب سائر
والطل يهدي للربى في وقعه نغمات شاعر
من أجل أن تتربع الأعماق ربات الظفائر
من أجل أن يحيا طموحي يماني اللحن ثائر
يا سكرة الحب الذي لا ينتهي
اهواه من قلبي وأطمع الف سكره .
وشكل بذلك أنموذجاً حضارياً في فكره، واستراتيجياً في رؤيته، وتنموياً في منظوره، وجاءت قصائده متسقة مع قراءته للامتداد التاريخي والثقافي للحضارة العربية والاسلامية، بشكل عام، واليمنية، على وجه الخصوص، ورؤيته للواقع واحتياجاته، ونظرته للمستقبل، ومتطلباته .
3-مقومات التنمية كما هي في شعره:
-الهوية، والانتماء والولاء الوطني :
في قصيدته التي حملت اسم الديوان (النغم الثائر) نجد معاني الولاء الوطني تتجلى في ابهى صورها حيث يتحدث عن تراب الوطن الغالي معطيا إياه ثلاثا من المعاني والصفات المختلفة، فتراب الوطن هو سطور من دماء الشهداء ، وضياء في طريق الأوفياء ، ونشيد في قلوب الشرفاء ؛ ثم يخاطب الوطن ويعاهده بنذر روحه وجهده الفكري والعملي في سبيل نصر وعزة اليمن، ومن ثم يعود ويتفاخر بهويته اليمنية حينما خاطب كل من يسأله عن هويته: بأنه يمني الانتماء، وكذلك يمني الكلمة واللحن، ومعيداً للأذهان تاريخ اجداده وحضارتهم القديمة مثل الملكة بلقيس ، واروى :
يانسيماً عابقاً كالزهر
ياجلال الحق صوت القدر
ياسطورا من دماء الشهداء
يانشيداً في قلوب الشرفاء
الى قوله :
لك روحي كله يايمني
أنا شدو في لسان المؤمن
أيها السائل عني يمني شعري وفني
لك جهد في سباق الزمن
أنا نبض في ضمير الوطن
فاطربي بلقيس في الأجداث يا اروى وغني .
وفي بداية الديوان يقول: أصلي ارى موطني في دمي يصلي فأقرأ فيه الحضور
وأبكي خشوعا بمحرابها بلادي وأتلو الضحى في حبور .
وفي قصيدة ( بنت اليمن ) كتبها على لسان كل إمرأة يمنية تتطلع لمستقبل زاهر ، متفاخرةً بأمجاد المرأة اليمنية علي مر العصور إبتداءً بالمكلة بلقيس وسبأ ، وأروى ومؤكدة أنها ستعيد أمجاد وحضارة تاريخ أجدادها، وأنها سوف تضاهي بتاريخنا الناصع والعريق كل حضارات الدنيا ولن تجد لحضارة اليمن أي منافس أو منازع، ثم ينتقل إلى العصر الحديث مؤكداً على لسان بنت اليمن تفاخرها بشهداء ثوراتها، والذين تساقطوا من أجل عزة اليمن، وسيادتها على كامل اراضيها ، ولم ينس ان يعطينا درساً في الولاء الوطني فيقول على لسان بنت اليمن ان سقوط الابطال على الارض كان من أجل تقبيل الأرض واحتضانها ، والتي جاء فيها :
أنا بنت بلقيس اليمن
أعيد لمأرب تاريخه
أضاهي به الأفق في كل فن
وأعدو سماه ومريخه
فكم من شهيد تغنى به
وضم التراب بتقبيله
وأقسم اما حياة الكرام
وإما مماتاً لتخليده
وفي قصيدة (نشوة العمار)
قرن الشاعر حب الوطن بالعبادات الدينية حيث جعل حب الوطن كعبادة الصوم ( ركن من أركان الإسلام ) .
حب الوطن كالصوم واجب قبلوا جناب إب .
وفي قصيدة زغاريد الغيول، يتغنى بالوحدة، حيث تمنى ان يكون طيرا لا يخضع لإشارات المرور ولا حرس الحدود حتي ينزل عدن فجراً يتنقل فيها حيثما شاء ولا يسأله أحد الى أين ؟ من تزور؟ أين التصريح ؟ وأيضا تمنى أن يعود من عدن بنفس اليوم بمعنى ان ينام في قرية حجور محافظة حجة .
ياليت وأنا طير مايحمل مرور
شنزل عدن فجر وشمسي في حجور
محد يقل لي علومك والطيور
ولا يسائل إلينه من تزور
يوم كنت جاهل تجرعت الامر
من غاب قالوا عدت شلت نفر
واليوم شبيت وعلمني البصر
أن اليمن واحد بحرا وبر
شلال وادينا شل العقول
وشلَ [لبين زغاريد الغيول
وحدة بلادي فغني ياحقول
غني لها عانقيها ياسبول
غنيت انا رأس عيبان الصمود
للأرض للشعب وللوحدة الخلود
وابصرت ردفان يحلف مايعود
لا الشعب شعبين ولانقبل حدود
-الحرية :
فلا معنى للحديث عن التنمية من دون الحرية، فالتنمية، حرية .
لم ذي السجون وذي الزنازن والعصي؟؟
لم ذي الصخور تفلق الهامات ؟.
لم ذي المشانق ركزت لشبابنا؟
لم ذي الدماء تسيل كالقنوات؟
إلى قوله:
لن يضعف السجن الرهيب عزيمتي إن السجون ينابع الثورات.
وفي قصيدة أخرى يعاتب السجان ويلتمس العذر للقيد ومذكراً السجان وأسياده أن الدهر غير مؤتمن وجاء فيها:
غفت عيوني وقيدي ما غفا أبدا
كالطفل يصرخ إن لم يحتس اللبنا
يعض ساقي بلا قصد براءته
كالطفل ينهش ثدي الأم ما فطنا
ماذا يفيدك ياسجان من ألمي
تراك ظننت الدهر مؤتمنا
-العدل :
ان العدل أساس الملك، هكذا قالوا، والشاعر هنا يؤكد ذلك:
يارب دينك باسم الدين يغتال اعداء عدلك حكام وعمال
وبعض من يدعي علما ومعرفة لشرعة الله ظلام ومحتال
قالوا وزارة عدل قلت مقبرة للحث فيها وجوه الظلم تختال
-الحب :
سواء كان ذلك خاصاً ام عاماً، فجاءت كثير من القصائد ذات العواطف الوجدانية
اجوع وابكي لأشيع من دمعة الشوق للأرض للزرع للماشية
اغني لنهر عشقناه يمر على تربة الجائعين
وفي قصيدة سلو حبي يقول:
زرع هذا الروض ارواه المطر
وفؤاد الورد غذاه نداء هذا السحر
وفؤادي مارتوى مالقلبي، انا ياحبي بشر
-الجمال والذوق :
تمتلئ قصائده بالالفاظ الجمالية، ودلالاتها، صور الطبيعة، وموسيقى الحقول، والدراديش، وغرس الشجر، والطيور، والانهار، وغيرها من الالفاظ التي تنمي الحس الجمالي،
مواسم الحب شبت في عيون الشباب محلى الشجر بالتعاون في السهول والهضاب
بل ويمتد الى ابعد من ذلك حينما يجعل العمل قائما على الذوق وليس الأمر، فيقول في قصيدة (مزارع امحب) :
واصاحب امكف مسمر حان غرس ام شجر
مد اميديها واجهد ادعيك محد أمر
-العمل والانجاز، والابتعاد عن الكسل:
ففي قصيدته (لحن الحقول)
يافتى يا بتول قوم احرث وقول مات عهد الخمول
الا معين ما في المقايل لنا خير
وفي قصيدة مزارع محب
غرس وانا بمعرق شروي عروق امشجر
عروسة ام بحر تدعينا وخي امقمر
تقول يابن التهايم حان غرس امشجر
-التعاون، والاتحاد :
في قصيدة (معينة الزراع)
الا معين تعاونوا ياجماعة الا معين تعاونوا بالزراعة
الا معين حب التراب هو بضاعة
بالتعاون نقوي الزراعة بالتعاون جنب الصناعة
بالتعاون الارض تندي بالتعاون ساعة بساعة
وفي قصيدة لحن الحقول يقول:
يابلاد السدود بالتعاون نسود فوق هام الوجود
وانحناء الورود حول حضن البرود خالداً لا يزول
وفي شبابة الساقية :
ياحب حبي زراعة زرع الشجر ياهل لاعة
مدوا الايادي جماعة من الجند لاجماعة
-الاستقلالية والاعتماد على الذات :
في قصيدته معينة الزراع نجد ذلك واضحاً
الا معين الا يالله يارازق الطير الا معين الاترزق تخارج من النير
الا معين مافي المقالي لنا خير الا معين الا ولا السؤال من يد الغير
وفي قصيدة لم لا نسمو:
لم لا تسمو النفوس اذا جن الزناد وجعلنا للعقول الانقياد
وجمعنا شملنا في اتحاد وركعنا في محاريب الوداد
-الامتداد الثقافي والحضاري:
كثيرا ما يلفت الشاعر الانتباه الى الحضارة العربية واليمنية الممتدة في عمق التاريخ، فيتحدث عن سد مأرب، وسبأ، وارض حمير، ففي قصيدة لحن الحقول :
يامعبد الشمس كم لك محتجب واحبيب
قلي متى بعد ماقاسيت شوق الغريب
تعود شمس الحضارة منك بعد المغيب
والسمر يحين من حولك رنين الحجول
بشراك ياماأرب الامجاد عدنا وعاد
يهدي لك الخير نجل ااقوياء الشداد
يبني ويزرع غرس البن في كل واد
لا بد ماتلتقي فيه الفروع بالاصول
شواصل السير ياتاريخ سجل مسير
واكتب على صفحة الايام حرف المصير
واشهد مع الكون فردوس الاماني الخضير
هذي بلادي وانا فلاحها والبتول
وفي شبابة الساقية:
حان غرس الشجر هيا اغرسوا ارض حمير
-الادوات والتجهيزات :
فكما التنمية فلسفة فهي كذلك اجراءات وتتطلب مجموعة ادوات، منها ماذكره في قصيدة بتول بن بتول:
من الربادي نزل بالسحب والمنجل
يغرس اشجار يرويها نجوم الطل
وفي قصيدة لحن الحقول يشير الى الماء
شني المطر ياسحابة، فو قخضر الحقول قولي لأرب متى سده يضم السيول
وفي شبابة الساقية
والبن والزرع والدردوش قد ضمنا واصبح الحب في دنيا المحبة لنا
وفي جميع قصائده يخاطب الانسان باعتباره محور التنمية واداتها .
-الزراعة والصناعة :
الأرض والزراعة عنده محبوبته الوحيدة، حيث شكلت الزراعة هاجساً كبيراً في أشعاره، فجاءت عبقة ندية برائحة الفل والكاذي والجهيش وعرف السبول والمحاجين، وعلى هذا النسق جاءت تسميات قصائده (معينة الزراع، بسمة الزراع، لحن الحقول، شبابة الساقية، مزارع امحب، هيامة الصراب، نشوة العمار) :
ففي شبابة الساقية يقول:
أرضي أنا يا ابتسام الحب في كل جيل
يا أرض نشوان يا تاريخ شعبي الأصيل
ياشباب البكر الجد بالخير بشر
حان غرس الشجر هيا اغرسوا ارض حمير
في قصيدة قبله
من اجل ان نحيا في المزارع والمصانع والعرق
تزدان فيها الجبهة الشماء
وفي لحن الحقول
قبلوا يا شباب سدكم والترب بعد طول الغياب
واهجلوا بالحلول بألمها يد شمول في سفوح السحول
حان وقت الصراب يامحاجين آب آه ماحلى السبول
وفي هيامة الصراب:
يرشد الشاعر الاجيال المتعاقبة للاهتمام بالارض وفلاحتها حيث يرى ان دخن اليمن له رائحة الشذى وهو كالحب ما أحلاه وما أروعه مخاطبا جيل الشباب ألاّ ينسى مرعى البقر والشاه (رؤوس الجبال ، المخالف والوديان والسوائل ) وأن الذي ينسى ارضه فإننا كمجتمع نلفظه بمعنى أننا لانحبه ولانهواه ، ولقد وصل حب الوطن في شعر أبي ماهر بأن جعل شرط الاقتران بين الرجل والمرأة حب كل منهما للأرض بقوله : واللي نسى ارضه والله أنا ماشاه
دخن اليمن ما اشذاه والحب ما أسماه
يا جيل لا تنساه مرعى البقر والشاه
واللي نسى ارضه والله أنا ماشاه
الارض يا عشاق هي جنة المشتاق
وماؤها الرقراق يداوي الاحراق
وتربها من ذاق يهذب الاخلاق
-الوعي:
ولا وعي من غير تعليم يصنعه، وينميه، ففي قصيدة لم لا تسمو النفوس:
يا بلادي علمي من يدعي اننا قطعان ضأن لا نعي
علمي جهل الجهالات اصفعي ناقة الصحراء وثوري واخلعي عنك ثوبا طرزوه بالدماء
-الشمول والتكامل :
حيث ينظر الشاعر الى التنمية بشمول يتناول ابعاد مختلفة من حيث الجغرافيا يتحدث عن جغرافيا الزراعة ووديانها (ارض الجنتين، مأرب، بنا، تهامة، سهام، اللحية، بعدان، السحول، السيف، ذي سفال، الضباب، صبر، الجند، جماعة، في صعدة)، والجبال والهضاب والسهول .
يتحدث عن المصانع، والمزارع، والشجر والبن والورد والزهر، والسيول، والجبال .
-استغلال الوقت:
بورك لامتي في بكورها، كما جاء في الحديث الشريف، وفي شبابة الساقية يؤكد هذا المعنى :
يا شباب البكر الجد بالخير بشر
بالله عليك وازخم لملم لي اشواقي
بكر معي من غبش نغرس على امساقي
ام زرع اممحبة شجر بكر هنتلاقي
بين امشجر بامتعاون نكمل الباقي
هيا معي وامزمم تهامة مطل
نغرس ام شجار امخير حل
هيا معي وامزمم وحالي اممقل
نسري مطل نغرس ام شجار خل امكسل
-الاستدامة:
الوفاء باحتياجات الحاضر، دون استنفاد حاجات أجيال المستقبل، من سمات التنمية المستدامة، وفي لحن الحقول يوضح ذلك:
شني المطر يا سحابة فوق ودياننا واروي تراب السعيدة لأجل اجيالنا.
بالاضافة إلى تركيزه على غرس الشجر، ودلالات ذلك كجزء من الاهتمام بالبيئة وحمايتها من اجل استدامتها.
-الاستنتاجات :
من خلا ما سبق يمكن لنا ان نستنتج :
-شمول مفهوم التنمية للأبعاد الفكرية والوطنية، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتكاملها مع بعضها .
-تلازم التنمية والحضارة وعلاقتهما الوطيدة وتأثير كل منهما في الآخر، في منظور الشاعر.
-اعتبار الزراعة المدخل الاساسي في التنمية الاقتصادية، كما يتبين من قصائده ذات الصلة
المراجع :
-عثمان ابو ماهر، ديوان النغم الثائر، ديوان شعر، 1993، بغداد، العراق .
-أمين العفيف، الولاء الوطني في شعر عثمان ابو ماهر ،صحيفة 26 سبتمبر، العدد (1592)، 18-9-2011م.
-أمين العفيف، الولاء الوطني في شعر «عثمان أبو ماهر، صحيفة الجمهورية، 5-2، 2011م .
-نياز محمد عبد الرؤوف ، عثمان أبو ماهر آخر ناسك في محراب الأرض والوطن، صحيفة الجمهورية، 31- 1- 2013م .
-عبدالمغني القرشي، حتى لا ننسى عثمان أبو ماهر، صحيفة الجمهورية، 11 -2- 2008م .
-------------------------------------
د.عبدالغني علي صالح المسلمي*
* رئيس وحدة البحوث والدراسات بدائرة التطوير الأكاديمي وضمان الجودة-جامعة تعز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.